• ×

يوسف الجلال : الشعب استنفد حصته من الصبر ولم يعد هناك ما يحفز على التحمل

لو يسمعون ..

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية 

لم يعد الأمر ممكناً، فقد تلاشت طاقة الاحتمال.. ولم يعد هناك ما يُحفّز على التحمل، فقد استنفد الشعب حصته من الصبر على انقلابيي الإنقاذ، الذين جاءوا إلى السلطة على صهوةِ مدرعات الجيش.

ومنذ مطلع يوليو 1989م، وحتى يوم الناس هذا، أصبح الإنقلابيون أمراً واقعاً، إذ أن أحداً لم ينتخبهم لمهمة الإجهاز على الحكومة المنتخبة. فقد قرروا من تلقاء أنفسهم القيام بالتغيير العسكري، بعد أن خمنّوا أن الوضع كارثيٌّ، وتواثقوا على أن يُغيّروا ما ظنوا أنه كارثة. وبناءً على ذلك، وضعوا حداً للديمقراطية في نسختها الثالثة، دون مشورة الشعب أو استفتائه..!
لكن مع ذلك فهناك من صفّق للانقلاب، من منطلق أيدلوجي، بحسبان أن الانقلابيين ينتمون إلى جبهة حسن الترابي، المعروفة بالجبهة الإسلامية القومية. وأيضاً هناك من صفّق للانقلاب من خارج اتباع الجبهة الإسلامية، بعد أن سوّق الإنقلابيون للبسطاء فرية أن النظام حينها يعاني من فلتان أمني وانهيار اقتصادي، مقرون بضائقة معيشية طاحنة.

الآن تبدو ذات الأسباب ماثلة حالياً. فالصورة التي جعلت الجبهة الإسلامية تُحرِّك مدرعات القوات المسلحة، هي ذاتها، والأزمةُ السياسية لا تزال تراوح مكانها. والضائقةُ الاقتصادية تمسك بخناق الشعب السوداني بصورة مُفزعة، بعد ن تجاسر الدولار على العملة الوطنية بصورة جعلت مذيع قناة الجزيرة "محمد كريشان" يُفرغ ما في جوفه من حروف ساخرة. يقول كريشان في مقال نُشر بصحيفة (القدس العربي)، وضجّت به الأسافير إنه (حين استلم البشير السلطة كان الدولار الأميركي يساوي 12 جنيهاً سودانياً. وقتها قال أحد رفاقه إنه لولا ألطاف الله و"ثورة الإنقاذ" لوصل الدولار إلى 20 جنيهاً.. تخيلوا اليوم أن الدولار الأميركي يعادل تقريباً 90 ألف جنيه!).

دعونا من قول "محمد كريشان" عاليه؛ لأن بعض أنصار النظام الحالي، ربما يعتبرونه متحاملاً، على الرغم من أن تلك حقيقة ماثلة. دعونا منه وتعالوا نتفحّص شهادة الفريق "قطبي المهدي" الذي أعتلى في زمان مضى، كابينة جهاز الأمن في عهد الإنقاذ. يقول "قطبي" إن الظروف والدوافع التي قادت إلى قيام "الإنقاذ" هي ذاتها التي تحدث حالياً.

بل إن قطبي الذي دمغ الإنقاذ بأنها "دواء منتهي الصلاحية"، أكد في حواره مع الزميل علي الدالي بصحيفة (التيار) أنه "لو قدر للرئيس البشير أن يتلو بيانه الأول بعد خمسة وعشرين عاماً من الانقلاب، فإنه سيقول نفس النقاط التي أوردها في العام 1989م".. وهذا يعني أن الأزمة الاقتصادية التي يزعم أهل الإنقاذ أنها شرعنت لانقلابهم، ماثلة، وأن الطائقة المعيشية تبدو أشد مما كانت عليه. وذلك استناداً إلى معدلات التضخم التي تتصاعد بصورة مخيفة. هذا غير تنامي نسبة البطالة بين الشباب، وغير حالة الاحتراب التي تسيّدت أنحاء واسعة من البلاد. وأسوأ من ذلك كله، القتال على أساس قبلي، الذي أدمى جسد الوطن وأفقده خيرة شبابه.. فتعجب يا رعاك الله..!!.

صحيفة (الصيحة)


بواسطة : admin
 0  0  2735
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:06 صباحًا السبت 4 مايو 2024.