• ×

الحفر في المؤتمر الوطني من هم الضحايا ؟ ومن هو كبير الحفارين؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية بـ(الحفر) المتواصل وجد غازي صلاح الدين نفسه خارج أسوار الحزب
د. أمين بناني أحد الذين تعرضوا لـ(الحفر) وفق مؤامرة رتبت بعناية
قوش لاحقته معاول الحفر بعد توليه مستشارية الأمن القومي
أبي عزالدين: علاج هذه الظاهرة يجب أن يكون بالكيماوي والكي والبتر
الخرطوم: هيثم محمود
شنّ د. فيصل حسن إبراهيم، مساعد رئيس الجمهورية؛ نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، هجوماً عنيفاً على من أسماهم بـ(الحفارين) داخل المؤتمر الوطني، محذراً عضوية الحزب بكادوقلي من (الحفر) قائلاً: "تاني البحفر حفرة لأخوهو بندفنو فيها)، مما يعني أن الرجل الثاني في الحزب يدرك تفاصيل ما يجري في كواليس حزبه.
تعريف الحفر
الحفر يعني الإقصاء والإبعاد من المواقع التنفيذية والسياسية بمؤامرة تُحاك ضد الشخص المحفور له، ويتم بها إقناع المسؤول الأعلى بعدم صلاحية المحفور له لأسباب ومبررات يعدها (الحفارون) باحترافية عالية، تقنع المسؤول وتزعزع ثقته في العضو، وتزيدها في الشخص المراد تصعيده.
تاريخ الحفر
الحفر كظاهرة إنسانية موجود منذ بدء الخليقة، ولكن كمصطلح سياسي ظهر مع عهد الإنقاذ وانتشر في العشر سنوات الأخيرة بشدة، حتى أصبح كل من يتبوأ منصبا تنفيذيا أو سياسيا، يخشى على نفسه من الحفر ويعمل على تحصينها من (الحفر)، بتأمين ظهره بأفراد يثق فيهم بشدة، فأصبح أي مسؤول تنفيذي أو سياسي مع تعيينه أو تكليفه سرعان ما يقوم بعملية تنقلات كبيرة أو تغيير شامل أو جزئي للمواقع التي يأتي منها الحفر.
أ ول حفر في الإنقاذ
تعتبر مذكرة العشرة التي قدمها ووقع عليها عشرة أفراد من قيادات الحركة الإسلامية ضد سياسات الراحل د.حسن عبد الله الترابي، أول ظاهرة (حفر) في الحركة الإسلامية، وأحدثت زلزالا كبيرا، انشقت على إثرها الحركة الإسلامية وخرج عرابها ومؤسسها د.حسن الترابي ليؤسس حزبا ضرارا (المؤتمر الشعبي)، لتتواصل بعدها عمليات (الحفر) بالمؤتمر الوطني وتتطور آلياته من (الحفر) بالأيدي للكواريك وحتى وصل لمرحلة الحفر بـ(البوكلين).
أسباب (الحفر)
عقب مفاصلة الإسلاميين الشهيرة وخروج د.حسن عبد الله الترابي مع عدد من القيادات الإسلامية وتأسيس المؤتمر الشعبي (أقوى حزب معارض)، ظهر الصراع حول المناصب والمواقع التنفيذية والسياسية، خصوصا بعد مرحلة التمكين وظهور المخصصات والعربات الفارهة، وهنا طبيعي أن يدخل هوى النفس وتظهر حمى الاستوزار والتكليف، فتبددت مقولة الإسلاميين الشهيرة (الأمر تكليف وليس تشريفاً، وأصبح التكليف تنحر له الذبائح وتقدم فيه التهانئ والتبريكات، وتقام له المآدب، فطبيعي أن يحدث تحرك من الذين يتجاوزهم التكليف ويقومون بعملية (حفر) لأندادهم وأقرانهم وإخوانهم المستوزرين والمكلفين.
أدوات (الحفر)
الحفر الطبيعي للتربة يتم بالأيدي والكواريك وأبو رأسين للأماكن الصلبة والحجرية، انتهاءً بالبوكلين للحفر العميقة والأماكن الجبلية، ويبدو أن بعض عضوية الوطني جربت الحفر بكل السبل حتى أصبح الحفر ظاهرة جعلت الرجل الثاني في الحزب يتحدث عنها في لقاء جماهيري. ومن المصطلحات التي تستخدم في الحفر لإبعاد الأشخاص الاتهام بالضعف وعدم التفرغ للعمل وإثارة شبهات الفساد أو الولاء لشخص خارج الديسك، وعادة ما يثار أن (المحفور له) من ناس فلان في نسبة للمسؤول السابق، وتقسيم الولاء للأشخاص يعتبر عاملا رئيسيا في جميع عمليات الحفر، وحسنا فعل د.فيصل بانتباهه للظاهرة التي أرقت مضاجع حزبه.
