• ×

عبد الباقي الظافر : التقشف في بلد الألف وزير

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية في ذلك اليوم الشتوي من العام ٢٠١٥ فوجيء المواطنون بالرئيس يحمل أكياس القمامة في شارع القصر الجمهوري.. لم يكن ذلك الإجراء من أجل خطف الكاميرا.. بل جزء من النهج الإداري للرئيس التنزاتي جون ماغفولي .. فقد ألغى الرئيس الجديد سنة الاحتفال بيوم الاستقلال .. كما حول الموازنة المخصصة للاحتفال بافتتاح البرلمان لتفعيل الخدمات في أحد المشافي العامة.. حتى السفر لم يعد بفوائده السبع المعروفة للمسؤولين في ذاك البلد الأفريقي بعد نزع منه الرئيس الدسم.
أمس أصدر الرئيس البشير قرارًا بخصخصة وزارة الخارجية عبر إغلاق عدد من البعثات الدبلوماسية وتخفيض عدد من الملحقيات.. الملاحظ أن القرار لم يتحدث عن الملحقيات العسكرية والأمنية المنتشرة في معظم المحطات الدبلوماسية.. بل لوقت قريب كانت رئاسة الجمهورية تفصل بعض الملحقيات الإعلامية وبالمقاس لبعض المريدين..لكن قبل الشروع في مناقشة جدوى القرار علينا أن نحيطكم علمًا أن كل ميزانية وزارة الخارجية نحو سبعة وستين مليون دولار في السنة .. وهو مبلغ من تواضعه بالإمكان جمعه من إيرادات المغتربين في كل من السعودية والإمارات.. هدا يعني ان الإجراءات التقشفية بالكاد يمكن ان توفر للخزينة العامة نحو عشرين مليون دولار.
الأمر الثاني الجدير بالنقاش هل الانكفاء والعزلة عن العالم مفيدة في مثل أحوال بلدنا.. في الأصل السودان لا يملك تمثيلًا دبلوماسيًا في ثلثي العالم..كل مانملكه من سفارات نحو سبعين محطة ..معظم المخاطر المحدقة بالوطن ناتجة من أسباب خارجية.. بل بلغنا مبلغًا من العزلة أن بعض الدبلوماسيين الأجانب يستنكفون من تقديم أوراق اعتمادهم.. وآخرون ومنهم سفير سعودي سابق كان يعتبر تمديد إقامته في الخرطوم عقوبة قاسية.. لن نتحدث عن القرارات والعقوبات الأممية التي قيدت حركة الدبلوماسية السودانية في كل المستويات.
لو أن الدولة كانت جادة في إجراءات التقشف لبدأت بالجهاز التنفيذي...الآن القصر الجمهوري يئن من حمولة المساعدين الستة.. مدراء المكاتب السيادية باتوا بدرجة وزراء.. عدد من الوزارات يقودها فريق ثلاثي كما في وزارة المالية ورئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.. الغريب أن وزارة الخارجية ذات نفسها بها ثلاثة وزراء ينتهي نسبهم السياسي للحزب الحاكم..أما إحصاء عدد وزراء الدولة فهذه مهمة تحتاج لخبير وطني..التمدد في وظائف الوزراء أو من ينالون ذات المخصص مع المركز و الولايات حتى حقق بلدنا لقب بلد الألف وزير.
في تقديري لو كانت الحكومة جادة في التقشف لبدأت بنفسها.. بند السفريات الخارجية مازال يبيض ذهبًا في سلة الكبار.. البلاد تعيش في أزمة وقود ووزير الحكم المحلي يقود وفدًا موسعًا من أجل الوقوف على التجربة الصينية .. لكن الأهم من ذلك هو الوصول لتسوية سلمية حتى لو قضت برحيل الإنقاذ.. أكثر من ثلثى الميزانية يذهب في بنود الأمن والدفاع وتحقيق السلام .. إسكات صوت الحروبات الداخلية وتحقيق التداول السلمي للسلطة هو أكبر تقشف تنشده بلادنا.. دون ذلك مجرد تمثيل سياسي على مسرح هجره الجمهور.
بصراحة.. ليتنا نتعلم من الأصدقاء .. أول تعديل دستوري اقترحه رئيس وزراء أثيوبيا الجديد هو تحديد ولاية رئيس الوزراء في ولايتين .. فيما نحن نسير في الاتجاه المضاد تمامًا..تقصير مدة الإقامة في المنصب العام هو أفضل أنواع التقشف.
( الصيحة )


بواسطة : admin
 0  0  803
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:09 مساءً الأربعاء 15 مايو 2024.