شقيق المحكوم عليها بالإعدام : (ابرار) ضحية حملة تنصيرية شرسة !

الخرطوم ـ السودانية رغم أن السماني الهادي محمد عبد الله؛ شقيق (المرتدة) أبرار لم يتدرَّج في تعليمه لأكثر من (المرحلة المتوسطة) سابقاً- إلا أن الرجُل يتحدَّث بطلاقة ويستطيع توصيل أفكاره بكل يُسر، تلك ناحية؛ أما الأخرى فهي أنه يمتلك من (الشجاعة) قدراً يجعله يرد على أيِّ سؤال، صحيح أنه يطلب عدم نشر بعض الإجابات، لأسباب يرى أنها (تجرح) الأُسرة والقبيلة كلها، لكن لمُحدِّثه يقولها بكل شفافية. (السوداني) حاورت السماني مُجدَّداً وخرجت منه بالحصيلة التالية:
متى وأين وُلِدت (أبرار)؟
تاريخ ميلادها هو 1986م بقرية أم شديرة ريفي القضارف.
بخلاف النسب، هل هناك علاقة بين الوالد والوالدة؟
نعم، هما أبناء عمومة، وجميع أهل هذه القرية نساءً ورجالاً تربطهم علاقة رحمية وطيدة.
عند ميلادها كيف استقبلتها الأسرة؟
أقول لك بكل صدق إن والدي فرح بمقدمها فرحاً طفولياً جعله يذبح لها يوم (السماية) كبشين بحجم (العجول). وعند مولدها كل والدي واحداً من أثرى رجال المنطقة قاطبة. وأيضاً الحال مستورة جداً الآن بحمد الله.
مجمع الفقه الإسلامي قال في حكمه على (أبرار) إنها مقهورة أو مسحورة. هذا يقودنا إلى سؤال طفولة شقيقتك (أبرار)؟
ردَّ السماني بصوت مرتفع جداً: (عليَّ الطلاق أبرار مسحورة وستثبت الأيام ذلك بوضوح). فهي منذ ميلادها وحتى تاريخ هذه الحادثة المشؤومة لم تتعرَّض لأيِّ قهر لا من والديها ولا من أشقائها ولا من أي أحد. كانت الهدايا في الأعياد والمناسبات تنهال عليها من أشقائها الخمسة، كلٌ يأتي بهديته.
هل هذا يعني أنه إذا ارتكبت (أبرار) الأخطاء التي يقع فيها الأطفال يومياً، لا تتعرَّض إلى العقاب؛ أياً كان نوعه؟
شوف.. والله أبرار دي عاشت طفولة مليئة بالعطف والحنان و(الدلع).. لكن هذا لا يعني أن (الحَبِل كان مطلوق)؛ فنحن من أسرة سودانية قروية تعرف تماماً الفرق بين (الأدب وقِلة الأدب).
أين درست مرحلة الأساس؟
بمدرسة القرية (أم شجيرة).
وماذا عن المرحلة الثانوية؟
أبرار درست الثانوي العالي بمدرسة عبد الرحيم طه الثانوية بنات بمدينة القضارف بحي السيول.
وأين سكنت في المرحلة؟
كل بنات قرية أم شديرة كن يسكن مع أهلهن بالقرية، حيث يذهبن للدراسة ويأتين بعد انتهاء (الحصص) من الباب إلى الباب عبر ترحيل بـ(بكاسي معروشة) ومخصصة لنقل الركاب والطلاب.
متى دخلت الجامعة؟ وأين كانت تسكن؟
أبرار دخلت الجامعة عام 2003م بعد جلوسها لامتحان الشهادة الذي تمَّت إعادته عقب كشف أوراقه. حيث درست بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا كلية المختبرات قسم الكيمياء الحيوية. وكانت تسكن مع قريبتها بأم درمان.
هناك حديث دائر بهذه المدينة القضارف- أن أبرار (جنَّدها) شقيقها للالتحاق بالحركة الشعبية أيام الوحدة ومن ثمَّ (توغَّلت) وصولاً إلى المسيحية؟
ردَّ السماني ببساطة ممزوجة بسخرية: (ياخي نحن عرب الله في بلد الله، وعليَّ الطلاق السياسة دي دربها بي وين ما بنعرفو، وده كلو كلام فارغ ساي، نحن سمعنا أكتر منو، بس ربنا موجود وعالم بكل شيء).
لو طلبنا منك أن تحدِّثنا عن المستوى التعليمي لك أنت ولأشقائك؟
أنا أكتر زول متعلِّم في إخواني، وصلت ثالثة متوسطة السلم التعليمي القديم - أما البقية فمن الابتدائي دخلوا السوق وعملوا في التجارة وتربية المواشي مع الوالد.
