• ×

"صراخ وبكاء وإغماءات" في محكمة تسريب امتحان الكيمياء

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية إنعام آدم
أنزلت محكمة جرائم الفساد ، عُقُوبات رادعة بحق مُعلِّمين اثنيين أُدينا بتسريب امتحان مادة الكيمياء في امتحانات الشهادة السودانية الأخيرة، وأمرت المحكمة برئاسة القاضي الأصم الطاهر الأصم بحبس المُدان الأول “مُوجِّه تربوي” (14) عاماً، وعلى المدان الثاني “مُعلِّم ثانوي” بالسجن عاماً واحداً قبل أن تُفرض للمُدانين عقوبة مالية قَدرها (15) مليار جنيه “بالقديم” بالتضامن أو بالانفراد على سبيل التّعويض للشاكي “وزارة التربية والتعليم” الاتحادية عبارة عن قيمة الخسائر بإعادة الامتحان.
وأفلت زمام الأمر داخل المحكمة وشهدت اشتباكات وصراخاً وإغماءات وإساءات قبل أن تتدخل الشرطة باستعادة الهُدوء بعد وقتٍ ليس بالقصير وأفلحت في إخلاء الجميع بالقوة.
ووجّهت المحكمة صوت لوم وعتاب إلى وزارة التربية والتعليم في تسريب الامتحانات حسب أقوال بعض الشهود في القضية بأنهم اطلعوا على الامتحانات عبر تطبيقات “الفيسبوك والواتساب”، وقالت المحكمة إنّ ما حدث من تسريب أمرٌ مُحزنٌ ومُؤسفٌ ومُؤلمٌ، وان امتحانات الشهادة السودانية أمانة في أعناقهم يُسألون عنها أمام الله تعالى يوم القيامة، يسألون عن كل طالب اجتهد وساهر الليالي وتعب في المذاكرة من أجل الحُصُول على النجاح، ويسألون عن كل أم وأب سهروا على أبنائهم واقتطعوا من قُوت يومهم لشراء المُذكّرات وتوفير الجَو المُناسب للمُذاكرة لأبنائه خلال فترة الامتحانات، وتأتي المُفاجأة الصَادمة باكتشاف الامتحان.. وتَمَنّت المحكمة أن تعود امتحانات الشهادة السودانية إلى سيرتها الأولى المعهودة منذ أزمان بعيدة وألا تتكرّر الحادثة، ووصفت ما حدث من تسريب الكيمياء بـ “الكبوة”.
تشديد العُقُوبة
شددت المحكمة في العقوبة التي أنزلتها على المدان الأول ليكون عظةً وعبرةً لمن لا يُعتبر لأنه شذّ عن القاعدة، وارتكب عدة جرائم من فعل واحد، إلى جانب ما قام به يجب أن يُقابل بالردع لأنه تسبب في زعزعة الثقة وسط الطلاب وكبت الدولة خسارة إعادة الامتحانات.
وقضت المحكمة بالسجن (14) عاماً من تاريخ التاسع والعشرين من مارس الماضي ودفع غرامة مالية وجوبية قدرها (10) آلاف جنيه للمدان الأول يعمل مُوجِّهاً بوزارة التربية والتعليم وفي حال عدم الدفع السجن ستة أشهر، على أن تسري عقوبة السجن بالتتابع.. والسجن عاماً واحداً للمُدان الثاني “معلم بالمرحلة الثانوية” ودفع غرامة موجبة قدرها ثلاثة آلاف جنيه وبالعدم السجن ثلاثة أشهر، لعدم توخيه الدقة والحذر في نشره للامتحان.
الوقائع الجوهرية
بدأت المحكمة بسرد الوقائع الجوهرية لقضية للمُدان الأول الذي يعمل مُوجِّهاً بوزارة التربية والتعليم التي أُسندت إليه مراقبة امتحانات الشهادة السودانية بمركز مصعب بن عمير بمحلية كرري، ومُهمّته استلام وحفظ الامتحانات وتوزيعها للمراكز قبل زمن الجلوس للامتحانات بنصف ساعة، إلى جانب حفظ الامتحان بعد الانتهاء منها.
