• ×

زواج القاصــرات .. فــرح يغتـال البـراءة فـي الســودان

أثــار الكثيـــر مــن الجـــدل

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
تحـقيــق : سامـي الشنـاوي أصبح زواج القاصرات في السودان هاجسا يشغل عقول الناشطين في مجال حقوق الإنسان وتحديدا المرأة ، لجهة أن بعض الأسر لا تزال تؤمن بضرورة تزويج الفتيات كيفما اتفق وصولا إلى صونهن ، سيما وأن الزواج وفقا للمفاهيم المجتمعية لتلك الأسر يبقى بمثابة الضامن الأوحد للحياة الكريمة للفتيات .
جـــــدل واســـــع

يحرص الكثير من أولياء الأمور على إتمام مراسم الزواج لصغيراتهن حتى وان جاءت الزيجة تحت السن المتعارف عليها طبيا وقانونيا، وعلى الرغم من ارتفاع الأصوات المنادية بوقف زواج القاصرات إلا أن الظاهرة في تنامٍ مضطرد، حتى أنها لتكاد تصبح كابوسا يقلق استقرار المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والطفل، وفي الوقت الذي يصر فيه المختصون في مجال الطب النفسي والمجتمعي على خطورة الإقدام على تزويجهن في سن مبكرة، نجد أن القانون المدني الحاكم في السودان منح الأسر الحق في تزويج بناتهن حال بلوغهن سن العاشرة، مشترطا إتمام مراسم العقد بحضور القاضي الشرعي .
وغير ذلك فان الناشطين اعتبروا أن عدم النظر إلى المخاطر الطبية والنفسية المترتبة على تزويج القصر بعين الاعتبار يقود لخلق مجتمع معلول، وأجيال تفتقر للتربية السليمة لأن تربية القاصر لأبنائها يولّد ثقوبا في تركيبة المجتمع .
اغـتـيــــال الـبــــراءة

في واحدة من قرى السودان وقعت تفاصيل اغرب الزيجات في تاريخ السودان الحديث.. غرابة مصدرها إلى حرص رب الأسرة الثمانيني على تزويج ابنته في سن الحادية عشرة ، غير مكترث لرفض أشقاء العروس ، وغير مبال بهتافات منظمات المجتمع المدني الرافضة لتزويج اليافعات ، وغير آبه بالمخاطر الطبية التي يمكن أن تترتب على الحادثة ، فما يهم والد العروس هنا انه صان عفة صغيرته ، دون أن يدري انه بذلك حرمها من حقها في التعليم ، وسلبها حق اختيار شريك حياتها بوعي كامل ، وأبعد من ذلك فقد أزاح - وفقا لمعتقدات القرية - عن كاهله هاجس كفالة ابنته .
قـانـــون بـديـــل

حسب الحقوقيين فإن الهدف من وجود أي نظام قانوني تطبيق العدالة دون الإخلال بهذه العدالة في مسارها الصحيح، إلا أن قانون الأحوال الشخصية أتى بخلاف ذلك حيث انه قام على التمييز بين الزوجين وتقويض مبدأ المشاركة القائمة على الندية داخل الأسرة وفرض الوصاية عليها بتفويضه للنظام السياسي الطبقي الأبوي لقهر النساء الأمر الذي جعله يواجه عاصفة من الانتقادات والجدل الواسع منذ تشريعه في بداية التسعينيات ، ودفع بالكثيرين إلى المطالبة بسن قانون بديل موحد لضمان حقوق النساء والرجال والأطفال المبنية على حرية الاختيار والتنظيم العادل للواجبات يهدف إلى البناء والمحافظة على أسرة سودانية مستقرة ومعافاة تقوم العلاقات بين أفرادها على أسس الاحترام والكرامة .
والقانون الذي أعطى الرجل مركز القوة في الأسرة الحق بالنساء ضررا كبيرا حينما سمح بزواج القاصرات من سن 10 سنوات في حال وجود مصلحة راجحة دون تحديد هذه المصلحة في زواج طفلة ، وانتقدت الناشطة في حقوق الأطفال ناهد جبر الله إباحة القانون لزواج القاصرات .
رأي ديـنــي

يقول زعيم حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي في هذا الشأن بأن الاستشهاد بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي في التاسعة من عمرها غير صحيح ، مشيرا إلى أن زواج القاصرات يتعارض مع مقاصد الشريعة ، وزاد قائلا إن الأحكام في الإسلام تدور مع العقل فزواج الصبي والمجنون والطفلة حرام قطعا مستشهدا بقوله تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم فيهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم )، وهذا يعني والحديث مازال للمهدي أن صاحبة المال لا تستطيع أن تتصرف في شؤون أموالها وهي طفلة ، فإن كانت لا تستطيع أن تتصرف في مالها فكيف تتصرف في نفسها ؟
الـقــانـــون والـطـــلاق

القانون كفل للزوج الطلاق دون أسباب أو مبررات كما أعطاه حق إرجاع مطلقته قبل إكمال عدتها بغير رضاها ، أما الزوجة فليس لها حق تطليق زوجها إلا في حالات معينة وبإثباتات وشروط معقدة تستغرق فترات طويلة تصل إلى سنوات وإجراءات مضنية داخل المحاكم .. وكشفت دراسة حديثة عن اثر القانون وتطبيقه على النساء أجرتها المنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) أن تطبيق القانون ينقصه الاتساق والانسجام والتطابق .
وحول الوعي والمعرفة بقانون الأحوال الشخصية فقد أشارت إلى أنها ضعيفة ومشوشة بما فيها الفئات المرتبطة بالعمل القانوني ، إذ أن 72٪ من مجموع النساء اللائي لجأن للمحاكم ليست لديهن معرفة بالقانون ، أما من لديهن معرفة وسمعن فلا تتجاوز نسبتهن 28٪ ، وحسب الدراسة فإن عدم الوعي والمعرفة لا ينحصر على النساء المتضررات فقط ، فالباحثات الاجتماعيات والاختصاصيات النفسيات أكدن عدم سماعهن بالقانون وما وصل إليهن أنه قانون يحكم النساء في حياتهن من خلال قضايا الطلاق والنفقة والميراث ، أما المجموعة الحقوقية بالأمم المتحدة والمهتمة بالعدالة النوعية فتتفق بأن هناك عدم وعي وسط النساء بمساوئ القانون .
وعلى الرغم من أن الجو العام لا يوحي بفكرة تغيير القانون ، إلا أن الحاجة أصبحت ماسة لقانون بديل يهتم بتنظيم الحقوق والواجبات والحريات الأساسية والأحكام المتعلقة بالأسرة السودانية ، يستقي أحكامه من الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادق عليها السودان نصرة للقيم الايجابية والخيرة في جميع الديانات والثقافات والأعراف السودانية التي تدعو إلى المساواة بين الناس والعدالة الاجتماعية واحترام كرامة المرأة والطفل .
دور الإعـــــلام

العديد من الوسائط الإعلامية سعت لتناول ظاهرة زواج القصر بالجرح والتعديل وصولاً إلى وقفها أو الحد من انتشارها ، لكن ما يغلب على تلك المحاولات إنها جاءت عبر معالجات درامية مصنوعة ، الأمر الذي لم يكن صادماً بالدرجة المطلوبة لوقف هذه الظاهرة .


بواسطة : admin
 0  0  5053
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:22 صباحًا الإثنين 29 أبريل 2024.