• ×

الناقد كمال الزين عن أغاني وأغاني "1":تزوير تاريخي للسر قدور

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية مقدمة بليغة من حيث اللغة ، مليئة بالأخطاء التأريخية المتعمدة المباحة ، و المتعمدة المباحة هنا ، لأن الأستاذ السر قدور لم يرد بها الكذب ، بقدر ما أراد بها التجمل و التجميل .
حيث أن الأستاذ السر قدور ببلاغة الإعلامي الذي جاوز نصف القرن في ردهات الإذاعات و الصحف و التلفزيونات ، قد زور تاريخاً معلوماً بنية العرفان و التقدير للحاج محمد أحمد سرور و صنوه العظيم الشاعر الكبير إبراهيم العبادي ، حين أدعى أنهما تعمدا صناعة ما عرف بأغنية الحقيبة و التي شكلت إنطلاقة فن الغناء السوداني الحديث بأشكاله التي تعددت و تنوعت بحكم التطور الطبيعي الذي فرضته حتمية التعاقب و أختلاف الازمان و الشخوص و التطور المفتعل الذي حتَّمته عوامل إختلاف الأذواق جيلاً عّن جيل ، و التأثير الذي لا فرار منه بالموسيقى العربية و الافريقية و العالمية الذي بدأ يجتاح السودان إجتياحاً بفضل نشوء فن السينما و بفضل ميلاد محطات الاذاعات و التلفزيونات و التي جعلت التأثر بنجوم المحيط العربي و الأفريقي و العالمي يتزايد و يطرد جيلاً بعد جيل .
الذي تعمده الأستاذ السر قدور و هو ما يعتبر دساً لسم التعظيم في دسم التأريخ الحقيقي بنية التقدير ، هو أن التحول الذي صنعه الحاج محمد أحمد سرور بمساعدة إبراهيم العبادي لم يكن سوى محض صدفة ، و لم يكن ليكون لولا إضراب الطنابرة الشهير ، و لم يكن ليتحقق لولا حدة الطبع و العناد الذي أشتهر به الحاج محمد أحمد سرور و إعتداده بنفسه لدرجة الغرور .
لم يكن الحاج محمد سرور يرمى من وراء تحديه الطنابرة و إضرابهم الشهير إلى توحيد وجدان الأمة و صناعة لونية أغنية سودانية ذات ملامح عصرية ، كما أورد الاستاذ السر قدور ، و لكنه تحدى الطنابرة و جاءت هكذا ضربة لاذبٍ ، حين ألتف حوله شباب ذلك الزمان كَدَأْب الشباب في كل العصور ، يشدهم كل جديد و يرفضون كل مألوف .
في مستهل الحلقة ، أثبت الموسيقار عوض أحمودي ، أنه عوّاد بارع ، حين أعطى عبقرية إبراهيم الكاشف حقها و مستحقها ، مقدمة رائعة الشاعر عبيد عبد الرحمن ( رحلة ) كانت شهادة على عظمة إبراهيم الكاشف كملحن قبل أن يكون فناناً عظيماً بلا شك ، الفرقة الموسيقية المصاحبة للبرنامج إستطاعت هي بدورها ستر عورة صوت جمال فرفور الفنان الذي قضى ربع قرن أو يزيد في سوح الغناء السوداني دون أن يختلف أداءه عّن أداء المبتدئين ، بل أن مستوى أناقة ملبسه لم يبارح مستوى أزياء سماسرة دلالة السيارات .

قبيل مشاهدتي الحلقة و صلتني رسالة رقيقة من الصديقة إنعام عبدالحفيظ - وزيرة الثقافة بولاية الجزيرة ، تشيد فيها بالشاب عبدالسلام حمد ، و للحقيقة وجدتني ( و النُّون هنا أعني بها نفسي ) قد شاهدته قبيل ذلك في عدة مقاطع دون موسيقى .
الشاب عبدالسلام حمد قام بأداء رائعة الثلاثي الذري إبراهيم عوض و سيف الدسوقي و عبداللطيف خضر التي شكلت منعطفاً هاماً في مسيرة الأغنية ذات المحتوى الروائي و التي أعقبت أغنية الكاشف و تأثرت بالتخت العربي إعتماداً على آلة الأكورديون و أبتعدت عّن ظاهرة ( الكسرة ) التي طغت على الألحان نزولاً على رغبة جماهير ( بيت اللعبة ) أو ماعرفت لاحقاً ببيوت الأعراس .
عاب أداء الشاب عبدالسلام دخوله المضطرب في إستهلالية الأغنية ، حيث لم يكن صوته راكزاً بالقدر الذي شاهدته عليه في تسجيلات اليوتيوب ،ربما للخوف و التوتر الذي يصاحب التجارب الاولى عادة .
لم يتلقى عبدالسلام الشاب قليل التجربة التوجيه اللازم أثناء البروفات ، لصوت عبدالسلام ميزة لم يتم العمل على الاستفادة منها ، و هي قوة صوته في منطقة الجواب و ضعفه أو عدم مقدرته على التطريب حين يغني في منطقة القرار ، و المؤسف أن الاغنية كانت سانحة طيبة لم يحسّن إستغلالها ، و هي ليست مسؤليته بحكم سنه و قلة تجربته .
عبدالسلام حمد فنان موهوب ، أعجبتني بساطة و سلاسة أداءه ، و ساءني عدم غناءه في منطقة الجواب التي تظهر إمكانياته الصوتية التي يمكن أن تصبح مهولة بالمران و التوجيه و الإختيارات المناسبة ، كما عابه أيضاً سوء مخارجه عند نطق بعد الحروف .