وتعرّف المُدان الأول على المتهمة الثالثة ربة المنزل التي تمّت براءتها وإطلاق سراحها، لأن لديها ابنة خاضعة لامتحانات الشهادة، وقبل يوم من الجلوس لامتحان الكيمياء حضر الأول إلى منزل الثالثة مُتأبطاً أوراقاً وبرفقته ابنة شقيقه وأخرى ابنة زميله وعاد في مساء نفس اليوم واستلم الأوراق وكانت عبارة عن أسئلة بعد أن تم حلها وتصويرها ونشرها عبر تطبيق “الواتساب” في قروب خاص بمُعلِّمي الفيزياء.
وحدثت المُفاجأة المُحزنة باكتشاف تسريب امتحان الكيمياء في نفس يوم الجلوس له، وكَثّفَت الجهات الأمنية جُهُودها بالتوصل وإلقاء القبض على المتهمين، ووجّهت لهم تهماً تحت المواد (89 – 88 – 56 – 26 – 24 – 21) من القانون الجنائي والمادة (19) من قانون جرائم المعلوماتية في مواجهة المتهمين الأربعة.
‏وعقب سماع قضية الاتهام واستجواب المتهمين، شطبت المحكمة الاتهام في مُواجهة المتهمتين الثالثة والرابعة لعدم وجود بيِّنة كافية في مواجهتهما وتم إطلاق سراحهما، وتم توجيه الاتهام للأول والثاني.
مُناقشة عناصر الاتهام
ناقشت المحكمة، عناصر مواد الاتهام للأول وثبت من خلال ذلك أن الأول تصرّف بإهمالٍ فاحشٍ يُخالف مقتضى الأمانة مما ادى إلى ضياع المال في كونه مُؤتمناً عليه، وعرف المال بأنه كل شئ يُمكن حيازته مادياً أو معنوياً ليصبح أن يكون محلاً للحقوق المالي، وعرفه الفقهاء “كل ما يمكن حيازته وينتفع به”.. إلى جانب، أن الأول كُلِّف بمهمة كبير المراقبين والشخص الوحيد المسؤول عن دولاب الامتحانات وبذلك يكون مُؤتمناً عليها وقام بسُوء قصد بجحد ذلك المال في تسريبه للكيمياء قبل موعده ممّا كلف إعادته (15) ملياراً بالقديم، وكان سيئ القصد بفعله لهذا السلوك، خاصةً وانه لم يُبرِّر مسؤولية حضوره إلى منزل الثالثة في هذا الوقت بالذات قبل يوم من الجلوس لمادة الكيمياء وأنه لا صلة له بالمادة وانه معلم لمادة الحاسوب. وتمت إدانته تحت المادة “177/2” المتعلقة بخيانة الأمانة – بحسب انه موظفٌ عامٌ، إضافة إلى المادة “55” المُتعلِّقة بإفشاء واستلام المعلومات والمُستندات الرسمية، التي ثبت من خلال البيِّنات بأن الأول مُكلّف بالامتحانات التي تُعد من الشؤون السرية للدولة، إلى جانب المادة “89” الخاصة بالموظف العام الذي يُخالف القانون بقصد الإضرار أو الحماية، وبذلك يكون الأول خالف القانون كونه موظفاً عاماً ويعمل كبير المراقبين ومن أولى مهامه المحافظة على الامتحانات حتى الانتهاء منها حسب لائحة امتحانات الشهادة السودانية، بيد انه فعل عكس ذلك بتسريبه الكمياء.. وبذلك تمت إدانته تحت المواد السابق ذكرها من القانون الجنائي.
فيما أُدين الثاني تحت طائلة المادة (19) من قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007 لنشره الامتحان دون وجه حقٍ في قروب عبر تطبيق التراسل الفوري “الواتساب” وكان عليه توخي الدقة والحذر.
التيار


بواسطة : admin
 0  0  1416
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:07 صباحًا الثلاثاء 14 مايو 2024.