• ×

حلوا عن سمانا !

عثمان ميرغني يكتب :

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ الخرطوم السيد عثمان عمر الشريف وزير التجارة السوداني- عندما التقى بنظيره المصري.... أعلن عن موعد قريب لفتح المعابر البرية بين البلدين.. هذه هي المرة الـ (11) التي يعلن فيها عن فتح هذه المعابر، ثم ينطوي التاريخ والحال على ما هو عليه.
والسرّ في ذلك- أي في عدم فتح المعابر بين البلدين رغم اكتمالها، واتصال الطرق المسفلتة بين البلدين- هو الهواجس الأمنية.. فالحدود السودانية المصرية ظلت على مدى التأريخ منطقة جرداء من المنافع المشتركة، حتى في التأريخ القديم كانت هذه الحدود معبر غزوات والغزوات المضادة، ثم الاستعمار التركي، ورديفه البريطاني.
ورغم حجم المصالح الضخمة المشتركة بين شعبي وادي النيل.. إلا أن العلاقات بين البلدين ظلت علاقات (حكومات) ترتفع وتنخفض بالمزاج السياسي.. يكفي تصريح سياسي واحد في وسيط إعلامي أن يخسف وينسف سنوات من الاتفاقيات المشتركة مثلما حدث في اتفاقية التكامل بين البلدين خلال فترة الرئيس النميري- يرحمه الله- الذي قال: (لن تطأ رجلي أرض مصر)، فردّ عليه الرئيس المصري الأسبق أنور السادات- يرحمه الله (إن أرض مصر طاهرة)، فتجمدت العلاقات بين البلدين إلى أن تصافى الساسة فصفت العلاقات.
والحال كذلك حتى اليوم.. كلمة تفتح وكلمة تغلق.. قبلة في الخد الأيمن اليوم.. تمسحها (عضة في الخد الأيسر)، وبين هذه وتلك تضيع مصالح مشتركة بين الشعبين هما في أمس الحاجة لها.. شعب مصر- ثلاثة أضعاف شعب السودان- محصور في ربع مساحة السودان غالبها صحارى قاحلة.. بينما يتمدد السودان في جغرافيا واسعة لا يكاد يستغل من مورادها إلا الكفاف.
إن لم تخرج العلاقات السودانية المصرية من نفق الحكومات إلى فضاء مصالح الشعبين فلن يتغير الحال حتى ولو فتحوا ألف معبر.. فلو المصالح هي التي تحرس الحدود المشتركة وليس فوهات البنادق وأعين الرقباء.
وهو نفس الحال تقريباً في حدودنا المشتركة مع دولة جنوب السودان.. أطول حدود بين بلدين وأغناها ومع ذلك مسكونة بـ (المدافع) بدل (المنافع).. وبدلاً من أن تحرسه الجيوش والاتفاقيات الأمنية- ولن تقدر- كان الأجدر تطوير حزام سكاني مستقر من متجمعات القبائل هي التي تحرس هذه الحدود؛ لأنها صاحبة مصلحة.
كثير من الدول ذات الجوار استثمرت المصالح المشتركه لدرجة تكاد تذوب الحدود المشتركة، مثال لذلك دول الخليج العربي التي وصلت مرحلة أقرب إلى (الكنفدرالية) الصريحة.. فارتفعت مداخيل المواطن الخليجي بالقيم المضافة من استثمار الجوار.
كلما ابتعدت الحكومات انصلحت علاقات الشعوب.. لأنها تتدفق بصورة طبيعية مثل انسياب النيل عبر آلاف الكيلومترات بلا حاجة إلى جيوش تحرس ضفافه ولا شرطة مرور تنظم حركته.
فقط مطلوب من الشعبين أن يقولوا للحكومتين.. (حلوا عن سمانا).
bakreey2007@gmail.com


بواسطة : admin
 1  0  1296
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    08-17-2014 02:08 مساءً lمالك عمر :
    الاستاذ / عثمان ميرغنى حمدالله ألف على السلامة وكلامك منطقى لكن حيث لامكان للمنطق فى هذا الزمان ومشكلة فتح / غلق الحدود السودانية المصرية يذكرنى بنكته طريفة أو لغز ( ماهو الفرق بين الكنكان والدكان ) الكنكان يتقفل عشان تفتح أما الدكان بتفتح علشان تقفل !!!!!
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:43 صباحًا السبت 4 مايو 2024.