(حفر) وإبعاد لخارج أسوار الحزب
هنالك عمليات حفر تمت لعضوية بسبب آرائهم وأفكارهم الحادة، أدت لإقصائهم خارج أسوار الحزب، أبرزهم د.غازي صلاح الدين الذي تعرض لعملية (حفر) أبعده من موقع الأمين العام للحركة الإسلامية لصالح علي عثمان، ومن ثم لاحقه الحفر بسبب آرائه ليبعده عن ملف المفاوضات مع الحركة الشعبية، بسبب ما سمي بتعنت غازي. ومن المصادفات أن الملف أسند لعلي عثمان، وبالتضييق و(الحفر) المتواصل وجد غازي نفسه خارج أسوار الحزب، ما اضطره لتأسيس حركة الإصلاح الآن.
أمين بناني يخرج
د. أمين بناني، أحد الذين تعرضوا لـ(الحفر) داخل المؤتمر الوطني وفق مؤامرة رتبت بعناية وأوقعته في (الفخ)، ليجد بناني نفسه مضطراً لمغادرة حزب المؤتمر الوطني وتأسيس حزب العدالة والتنمية الاجتماعية مع رفيقه الراحل مكي علي بلايل، وحينما كثرت انتقادات أمين مناني للحزب صرح الأستاذ علي عثمان النائب الأول لرئيس الجمهورية وقتها، بأن الحزب الذي ترميه عضويته بالحجارة من داخله ليس محترماً، ويرى مراقبون أن تصريح شيخ علي الذي كان موجهاً صوب أمين بناني عجل برحيل بناني وخروجه من الحزب، وكثيرون غير بناني جعلهم (الحفر) خارج دائرة الفعل السياسي، بل وخارج أسوار الحزب.
أحد ضحايا (الحفر)
ويرى المهندس أبي عز الدين، القيادي بالمؤتمر الوطني ومدير الإعلام بالقصر الجمهوري السابق، وأحد ضحايا (الحفر)، يرى أن موضوع الحفر الذي تطرق إليه سعادة الدكتور فيصل حسن إبراهيم هو أمر تعرض له الدكتور نفسه في عملية فتنة مشهورة بينه وبين سلفه، وهو موجود في كثير من النفوس البشرية منذ أن غار وحفر قابيل لهابيل، بل كانت الحفرة المقبولة آنذاك هي حفرة الغراب ليواري سوءة أخيه! ويضيف أبي أن ما يحدث الآن يدل على أن هناك نفوساً أدنى من الحيوانية تسكن الأجساد البشرية، وقال إن مشكلة الحفر ضد الآخرين والغيبة والكذب والنميمة قد تفشت في بعض المجتمعات عندنا، لدرجة أنها صارت شيئا لا يتم استنكاره، بل يتم تقنينه عبر التقارير المفبركة كليا أو جزئيا.
ويرى أبي أن تعيين السيد الرئيس لصلاح قوش هو بداية صادمة لمكافحة عدة أنواع من هذه الممارسات الفاسدة.
وأبان أبي أن الأمر تفشى بصورة سرطانية ومعقدة أثرت على الموارد البشرية والدولة السودانية، مشيرا إلى أن العلاج لا بد أن يكون بالكيماوي والكي والبتر، أو كما قال الدكتور فيصل "من حفر حفرة لأخيه سنرميه وندفنه فيها".

ناجون من الحفر
رغم عمليات (الحفر) التي تعرضوا لها إلا أن هنالك عدد من قيادات المؤتمر الوطني استطاعوا أن ينجوا من الحفر، يتقدمهم البروفيسور إبراهيم غندور الذي بفعل عمليات (الحفر) المستمرة والعميقة غادر كرسي مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني في التعديل الأخير، ليتم تكليفه بموقع وزير الخارجية والذي لم يسلم فيه من الحفر.
