• ×

السودان محلك سر ..لغة خشنة ونظام ينافس نفسه والموت علي سجادة صلاة

عبد الباقي الظافر يكتب :إنعدام آلية تداول السلطة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ الخرطوم 
حينما ولج الرئيس البشير، أمس الأول إلى منشط مؤتمر ولاية الخرطوم، بقاعة الشهيد الزبير، قام الأعضاء من مقاعدهم على غير العادة.. هتافات تشق عنان السماء تدعو بالصحة والعمر المديد للسيد الرئيس.. أغنية حماسية تحرك مشاعر الحضور.. الرئيس ببعض الشوق يحاول أن يصافح أكبر عدد من الناس.. ثم يبدأ الرئيس في ارتجال خطاب حماسي.. ملخص خطاب الرئيس كان ارتداد نحو لغة خشنة سادت لبعض الوقت ثم خفت قليلا بعد خطاب الوثبة الشهير.. اللافت للنظر أن المشير أوصد الباب على أي أمل في إرجاء الانتخابات العامة المقررة في شهر أبريل المقبل.. كما وضع شروطاً قاسية لعودة إمام حزب الأمة.. سقف تنازلات الإنقاذ بات واضحاً.. حتى ميدان الحوار حدده الرئيس بحيث لا يتخطى الخرطوم.

كل بروفات مؤتمرات الحزب الحاكم في الولايات خلصت حتى الآن إلى نتيجة واحدة.. آلية التداول السلمي تكاد تكون معدومة.. كل الولايات جددت لولاتها القابضين على زمام السلطة.. الاستثناء الجديد كان في نهر النيل حيث خسر الوالي الهادي عبد الله فرصته في التنافس باسم الحزب الحاكم.. حتى هذه الومضة تضعف حينما ندرك أن الفريق الهادي اعد نفسه لخروج هاد من ولاية تتقاذفها المشاكل وتستوطنها الأزمات.

قبيل أسابيع انتعشت آمال السودانيين بتوقيع إعلان أديس أبابا.. ذاك الإعلان جب ما قبله من مواقف متطرفة للمعارضة المسلحة.. كان أول المرحبين به الحزب الحاكم شخصيا.. الترحيب جاء من مستويات عليا ممثلة في الرجل الثاني في الحزب.. قيادات أخرى وصل بها الحماس لدرجة مطالبة الإمام الصادق المهدي بالعودة إلى السودان.. سفير الخرطوم بالقاهرة سعى في تلك الأجواء الحميمة لمقابلة الإمام في قاهرة المعز.. بل إن مناخ التفاؤل وصل إلى إطلاق سراح دكتورة مريم المهدي والأستاذ إبراهيم الشيخ.

الصور المتناقضة داخل الحزب الحاكم تشير إلى اضطراب في الرؤية.. عناصر متحمسة ترى الخلاص في الإصلاح المصحوب بتنازلات.. مجموعات متشددة تفضل مواجهة الموت بدلا عن تقديم تنازلات.سياسية.. للأسف المجموعة المتصلبة ستنتصر في النهاية.. هذه المجموعة تعزف نغمات محببة لمن بيدهم القرار في نهاية الأمر.

في تقديري ستهدر الإنقاذ فرصة إعادة تداول اسهمها في بورصة السياسة.. هذا الوقت مناسب جداً لحصد تنازلات من الحركات المسلحة التي انقطع عنها حبل الدعم السري من حكومة جنوب السودان.. العالم في هذا التوقيت مشغول بقضايا ملحة أدناه الحرب على داعش في العراق.. في مثل هذا التوقيت من السهل تمرير سفينة الإنقاذ في المياه الدولية.. لم يكن ثمن التغيير في هذا الوقت ذا كلفة عالية.

بصراحة.. نحن الآن في مكانك سر.. ستأتي الانتخابات وينافس الحزب الحاكم نفسه.. ستعود ذات الوجوه القديمة وبذات اللغة الخشنة ثم ينتظر بلدنا الموت على سجادة صلاة كما فعل الخليفة عبد الله التعايشي عقب معركة أم دبيكرات.


بواسطة : admin
 0  0  1110
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:06 صباحًا السبت 4 مايو 2024.