• ×

شعبية البشير في السودان اكبر مما يعتقده الكثيرون في الخارج

BBC : في ظل حكمه تقمع المظاهرات وتمارس المحسوبية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ متابعات كان عمر البشير ضابطا مغمورا في الجيش عندما استولى على السلطة بانقلاب أبيض في يونيو/ حزيران 1989، لكنه الآن أصبح مشهورا أو مبغوضا في جميع أنحاء العالم.

حكم البشير السودان أطول من أي حاكم آخر في تاريخه، وعلى الرغم من اتهامه بارتكاب جرائم حرب من جانب المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه لا يزال يتمتع ببعض الشعبية في البلاد.

وكان حسن الترابي، السياسي الإسلامي المخضرم، المهندس الحقيقي لانقلاب 1989، والذي كان واقعيا المسؤول الحقيقي عن البلاد لعشر سنوات.

وعندما سيطر الترابي على الأوضاع من وراء الستار، ظهرت السودان على خريطة التطرف.

وذهب المتشددون مثل أسامة بن لادن إلى هناك، وطبقت الشريعة الإسلامية بشدة، وتم إبعاد الملايين من غير المسلمين في جنوب السودان وأماكن أخرى.

وتساءل الطيب صالح، الروائي السوداني الشهير :"من أين أتى هؤلاء الناس؟"

وزادت قوة الأجهزة الأمنية، التي حظيت بسمعة سيئة من التعذيب والقمع خاصة فيما عرف بـ "بيوت الأشباح"، حيث كان يختفي المعتقلون.

وقبل انقلاب البشير، كانت الحكومة على وشك توقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية في جنوب السودان.

لكن البشير وحلفاءه اتخذوا سبيلا مختلفا لتزداد حدة الحرب.
"سيد البقاء في السلطة"

في عام 1999، حقق البشير مفاجأة وانتصر في صراعه على السلطة مع الترابي.
سوادنيات يحملن أسلحة في مظاهرة مؤيدة للبشير

وانطلاقا من هذه النقطة، أهملت الحكومة أي خطط لتغيير جذري في السودان والجوار.

وأصبح الهدف الرئيسي هو البقاء في السلطة.

ويقود البشير تحالفا معقدا غير رسمي، يضم إسلاميين ومنتقعين وجنرالات بالجيش ومسئولين أمنيين.

وقالت سامية أحمد، نائب رئيس البرلمان السوداني في تقييمها للرئيس :"إنه يجمع بين المعرفة السياسية والمعرفة العسكرية، وهو ما يجعل من الصعوبة منافسته إلى حد ما".

والبشير قادر على إغراء جميع أركان تحالفه، أو على الأقل لا أحد يريد المخاطرة بفقدان موقعه إذا ما حدث تغيير في قمة السلطة.

وتبلغ شعبية البشير في السودان أكثر مما يعتقده الكثيرون في الخارج.

ويحرص على الرقص التقليدي في المسيرات، والتلويح بعصاه لعدد هائل من مشجعيه، كما يتحدث أيضا بلغة الرجل العادي.

وبخلاف قادة السودان السابقين، فهو لا ينتمي إلى النخبة التقليدية في المجتمع السوداني.

لكن كل هذه الأمور لن تكون وحدها كافية للإبقاء على رئيس في السلطة لمدة ربع قرن.

وفي ظل حكم الرئيس البشير تمنع الأجهزة الأمنية أي احتجاجات عامة.

وتعرضت المظاهرات ضد رفع دعم الوقود للقمع في سبتمبر/ أيلول الماضي، وقالت منظمات حقوق الإنسان إن 200 شخصا على الأقل قتلوا.

كما كممت أفواه أحزاب المعارضة والصحافة.

