• ×

حمدي صلاح الدين : (مقتل سامر الجعلي)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية تعددت الروايات حول مقتل الشاب سامر الجعلي، رحمة الله عليه، من (بيان الشرطة) و (بيان اسرة الفقيد) و (روايات شهود العيان) الا ان الثلاثة (الشرطة، اسرة الفقيد و شهود العيان) اتفقوا جميعا على ان الشاب الفقيد توفي اثر (رصاصة) او (رصاص) من قبل (شرطي) مع اختلاف الروايات حول (الكيفية).

فالشرطة تقول ان الرصاصة اطلقت لتعطيل السيارة بينما اصابت القتيل في مقتل فشلت معها محاولات اسعافه، في حين تقول اسرته انه قتل بعد ايقاف سيارته في فعل لا يستلزم اطلاق الرصاص الحي.

و اتفاق الروايات الثلاثة يمهد الطريق نحو حل القضية فليس هناك نزاع حول (من الجاني) و انما النزاع حول (قانونية و دستورية الفعل) و (كيف تم الفعل) و هذا هو المحك الحقيقي الذي تقف عنده القضية، المحك الذي يسعى الثلاثة في طرحه بإقناع كامل للراي العام كل حسب سنده و عضده.

القضية اصبحت (قضية راي عام) و المعركة اضحت قانونية في المقام الاول حول (كيف تم الفعل) و (قانونية و دستورية الفعل) و حول (مدي اتساق هذا الفعل مع قانون الشرطة المستمد من دستور الدولة).

بيان الشرطة جاء ملقيا اللوم علي الفقيد معددا المخالفات، بحسب البيان، بدون تفسير واضح لنصوص المواد التي تتيح هذا الفعل لتضع الشرطة الراي العام كله في الصورة كاملة و تبين صحة موقف منسوبيها من عدمه.

و علي الرغم من عدم انكار الشرطة اصابة الفقيد برصاص منسوبيها الا انها تجاوزت توضيح (قانونية و دستورية الفعل) التي تعتبر مربط فرس القضية و ذهبت الى ما هو دونه من تعريف بالمحرزات التي لم تعد ذات قيمة بعد وفاة الفقيد.

بيان الاسرة، ان صح البيان المتداول في الوسائط، ارتكز على نقاط استفسارية وردت بين ثنايا بيان الشرطة و اكد البيان ان الاسرة ستتابع الامر قضائيا بعد انتهاء مراسم العزاء.

المواطن السوداني، شانه شان بقية امم العالم، يثق في مؤسسة الشرطة ويعتبرها واحدة من مؤسسات الوطن القومية القريبة الي نفسه بسبب التعامل شبه اليومي بين (المواطن و الشرطي) علي غير بقية القوات النظامية التي في الغالب لا يحتك بها المواطن يوميا بحكم اختلاف مهام القوي النظامية الاخرى. و ترتسم صورة الشرطة في ذهن المواطن بحماية الناس و تطبيق القانون و اقامة العدل و دفع الضرر و الظلم و ازالة الغبن الذي قد يستوطن في النفوس ذلك من اجل مجتمع معافى لا تؤخذ فيه الحقوق بقوة اليد.

مؤسسة الشرطة باقية على مر الازمان و تذهب الحكومات و تاتي و تبقى الشرطة احدى موروثات و مكتسبات و مقدرات الشعب و البلد التي يفخر بها الجميع . و هذا حال كل بلدان العالم.

لهذا كله ، كان علي الشرطة ان تكون اكثر دقة و ابانة ووضوح في تفسير حادثة مقتل الشاب سامر بالامس لعدة اسباب اولها ان الشرطة طرف مباشر في القضية، بحسب بيان الشرطة، وهذا يجعلها في وضع تحاول فيه الا تكون القاضي و المحامي بل تعمل على اعادة تعزيز صورتها الذهنية عبر حزمة اجراءات وقرارات فورية و تعلنها علي الملا و دونما تاخير.

كان اولى ان تعقد الشرطة مؤتمرا صحافيا تبين فيه بالدلائل و القرائن و الصور و الرسم مسنودا بمواد القانون صحة موقف منسوبيها من عدمه. ثم تترك لجهات محايدة اجراء تحقيق و تفتح الباب للميديا لمتابعة سير التحريات بكل شفافية و تترك للرأي العام الحكم.

اظهار الحقائق كاملة تصب في خانة مصلحة الشرطة و الصورة الذهنية المرسومة لها اما خلاف ذلك فيعتبر فعل افدح من خطا (القتل نفسه) (فالضبابية) في حادثة كهذه قد تفهم بانها على حساب (عدم محاسبة و معاقبة المخطئ) ان وجد مخطئ في القضية و هذا الوضع سيخلق حالة (عدم ثقة) و يجعل مؤسسة الشرطة في نظر كثيرين، مؤسسة تنثني امام قيمها و مقدراتها و مكتسباتها فهي مؤسسة ملك للشعب .

القضية اصبحت (قضية راي عام) لهذا فتمليك الراي العام الحقائق كاملة يجعل الشرطة تقف في المنطقة الصحيحة خصوصا انها طرف اصيل في القضية.

على الشرطة ان تبين بالوثائق و بالتفصيل صحة موقف افرادها في اطلاق الرصاص الحي وسط المدينة و مقتل الشاب سامر عمدا او خطا ، او توضح خطا منسوبيها في هذا الموقف و تعلن بتجرد قيمي وضعهم رهن الاحتجاز للتحقيق و من ثم تقديمهم للمحاكمة.

في الحالتين الفيصل هو المستندات و شهود العيان والقانون و الدستور .

كل التعازي لآل الجعلي و أل النقر في مصابهم الجلل.

حمدي صلاح الدين
النيلين


بواسطة : admin
 0  0  1848
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:56 مساءً الإثنين 20 مايو 2024.