• ×

الاشتباك مع خلية تابعة للتنظيم في الخرطوم مقدمة لمواجهة حاسمة مع المتطرفين..هل ترجح ورقة مكافحة داعــش كفة العسكريين في السودان

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم/السودانية/ طفت التهديدات الأمنية من قبل التنظيمات الإرهابية في السودان على السطح عقب مقتل خمسة من عناصر المخابرات العامة أثناء تفكيك خلية تابعة لتنظيم داعش في الخرطوم، ما يشي بأن السلطة الانتقالية قد دخلت في مواجهة مفتوحة مع العناصر المتطرفة الكامنة، وأن ذلك قد يكون ورقة بيد المكون العسكري لاستعادة المبادرة بعد الضغوط التي مورست عليه إثر محاولة الانقلاب الأخيرة.

وشارك رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان الأربعاء في جنازة عناصر المخابرات العامة، وتعهد بتقديم “كل الدعم والإسناد لجهاز المخابرات ليؤدي واجبه على أكمل وجه في هذه المرحلة التي تواجه فيها البلاد الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية”.

وأعلن السودان الثلاثاء تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش وتوقيف أحد عشر عنصرا من المنتمين إليها، ومصرع خمسة عناصر من جهاز المخابرات العامة (وهم ضابطان وثلاثة ضباط صف) وإصابة سادس، خلال مداهمات جرت في حي “جبرة” جنوب الخرطوم.

ميرفت حمد النيل: مجابهة التنظيمات الإرهابية المكسب الوحيد في صراع السلطة

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن وجود خلايا تابعة لداعش في السودان من قبل أجهزة الأمن التي لم تكن تشير إلى تفاصيل انتماءات العناصر التي تُلقي القبض عليها أو تتهمها بالإعداد لتنفيذ جرائم إرهابية.

قد يكون الاستثناء الوحيد ما جرى في شهر يونيو الماضي عندما أعلنت وزارة الداخلية القبض على تسعة من عناصر تنظيم القاعدة خططوا لتنفيذ تفجيرات في البلاد، فيما كانت الخلايا التابعة لتنظيم الإخوان هي الأكثر حضورًا في وقائع مختلفة.

وحسب تقرير للخارجية الأميركية دشّن تنظيم داعش حضوره في السودان منذ عام 2019، غير أن السلطة الانتقالية -على لسان وزير الأوقاف والشؤون الدينية نصرالدين مفرح- أشارت إلى أن عناصر داعش في البلاد تتمثل في مجموعات صغيرة لم تشكل خطرا أمنيّا.

ويتوقع مراقبون أن يكون الإعلان بشكل رسمي عن وجود داعش مقدمة لمواجهات أكثر جدية مع التنظيمات الإرهابية في السودان، ولا يستبعدون أن يتم توظيف هذه المواجهات ضمن الصراعات الراهنة بين المدنيين والعسكريين، والإيحاء بأن هناك خطرا داهمًا يهدد البلاد ويتطلب حضورا عسكريا فاعلا على رأس السلطة.

واعتاد جهاز المخابرات العامة في السودان التكتم على مثل هذه القضايا واختار طريق المهادنة الضمنية في تعامله مع العناصر المتطرفة للحفاظ على كمونها وعدم إتاحة الفرصة لتشكل تهديدا إضافيًا يمثل عبئًا على السلطة، في ظل توتر الأوضاع في ولايات سودانية عديدة والأزمة مع إثيوبيا.

ولا يعد الإرهاب ظاهرة هامشية أو حديثة العهد في السودان، واستطاعت العديد من الخلايا أن تحصل على موطئ قدم هناك منذ سنوات، واستفادت من تماهي النظام السابق مع العديد من تنظيمات الإسلام السياسي والمتطرفين، أو ما بات يعرف بـ”الهجرة المرنة من مختلف الجنسيات” نتيجة عدم وجود ضوابط أمنية صارمة لاستقبال المهاجرين، وهو ما جعلها توظف الأراضي السودانية كقاعدة انطلاق لتهديد بعض دول الجوار.

ويبدو أن الانتقادات الموجهة للمكون العسكري واتهامه بالتراخي في ضبط الأوضاع الأمنية بعد انتشار عمليات النهب والسرقة في مناطق متفرقة بالخرطوم وبعض الولايات والفشل في تنفيذ الترتيبات الأمنية، سيدفع نحو التعامل مع الأخطار التي تشكلها التنظيمات الإرهابية بحزم.