وتستخدم المحسوبية ببراعة أيضا، لا سيما خلال فترة طفرة النفط، التي بدأت في عام 1999 وغيرت وجه العاصمة الخرطوم.
مظاهرات احتجاجية في السودان ضد البشير

ولم تكن الثروة النفطية والتنمية موزعة على نحو متساوٍ -وهي إحدى أهم القضايا في التاريخ السوداني- لكنها استطاعت شراء ولاءات البعض.

وبعيدا عن كل هذا، فإن السمة التي هيمنت على فترة حكم الرئيس عمر البشير المديدة هي الصراع، إذ لم تشهد السودان يوما واحدا من الهدوء منذ الانقلاب العسكري الذي قاده البشير.

وانتهت الحرب في شرق البلاد عام 2006، لكنه في عام 2011 عندما انفصل جنوب السودان، اندلعت حروب جديدة في مناطق سودانية كانت تشهد الكثير من الاضطرابات في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وغالبا ما كانت رغبة المتمردين في القتال مسؤولة عن ذلك.

ورغم ذلك، فإن الحكومة السودانية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن اندلاع العنف.

وكلما اندلع القتال، يرد البشير بجملة يكررها عادة وهي "مكافحة التمرد بأقل التكاليف"، ويبدأ في استخدام سلاح الطيران ودفع المليشيات العرقية للتعامل مع المتمردين.

ووجهت للرئس عمر البشير اتهامات بتدبير جرائم حرب، والضلوع في جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في دارفور. وهي الاتهامات التي طالما نفاها البشير.

وقال لـ بي بي سي: "كل ما يوجه الآن من تهم هي محض كذب. إنها لعبة سياسية واضحة ومختلقة".
لا يوجد خليفة

ويعتقد الرئيس البشير ودائرته المقربة بأن دول الغرب حاولت الإطاحة بالرئيس عبر عدة وسائل، منها دعم حركات التمرد، وقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة، والتهم التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية.

وأضرت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بما لا يدع مجالا للشك بالاقتصاد السوداني.

وكان انفصال جنوب السودان عام 2011 بمثابة ضربة قوية للاقتصاد السوداني، لأن ثلاثة أرباع الإنتاج النفطي يوميا كان يأتي من الجنوب.

ويعتقد الرئيس البشير بأنه لم يتلق إشادة دولية كافية لموافقته على انفصال الجنوب.

وعقب الانفصال، كافح البشير من أجل التكيف مع هذا الصراع ووضع الاقتصاد الواهن وحتى مع الانتقادات التي كانت داخل الحركة الإسلامية.

وهناك أيضا تكهنات متكررة بشأن حالته الصحية.

وقال البشير إنه لن يخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2015، لكن مؤيديه يشجعونه باستمرار على التراجع عن هذا القرار.

وحينما أخبرت أحد مؤيدي البشير بأنني كنت أعد تقييما عن فترة البشير في منصبه، قال ساخرا عما إذا كنت أقصدُ الـ 25 عاما السابقة من حكمه أو الـ 25 عاما القادمة.

وعلى البشير أن يكون في غاية التأكد من خليفته حتى يترك منصبه، وذلك مع استمرار توجيه المحكمة الجنائية الدولية اتهامات للبشير بارتكاب جرائم حرب.

وتقول المحللة السياسية السودانية، نسرين مالك: "أعتقد بأن البشير سيبقى في منصبه أطول مما يعتقده الكثيرون".

وتضيف أن ذلك يرجع في جزء منه إلى أنه ليس لدى البشير من هو مؤهل لخلافته في هذا المنصب حتى داخل النظام الإسلامي.

وتقول مالك: "ليس لديهم بديل أخر لتحقيق التحول بأسلوب سلس".

وعلى الرغم من أن لدى البشير مؤيديه، لكن بالنسبة لأعدائه من السودانيين -وهم بالملايين- كانت فترة ولاية البشير في السلطة أحلك فترة في تاريخ السودان المضطرب.
بي بي سي


بواسطة : admin
 0  0  1191
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:02 صباحًا الجمعة 10 مايو 2024.