وفق الاستاذ السر قدور في الحديث عّن الموسيقار العاقب محمد حسن ظل مثل نوح في قومه ، دعوته لتطوير الموسيقى السودانية و التي حسب قراءتي المتو
ضعة شكلت إمتداداً لمدرسة الموسيقار إسماعيل عبدالمعين و تجربته غير المكتملة التي أطلق عليها إسم ( الزنجران ) و طبقها في أغنيتيه الشهيرتين ( البيتاح ) و ( قالوليا سرو ) .
الفنانة هدى عربي و التي أصبحت من وجوه البرنامج المتكررة لعدة مواسم ، بحكم أنها فنانة ذكية و صاحبة حضور طاغي و مقدرة على جذب المشاهد من خلال أداءها المسرحي و رقصها الذي يصرف إنتباهك عّن أية هنات في أداءها ، قدمت اليوم رائعة صالح الضي ( دلال ) ، و صاحب أداءها ضعفاً لم نألفه من قبل ، خاصة حين تتعمد إبعاد المايكروفون عّن فمها في حركة مسرحية جديدة هذا العام دون أن تعالج ذلك برفع صوتها أكثر حتى يصل إلى المستمع ، هدى لم توفق اليوم في هذا الأمر و شوش كثيراً على أداءها و ظهرت كمن لا يحفظ كلمات الاغنية جيداً ، و هذا مستبعد طبعاً على فنانة محترفة مثلها .
فيما عدا ذلك ، فهدى عربي هي هدى عربي .

أصاب الأستاذ السر قدور في معلومته حول مقاصد والدة الفنان عبدالكريم عبدالله مختار و الذي أشتهر بلقب كرومة ، و لكنه تناسى أن هذه المقاصد لم تعد ذات دلالة هامة بعد أن أصبح المسمى بنطقه المتعارف عليه إسم علم و أرتبط بلقب كروان السودان ، و هي معلومة ليست نافعة بالقدر الذي يمكن أن تكون إضافة هامة إلا من حيث التأريخ للشخصي الخاص بكروان السودان و الند الأوحد للحاج محمد أحمد سرور .
الفنان عاصم البنّا .. قدم أحد أهم ألحان كروان ( البديع الهواك سباني) ، و لكنه لم يستطع إضافة شيء لرصيده الخاص أو إضافة جديد للأغنية، و قام بأداءها على طريقة جمال النحاس حتى من حيث التعبير الحركي .
يبدو أن عاصم و فرفور و هدى يكتفون في حلقة هذا اليوم بشرف الحضور و المشاركة من التواجد كأحد علامات البرنامج مثلهم مثل تتر المقدمة و الخاتمة .
أعتقد أن عاصم البنّا يفكر في خلافة الاستاذ السر قدور مستقبلاً في تقديم البرنامج و قام بتجهيز ( عصاه ) منذ الآن .
يبدو أن لعنة الشهرة قد أصابت الشاب مامون سوار الدهب الذي أطل على المشاهد للمرة الاولى من خلال حلقات برنامج نسخة العام الماضي ، فقد بدا اليوم أكثر ثقةً في نفسه و لكنه لم يكلف نفسه عناء إخراج صوته واضحاً و أكتفى ( بنخنخة و نهنهة ) كمن يقول للمشاهدين كفاية عليكم ما قدمته العام الماضي ، رغم تحفظي علي مستواه في العام الماضي و إختلافي مع الذين هللوا له و أشادوا به .

إن شاء الله نلتقي ،،


بواسطة : admin
 0  0  1516
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:28 مساءً الإثنين 29 أبريل 2024.