وقالت القيادية في تجمع القوى المدنية ميرفت حمد النيل إن “السودان يواجه تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة أخيرا وما تبعها من ردود أفعال بين المكونات المختلفة، وهناك حالة من الحشد والحشد المضاد، إذ يسعى المكون العسكري لجذب المواطنين إلى صفه من خلال توجيه دفة اهتماماته نحو التعامل مع التنظيمات المتطرفة ويبعث برسائل مفادها أنه يحمي الأمن في الداخل”.

Thumbnail
وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن “المكون المدني يخطب ود الجماهير مجددًا بعد أن تسببت المحاصصة السياسية على مناصب السلطة في غضب شعبي تزايد في الفترة الماضية، وبالتالي قد تكون مجابهة التنظيمات الإرهابية والتحلل من التحالفات مع فلول النظام السابق المكسب الوحيد من صراعات السلطة القائمة”.

وأوضحت أن “هناك إدراكا شعبيا لضرورة تفعيل أدوار المؤسسات الأمنية في مواجهة التنظيمات المتطرفة على أن يكون ذلك في إطار عملها وليس لصالح أهداف سياسية، لأن المواطنين يحتاجون إلى الأمن وفي الوقت ذاته يوجهون اللوم إلى المكون العسكري الذي يقوم بواجبه في أداء مهمته”.

ويتوقع مراقبون أن يكون الحديث عن داعش بداية هدنة بين الأطراف المتصارعة على السلطة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق استعدادا لجولة جديدة، في ظل ضغوط دولية على الطرفين العسكري والمدني لتحسيسهما بضرورة إجراء حوار شامل ينهي الخلاف بينهما، وسيحاول كل طرف التسلح بما يمتلك من أوراق لتدعيم حضوره.

هل يتم توظيف الحرب على الإرهاب ضمن الصراعات الراهنة بين المدنيين والعسكريين، والإيحاء بأن هناك خطرا داهمًا يهدد البلاد ويتطلب حضورا عسكريا فاعلا على رأس السلطة

وقالت مصادر من قوى الحرية والتغيير-فضلت عدم ذكر أسمائها- إن “التعامل مع خطر التنظيمات الإرهابية يعد إحدى نقاط الالتقاء المشتركة بين مكونات السلطة، وإن هناك خطرا من جانب المكون العسكري يتمثل في أن تشكل قوة هذه التنظيمات مهددا رئيسيًا للمرحلة الانتقالية حال فشل الأجهزة الأمنية في السيطرة عليها، وإن ترك هذه العناصر في حالة خمول سيدعم تقوية شوكتها”.

وأضافت المصادر ذاتها لـ”العرب” أن “المكون المدني يستشعر أن هناك خطرا يهدد تنفيذ توجهاته نحو إقامة دولة مدنية حديثة، لأن الخلايا الإرهابية ستحاول بسط سيطرتها على الشأن الداخلي بعد أن جرى رصد عدد من المتسللين في مظاهرات مناوئة لعلمانية الدولة مؤخرا، وأخرى مناهضة لقوانين حرية المرأة والتطبيع مع إسرائيل، ما يهدد الحكم المدني ويقوض جهود الوصول إلى إجراء انتخابات حرة”.

ولدى قوى مدنية عديدة اقتناع بأن الانتقال الديمقراطي واتجاه السودان نحو مشاريع التنمية المستدامة والاستفادة من الانفتاح على المجتمع الدولي بحاجة إلى أوضاع داخلية مستقرة وبعيدة عن تهديدات التنظيمات المتطرفة التي قد تلجأ إلى تنفيذ عمليات إرهابية في الداخل عاجلاً أم آجلاً، لأنها تعادي التوجه المدني في السودان.

ولعل ذلك أحد الأسباب التي تجعل السودان يصر على أن يكون ضمن مجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس التي تضم موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، على أن يكون ذلك بصفة مراقب، على الرغم من بعده عن المناطق الساخنة في غرب أفريقيا، بعد أن أضحى تسرب عناصر تنظيم داعش إلى إقليم دارفور غير مستبعد.


بواسطة : admin
 0  0  364
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:01 صباحًا الجمعة 10 مايو 2024.