• ×

البرلماني سالم الصافي : ما علاقة الطماطم بالدولار

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
حوار / طارق عثمان / 
يدخل السودان حالة من الترقب والحذر في ظل الحديث عن قرارات مرتقبة برفع الدعم عن سلع أخرى لدعم الموازنة العامة للدولة ما يضاعف الأعباء على المواطن العادي المكتوي بنار الغلاء الناتج عن الارتفاع المستمر في الأسعار وعدم ضبط الأسواق، ما جعل الكثير من الناس يتحدثون عن ثورة جياع قادمة للتنديد بعجز الدولة عن مواجهة انفلات السوق ودخول شرائح عديدة في المجتمع تحت خط الفقر. وقد انتقد كثيرون صمت أعضاء البرلمان السوداني عن الأخطاء العديدة التي ترتكبها الحكومة وفشلها في معالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة.

رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان سالم الصافي نفى وجود أي اتجاه من الدولة لرفع الدعم الحكومي عن بقية السلع الضرورية، وشدد ان موازنة الدولة للعام الحالي لم تتضمن أي زيادات في اسعار الوقود او الكهرباء او القمح، واكد ان الأعضاء بالمرصاد لإزالة أي رسوم او جمارك خارج اطار الموازنة..

وعزا في الوقت نفسه الارتفاع الجنوني للاسعار في الاسواق إلى ممارسات من قبل التجار تتمثل في المضاربات التي خلفتها سياسة التحرير الاقتصادي التي انتهجتها الدولة. وأقر في حوار مع «عواصم» بفشل البرنامج الثلاثي الذي وضعته الدولة للاصلاح الاقتصادي في تمزيق فاتورة الاستيراد من الخارج، وأرجع بعض جوانب الفشل لاستمرار الحرب المشتعلة في جبهات عدة بالبلاد..

والتي أدت لاستنزاف غالبية المتاح من مواردها، ودعا الحكومة للاستفادة من الاخطاء التي صاحبت تطبيق البرنامج الثلاثي من أجل تصحيح المسار العام توطئة لانجاح البرنامج الخماسي الذي أعلن عنه مؤخرا،.

واشار الى ان الضامن لانجاحه ان يرتكز على موارد حقيقية تدعم الموازنة العامة. وتطرق الصافي إلى الكثير من الأمور المتعلقة بمعيشة الناس والمساعي الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتجسير الفجوة بين الأغنياء والفقراء والمعدمين من شرائح البسطاء، والى تفاصيل الحوار.

يقول الكثيرون ان السوق بات لا يطاق، ما تعليقك على ذلك؟

نعم هناك ارتفاع في الاسعار الا ان عبارة لا يطاق هي كلمة فضفاضة، فإذ تنطبق الكلمة على السوق عندما تكون هناك ندرة في السلع، والغلاء الموجود الآن في معظمه شيء عالمي بسبب ازمات ضربت اقتصادات الكثير من الدول، اما الغلاء في السودان فهو ناتج عن ارتفاع كمية الاستهلاك عن الانتاج، فالانتاجية المحدودة لا تكفي للاستهلاك المتزايد.

وكيف تبرر الزيادات المتواصلة في اسعار السلع الضرورية؟

نعم هناك زيادة مستمرة وهي ناتجة عن انعدام الرقابة في الاسواق ومن غير المنطق «ترك الحبل على القارب»، وعلى أجهزة الدولة المعنية في المركز والولايات النزول الى الأسواق لضبط الفوضى ووقف التلاعب في الاسعار وفرض الرقابة المطلوبة، فهناك ممارسات تحدث في السوق تكتسب صفة التعمد من قبل التجار وهي عبارة عن مضاربات خلقتها سياسة التحرير الاقتصادي، والسوق الحر.

وأين دوركم الرقابي كأعلى سلطة تشريعية في البلاد؟

يتمثل دورنا في الرقابة على الموازنة العامة للدولة، ومراقبة أي انحراف عن اهدافها، ولكن التلاعب دائما يحدث في المستويات الأدنى، والبرلمان لم يقصر في دوره الرقابي، بل تخطاه ليتدخل في أشياء ليست من مهامه وذلك من واقع استشعاره معاناة الناس. وعلى المجالس التشريعية الولائية القيام بدورها كاملا، نحن نزلنا للأسواق بحثا عن أسباب ارتفاع الأسعار..

وهل هي بسبب رسوم وضرائب مفروضة خارج الموازنة؟ ونحن تنحصر مسؤوليتنا في عدم فرض الضرائب غير الرسمية. ومراقبة السلع التي يتم استيرادها بالدولار وضرورة طرحها بالسوق للمستهلك بالسعر الرسمي. وتنصب مساعينا على إزالة الرسوم والجمارك والضرائب غير الحقيقية وتقليل الإعفاءات، وقد نفذنا حملة لازالة أي رسوم غير مقننة داخل الموازنة.

ضرورة المساءلة

من مهام أعضاء البرلمان مساءلة الوزراء المعنيين بالقضية أليس كذلك؟

نعم ولكن ليس من مهمتنا النزول للأسواق ومراقبة اسعار الطماطم مثلاً ورغم ذلك أدينا دورنا في الكشف عن أي محاولات للتلاعب في الاسعار.

ما الهدف الأساسي الذي تسعون لتحقيقه؟

هدفنا حلحلة الأمور المتعلقة بمعيشة الناس، وبذل المساعي الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتجسير الفجوة بين الأغنياء والفقراء والمعدمين من شرائح البسطاء.

