• ×

البنات نصرن (الإمام) حين خذله البنون !!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم ـ السودانية تصلح التنشئة الخاصة بزعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، لتكون مقياس رسم لمعايرة تجانس الجينات داخل شخصية إمام الأنصار، إذ أن الخلاسية الفارقة في التكوين النفسي للرجل أشبعته بصنوف معرفية هائلة، أهلته لأن يكون أحد الفاعلين في المشهد الفكري والسياسي والفقهي في السودان.
وقد يكون خافياً على الكثيرين أن السيدة سارة ابنة عبد الله جاد الله (كسار قلم ماكميك) ووالدة الصادق المهدي, قد أرضعت الإمام حكمةً ووهبته بسالةً جعلت منه نسخةً مهدويةً متفردة.. وقد لا يعلم كثيرون أن الصادق نفسه أشار ــ غير مرة واحدة ــ إلى أنه مدين لهذه السيدة العظيمة بالكثير.

دمعة على الحبيب
الدموع التي انهمرت من عيني رباح الصادق المهدي في مؤتمر حزب الأمة القومي أمس، وهي تفضح حالة الليونة والعاطفة تجاه والدها حبيس المعتقل، لم تمنعها من تثبيت موقفها المصادم لحادثة الاعتقال. ولعل ذلك ما جعل من رباح واحدة من الوجوه النسائية التي انتزعت درجات الإجادة في امتحان اعتقال الوالد الزعيم.

ويُعرف عن رباح التي قدمت نفسها كواحدة من الأقلام الصحافية المصادمة، أنها تحرص على تعريف نفسها برباح الصادق عوضًا عن رباح الصادق المهدي، على الرغم من الحمولة الإيجابية البائنة لاسم (المهدي) الأب، لكن ذلك لا يعني أنها ليست أسيرة لقاعدة كل فتاة بأبيها معجبة، فرباح الرابحة من كونها ابنة إمام الأنصار، زاحمت رجال الحزب الطائفي في المنافحة عن رئيس حزب الأمة في الأزمة الأخيرة، فقد كانت حضوراً عندما انحنى الإمام ليوقع على أقواله أمام المتحري بنيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، دون أن يتراجع عنها قيد أنملة.

وأيضاً وقعّت رباح في دفتر المتميزات في المؤتمر الصحفي لحزبها أمس على الرغم من أن دمعة نافرة تسللت من عينها، لحظة أن قرأت الأمين العام لحزب الأمة سارة نقد الله، رسالة سطرها الحبيب الصادق المهدي من معتقله بسجن كوبر الاتحادي، مخاطبًا فيها جماهير حزبه وعموم الشعب السوداني.

عقوق سياسي
أكثر ما دار بخلدي وأنا، أعفر رجلي بتراب نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، يوم أن جاءها المهدي زائراً مُستَجوبا الخميس الماضي، هو أن أنتزع إفادة من العميد عبد الرحمن نجل الإمام الصادق المهدي، ومساعد المشير عمر البشير، لكن الرجل لم يحضر، وتبعاً لذلك بدلت المهمة بإفادة من منسوب جهاز الأمن بشرى الصادق، لسبر أغوار التقاطعات بين علاقة كليهما ــ عبد الرحمن وبشرى ــ مع التطورات الدرامية التي طرأت على المشهد السياسي. لكن بشرى لم يحضر أيضاً، على الرغم من أن ثمة شائعة قوية، شرعن لها الشبه الكبير بين بشرى ومحمد أحمد نجل المهدي، انتشرت بين الناس تقول إن منتسب الجهة التي تخاصم الصادق المهدي قد دون اسمه في دفتر الحضور.

حار الناس يومها في غياب عبد الرحمن المهدي الذي سيق أبوه عن عمد إلى مباني النيابة ذات المدلول اللفظي والمعنوي الغليظ، ليحلف على أقواله الناقدة لقوات الدعم السريع، أو أن ينفيها.

ومكمن حيرة الحضور يومها في أن ساكن القصر الرئاسي لم يأت لمساندة والده في بلاغ ربما تصل عقوبته حد الإعدام، لكن مع ذلك فقد كان لسان حال إخوة عبد الرحمن يرددون: (اغلطو انتو يا أحباب.. نجيكم نحن بالأعذار)، وهذا ما تنامى لي حينما سألت صديق ابن الصادق المهدي عن غياب عبد الرحمن المهدي، لجهة أن (صديق) أخبرني دون تردد أن شقيقه خارج السودان.
ولأني كنت على علم تام ودراية كاملة بأن شقيقه قد أنهى رحلته الخارجية وعاد إلى السودان قبل حضور والده إلى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة بيوم، فقد أسررت ذلك في نفسي، وطفقت أبحث عن بشرى فلم أجده، بمثلما طفق الصحافيون يبحثون أمس عن عبد الرحمن وبشرى في المؤتمر الصحفي ولم يجدوا أياً منهما. المهم أن الصادق المهدي قال في رسالته من داخل معتقله بسجن كوبر الاتحادي إن وجود ابنه عبد الرحمن في القصر - مع أنه لا يمثله ولا يمثل حزبه - لا يعني أنه ـ أي المهدي ـ يُهادن الحكومة.

المنصورة تنتصر لوالدها
لم تكن رباح حالة شاذة في بنات الإمام الصادق المهدي، فمثلها كانت أم سلمة وزينب وكذا مريم المنصورة، التي جاءت الى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة ـ يوم ذاك - وهي تتوكأ على عصا، ادخرتها لتقيها شرور التعب وهي تضغط على رجل واحدة، بعد أن تم إدخال الرجل الأخرى في (الجبس) غداة الكسر الذي أصابها في بلاد اليانكي الأسابيع الماضية.

تجاسرت المنصورة على أوجاعها، وجاءت لتساند أبيها يوم أن أتى النيابة منقاداً لفرمان قضائي طرفه جهاز الأمن والمخابرات، بل إن مريم التي عمدت الى أن تتوشح بالثوب الأسود، ظهرت كمن يود إرسال رسالة مفادها انه ليس من مجال للأبيض الناصع الذي تحرص على ارتدائه دومًا، أو كأنما أرادت المنصورة أن تبدأ فصولاً من الحداد على الوطن بعد أن تيقنت أن الحوار الوطني وقبله الحريات قد وئدت في مهدها.

الشاهد أن مريم المنصورة التي عُرفت بمناصرة والدها في عز الشدائد، يحفظ لها التاريخ نضالها البائن وغير المنكور في الجبهة الشرقية، تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي، ومن خلال راية جيش الأمة. ومعلوم أن تلك الأيام وثقت للطبيبة مريم وهي تداوي الجرحى في صفوف القوات التي تقاتل من أجل استعادة الحكم من بين فكي الجبهة الإسلامية التي أجهزت على الديمقراطية من خلال ما يعرف بانقلاب الإنقاذ, بل إن سجلات التدوين والأرشفة تقول إن المنصورة كانت تجوب الصفوف الأمامية ليس من خلال (البالطو) الأبيض الذي ارتبط بالأطباء وارتبطوا به، ولكن من خلال البزة العسكرية التي تشرفت بمريم وتشرفت بها المنصورة.
يوسف الجلال ـ الصيحة



بواسطة : admin
 0  0  1063
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:51 مساءً الأحد 19 مايو 2024.