عائدون من الحفر
تعتبر المرحلة الحالية مرحلة العودة من الحفر، فالمتابع للتغيير الأخير بالمؤتمر الوطني يجد معظم الذين تسنموا مقاليد الحكم من العائدين من (الحفر) أبرزهم د.فيصل حسن إبراهيم الذي بفعل (الحفر) غادر قطاع التنظيم وكاد أن يغادر وزارة الحكم الاتحادي، لولا ثقة الرئيس فيه، كذلك الفريق صلاح قوش والذي تعرض لعملية حفر كبيرة جعلته يغادر موقع المدير العام لجهاز الأمن الوطني ولاحقته معاول الحفر بعد النجاح الذي حققه في استشارية الأمن القومي، ليجد نفسه داخل أسوار السجن والاعتقال بسبب تهم مزيفة بالتخطيط لعملية انقلاب، إلا أن الرجل وبحسه الأمني وتفكيره الاستراتيجي لم يستجب للاستفزازات التي وجهت له خلال أكثر من عشر سنوات قضاها بالرصيف، ليحمله تيار الإصلاح للموقع الرفيع، أيضا من العائدين من الحفر د.هشام التجاني أمين قطاع الطلاب الحالي، والذي تعرض للحفر مرتين، مرة بالإبعاد من قطاع الطلاب الذي كان الأجدر بموقع نائب الأمين فيه ومرة بالإبعاد من موقع وكيل جامعة الزعيم الأزهري، يشارك هشام في العودة من الحفر د.نضال عبد العزيز الذي بسبب (الحفر) غادر قطاع الطلاب وحزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم وجامعة الزعيم الأزهري، ولكنه عاد لموقع مدير هيئة تلفزيون وإذاعة ولاية الخرطوم
أيضا من الذين تعرضوا للحفر محمد حاتم سليمان الذي أبعده الحفر من التلفزيون القومي وتبعه ليبعده من القصر الجمهوري الذي تبوأ فيه موقع المستشار الصحفي لرئيس الجمهورية، وحينما كلف حاتم بنائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم لاحقته معاول الحفر بتحريك قضية وتهم بالفساد جعلته يقبع بالحراسة ويواجه محكمة المال العام، ومن أسف أن الذين قادوا مسألة الحفر ضد الرجل لا يزالون يتسنمون المواقع ويتقلبون في المواقع رغم معرفة القيادة لهم.
بالنظر لقيادات الحزب التي تم تكليفها مؤخرا يمكن تسمية هذه المرحلة بمرحلة العودة من الحفر.
(حفر) للكوادر
تسببت عملية الحفر في إبعاد عدد من الكوادر بالمؤتمر الوطني، في مقدمتهم المهندس أسامة عبد الله الذي أبعد من موقع وزارة الكهرباء والسدود وهو في قمة عطائه، وعلل الذين قادوا عملية (الحفر) ضد أسامة بأنه لا يحترم الكبار ويعمل لوحده.
أكبر الحفارين شرب من ذات الكأس
وفي سؤال عن الحفارين في المؤتمر الوطني، تحدث للصحيفة قيادي، فضل حجب اسمه، واصفاً الوزير السابق والقيادي بالمؤتمر الوطني كمال عبد اللطيف بأكبر (الحفارين)، مشيرا إلى أنه تمكن من إقصاء عدد من القيادات بفعل مهارته في الحفر وموقعه في الأجهزة الخاصة، إلا أن المتابع للأحداث يرى أن كمال عبد اللطيف شرب من ذات الكأس، ووقع في الحفرة التي كان يحفرها لإخوانه، ولاحقته معاول الحفر للإبعاد من الوزارة ثم من أمانة المنظمات خلال التغيير الأخير.

قيادات ترفض الحديث عن (الحفر)
رفضت عدد من قيادات المؤتمر الوطني التحدث للصحيفة عن موضوع الحفر، ووصف قيادي بارز ووالٍ سابق (الحفر) بالظاهرة الخطيرة، مشيرا إلى أنه تعرض له في أكثر من موقع، واصفاً (الحفارين) بأعداء النجاح، الذين ظلوا ينهشون في جسد الحزب، دامغاً إياهم بدابة الأرض التي أكلت منسأة سيدنا سليمان، وأشاد القيادي بانتباه د.فيصل لظاهرة الحفر، مشيراً إلى أن القضاء عليها يستوجب معاول كبيرة لدفن الحفر، مبدياً إعجابه بحديث د.فيصل عن دفن الحفارين في ذات الحفر التي يحفرونها لإخوانهم.