عندما كانت أبرار تدرس بالجامعة كيف كان تواصلكم معها؟
بُحكم تربيتنا القروية فضَّلنا أن تسكن مع قريبتنا بأم درمان، وعند سفرها من القضارف إلى الخرطوم للجامعة وكذلك عند عودتها، كان يرافقها شقيقنا (محمود)، إذ لم يحدث طيلة فترة الدراسة أن ذهبت إلى العاصمة أو عادت منها وحدها، فمحمود أحياناً يكون بالقضارف وهي بالخرطوم، لكنه يذهب إليها خصيصاً لكيما يعودا معاً.
طيب في فترة وجودها بالعاصمة للدراسة، هل كنتم (تجنِّدون) أحد أشقائكم لمتابعتها من البيت إلى الجامعة؟
لا لا.. نحن لم نكن نشكّ لحظة واحدة في أخلاقها، وهي ليست طفلة، لكن بالنسبة لمرافقتها من القضارف وإليها فهذا يرجع إلى طبيعة مجتمعنا التي حدَّثتك عنه، وهي لا تحكم أسرتنا فقط بل تحكم الجميع في قريتنا وكل القرى المجاورة.
هل اكتفت بالبكالاريوس؟
لا.. فبعد أن (استلمت) شهادتها الجامعية وعادت إلى قريتها (أم شديرة) و(عملنا) لها الكرامة، قالت إنها ستواصل دراسة الماجستير لمدة سنتين، ووافقنا لها، حيث رجعت لمواصلة دراستها بنفس الجامعة.
وأين كانت تسكن وقت دراسة الماجستير؟
بدأت السكن مع قريبتها التي سكنت معها وقت الجامعة، ثم انتقلت للسكن بالداخلية في أم درمان - وكان التواصل بيننا مستمراً بشكل يومي عبر الهاتف، ولم يمر عليها شهران أو ثلاثة أشهر بالأكثر إلا وعادت إلينا بالقرية.
متى كان آخر حضور لها بالقرية؟
قبل شهر رمضان الماضي بأيام كان زاوج شقيقتنا الأخرى، وقد حضرت أبرار هذه المناسبة، وكانت الدينمو المُحرِّك بالمنزل. وقد تم التقاط صور كثيرة لهذه المناسبة وظهرت أبرار فيها بكثرة.
وبعد ذلك ماذا حدث؟
عادت أبرار لمواصلة الماجستير لكن أخبارها انقطعت عنَّا نهائياً، فذهبنا لها أنا السماني - وشقيقي محمد ولم نترك ركناً في العاصمة إلا وصلناه، وطيلة شهر رمضان الماضي كنا نبحث عنها ليل نهار لكن لم نجد لها ريحاً. وتواصل بحثنا حتى قبل 45 يوماً لتتفجَّر بعدها الأحداث كما ترون.
أنتم كأُسرة هل لكم عداء مع شخص أو غيره؟
يا أستاذ نحن ما عندنا مشكلة مع أي زول في الدنيا، وإنتو كصحفيين حقو تعرفو إنو دي حملة تنصيرية لا تستهدف أبرار في شخصها أو أسرتها أو قبيلتها، بل تستهدف كل بنات وأولاد المسلمين بالسودان، كما فعلت مع إيمان وكواكب والعشرات إن لم نقل الآلاف من أبناء السودان.
هل تعني أن أبرار راحت ضحية صراع بين الأديان؟
نعم أبرار الآن ضحية لصراع شرس بين الكنيسة والمسجد، فالتنصير يتوغل الآن في مجتمعنا بكثافة رهيبة وعبر استغلال مقيت، لكن اسمع مني الكلام ده: عليَّ الطلاق نحن ما بنسمح للمد الكنسي ينطلق للسودان من بيتنا.
الآن ما هو طلب الأسرة؟
طلبنا أوضح من الشمس، أن يُنفَّذ حكم القضاء بحذافيره وهو تطبيق حد الردة. أما إذا سمحت أي جهة لأبرار بالخروج من السودان، فالعواقب ستكون وخيمة جداً، ولن نسمح بذلك مُطلقاً.
سألتُ السماني: ماذا ستفعلون؟
ردَّ بلهجة حادة جداً: أبرار عندها تلاتة قبائل (حرَّم) تأكل النار، وأنت حاتشوف نحن بنسوي شنو.
طيب سؤال أخير: لو عادت أبرار إلى صوابها وسلَّمكم لها القضاء، هل لديكم استعداد للغفران لها؟
وقسماً عظماً نحن رغم كل الذي حدث نشوفها لحدِّي الليلة (بِريرة) الصغيرة الزمااااااان ديك ذاتها، ومستعدين نغفر ليها كل الحصل ونسامحها، وأكشف سراً: عليَّ الطلاق عندها ولد عمَّها قال لو جات الليلة دي بيعقد عليها ويتزوَّجها أحسن زواج.
هنا كان من الضروري أن أسأله: هل سبق وأن تقدَّم رجل لخطبتها؟
أجاب السماني: نعم والله سبق وأن تقدَّم لها ثلاثة من خيرة شباب القرية، لكنها تعلَّلت بأن الأولوية عندها وقتذاك لتكملة الماجستير.
السوداني