أليس بإمكان البرلمان ان يصدر تشريعاً لضبط الأسواق؟

بالتأكيد وليس لدينا مانع من سن أي تشريع من شأنه معالجة القضية الاقتصادية فإذا رأت وزارة المالية ان سياسة التحرير الاقتصادي اضرت بالاقتصاد فلتطرح الأمر على البرلمان، ولن يمانع الأعضاء أبداً في اصدار واجازة أي تشريع يرى انه يصب في مصلحة المواطن.

الكل يُحمّل ارتفاع سعر صرف الدولار المسؤولية فيما تشهده الأسواق من غلاء؟

هذا فهم غير صحيح وعليكم انتم في الاعلام ازالته،، مؤكدا ان عدم استقرار سعر صرف الدولار له تأثيره على السوق ولكن لا يمكن جعل ارتفاع الدولار «شماعة» نعلّق عليها أي شيء فما علاقة الطماطم بالدولار؟

الكثير من السلع عليها تكاليف ترحيل وغيرها يتحجج بها التجار ما قولك؟

ليس هناك أي سبب مقنع لتلك الزيادات، فالوقود ظل سعره مستقراً منذ قرارات رفع الدعم الحكومي منه في العام الماضي.

برنامج فاشل

وصف البرنامج الثلاثي لاصلاح الاقتصاد بالفشل ما تعليقكم علي ذلك؟

كان الهدف من البرنامج تمزيق فاتورة بعض السلع التي تستوردها البلاد من الخارج، مثل القمح والمحروقات، ورفع الانتاج والانتاجية عبر الاهتمام بمحاصيل الصادر، ولكن البرنامج تم وضعه عام 2010 وبدأ تطبيقه في 2011، وهناك أشياء لم تؤخذ في الحسبان عند وضع البرنامج، وأحد أسباب فشل البرنامج انفصال الجنوب فعند وضعه كان الجنوب موجوداً ضمن خارطة الدولة..

وبالتالي هناك اكثر من 70 % من عائدات النفط كانت مدرجة وتدعم الموازنة العامة. وأيضاً هناك عوامل طبيعية أدت لفشل البرنامج الثلاثي تتمثل في قلة الامطار في المواسم الماضية خاصة في مناطق الانتاج الزراعي الكبير، الا ان أبرز أسباب الفشل التي صاحبت برنامج الاصلاح الاقتصادي استمرار الحرب في الكثير من الجبهات وقد ظلت تستنزف موارد البلد وباستمرار.

هناك مخاوف من قرارات جديدة برفع الدعم عن بقية سلع أخرى ما مدى صحة ذلك؟

أنا مسؤول عن الموازنة وأؤكد لك انه ليست بها أي قرارات أو بنود تتحدث عن رفع الدعم الحكومي عن السلع، وانا اقولها الآن ان ميزانية العام 2014 ليس بها رفع لأي دعم، والحديث عن قرارات مرتقبة برفع الدعم عن السلع مجرد اشاعات الغرض منها خلق «بلبلة» بالبلاد، وهي أحاديث تجدها في الـ«فيسبوك» والصحف ومجرد كلام عارٍ تماماً عن الصحة ولا مكان له على أرض الواقع.

ثورة جياع

هناك دعوات للخروج للشارع أيضاً بسبب الغلاء؟

أطمئن الشعب السوداني انه ليست هناك زيادات جديدة، ومن أراد ان يخرج للشارع فليبحث عن سبب آخر غير رفع الدعم لأنه لا اتجاه لذلك، وعلى أي شخص يجد زيادات في الوقود أو الكهرباء ابلاغ البرلمان مباشرة.

هناك من يرى ان الدولة نفذت الجانب المتعلق بالمواطن فقط ولم تنفذ تخفيض الانفاق الحكومي؟

أقسم لك أننا نفذنا تخفيض الانفاق الحكومي من مرتبات ومخصصات الدستوريين بنسبة 25 %، وتم تقليل سفر المسؤولين بالدولة ولكن لا يمكن ايقاف السفر بشكل نهائي، وتم وقف تشييد المباني الحكومية طيلة السنتين الماضيتين، وقمنا بخصخصة 138 شركة حكومية كانت تُكلّف الدولة مليارات الجنيهات.

هناك حديث عن زيادة الإنتاج ما هي الإجراءات التي تمت لتحقيق ذلك؟

الإنتاج المقصود منه الاتجاه للسلع الخاصة بالاستهلاك المحلي أو السلع الموجهة للصادرات، وأكثر من 40% من التمويل لهذا العام وجه للانتاج الزراعي والحيواني، وتم توفير كل المدخلات الزراعية لهذا الموسم عبر البنك الزراعي السوداني، وأية جمعية تقدمت للتمويل تم منحها، وفي الجانب الصناعي سعينا مع الجهاز التنفيذي لإزالة العقبات التي تعترض مسيرة التصنيع..

وذلك بغرض التقليل من استيراد السلع خاصة غير الضرورية. والمنتجات الأخرى مثل الذهب والمعادن الأخرى والبترول، هناك مساعٍ جادة من قبل الوزارات المعنية بزيادة الانتاج فيها حتى تسهم في ضخ عملات أجنبية لخزينة الدولة.

برنامج خماسي

أوضح رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان إعلان الدولة طرح البرنامج الخماسي لمعالجة الاقتصاد الذي يحتاج ضمانة أساسية لإنجاحه تتمثل في ضرورة الاستفادة من أخطاء البرنامج الثلاثي ومحاولة سد الثغرات التي صاحبت تطبيقه، وضرورة السعي لبناء قاعدة للبرنامج الجديد بإيجاد موارد حقيقية والتركيز على المشاريع التي تسهم في زيادة الإنتاج والإنتاجية، بما يدعم الميزانية ويزيل الغبن عن المواطنين.


بواسطة : admin
 0  0  1578
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 05:21 مساءً الإثنين 29 أبريل 2024.