أجهزة تخصصت في (الحفر)
ويرى قيادي شبابي من (المحفور لهم) أن الحفر تجاوز الأشخاص والمجموعات واللوبي للمؤسسات، مشيراً إلى أن الحفر أصبحت تقوم به مؤسسات (لم يسمها)، متحسراً على ضحايا الحفر الذين أصبحوا على الرصيف رغم إمكاناتهم الكبيرة.
حفر بالولايات
تعتبر ظاهرة (الحفر) بالولايات أكثر تأثيراً، لذا جاء تحذير د.فيصل لعضوية حزبه من ولاية جنوب كردفان ذا مضامين ورسائل عدة، كما يتوافق حديث د.فيصل من تصريحات الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية وتحذيراته المتواصلة لمن أسماهم بالكباتن الذين ظلوا (خميرة عكننة) للولاة ونواب الحزب بالولايات، وأصبحوا يسببون صداعا دائما للحزب الذي يضطر للمعالجة لهم ولو على حساب النظم واللوائح، ويرى أحد قيادات الحزب بالولايات أن خطورة (الحفر) بالولايات أنه بات يتجاوز الولايات بالوصول للمركز، مستشهداً بالوفود التي تأتي من الولايات للمركز بغرض إزاحة الوالي، مقدماً نموذجاً للوفد الذي حضر من نهر النيل ووجد استجابة فورية من المركز.
أشهر الولاة الذين تعرضوا للحفر
عقب التوجه الأخير للحزب باختيار ولاة من خارج الولاية، لم ترق الفكرة لبعض (الكباتن) فتعددت اللوبيهات التي تطالب بإقالة الولاة، ويعتبر محمد حامد البلة أشهر الولاة الذين ذهبوا نتيجة لـ(الحفر).
هل يذهب الحفر بهؤلاء؟
هنالك ولاة ظل الحفر مستمراً تجاههم خصوصاً من قيادات وأبناء الولاية بالمركز، ويأتي في مقدمتهم والي النيل الأبيض عبد الحميد موسى كاشا، ووالي غرب كردفان أبو القاسم بركة، ووالي البحر الأحمر علي أحمد حامد، ووالي الجزيرة محمد طاهر أيلا، ويرى مراقبون أن أنصار أيلا بالبحر الأحمر لا يزالون يواصلون (الحفر) علي أحمد حامد.
الإعلام في قلب المعركة
تعتبر أجهزة الإعلام أحد المعاول التي تستخدم في عمليات تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيين، خصوصاً الصحافة التي أصبح يستغلها (الحفارون) في النيل من غرمائهم، فأصبحت ظاهرة تسريب الوثائق ومحاضر الاجتماعات ونقل المجالس الخاصة تسرب للصحف التي بدورها تشكل رأياً سالباً في (المحفور له)، لذا يتفاداها السياسيون ويعملون لها ألف حساب، فانتشرت ظاهرة (صحفيون خلف المسؤول) وهم مجموعة يستعين بهم المسؤول في عكس مناشطه وتأمين ظهره، وربما تصفية حساباته.
(السوشيال ميديا) على الخط
مع ظهور الإعلام الرقمي الجديد عبر (السوشيال ميديا) دخلت وسائل التواصل الاجتماعي من مواقع (الفيس بووك وقروبات الواتساب) على خط، وأصبح يتم خلالها نقل تصريحات وصور المسؤولين والمقالات الناقدة لهم، مما جعل المسؤولين يستشعرون أهميتها ويحتوون بعض المدونين فتحولت المعارك الصحفية من صفحات الصحف للأسافير.
من المحرر
من المؤكد أن ظاهرة (الحفر) قد تسببت في إقصاء العديد من الكوادر المميزة وجعلتهم على رصيف الانتظار، مما أثر على نسيج وبنيان الحزب، وحسناً انتبه د.فيصل حسن إبراهيم نائب رئيس الحزب للظاهرة التي استشرت بصورة كبيرة مما يستوجب العمل الجاد لاجتثاثها والتعامل بمؤسسية بعيداً عن مجموعات الضغط التي احترفت الحفر وأصبحت تترصد القيادات الناجحة بصورة مستمرة، ولكن يبقى السؤال هل يستطيع د.فيصل دفن جميع (الحفارين) كما وعد في حديثه بكادوقلي؟ وكم من (الحُفر) يحتاج لدفنها قبل الانتخابات القادمة؟.
صحيفة مصادر


بواسطة : admin
 0  0  2332
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:08 مساءً الأربعاء 8 مايو 2024.