• ×

د.ناهد قرناص : أسألوا العائدات من داعش

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية تابعت مع الكثيرين عبر وسائل الإعلام المختلفة مشاهد عودة سودانيات من داعش.. لا أذيعكم سراً فقد أدخلت الفرحة على قلبي كأم.. كنت أحس بألم تلك الأسر التي غابوا عنها.. ولكني لا أملك إلا مشاركتهم الدعاء بلم الشمل ورجوع فلذات الأكباد من غربة لا يعلم ما يحدث بها إلا الله سبحانه وتعالى.. ألف حمد الله على سلامة البنات العائدات.. أرسلها لجميع الأسر التي عانت الأمرين طوال تلك الغيبة.. ترى هل آن للقلوب أن تفرح؟؟.. وللعيون أن تهجد؟؟.
مشهد الأباء والأمهات وهم يحتضنون بناتهم وينتحبون.. أثار في نفسي شجوناً.. وحرك أفكاراً كثيرة.. وأسئلة (غميسة) وودت لو وجدت الفرصة لآذان اؤلئك الفتيات.. ربما كان الوقت مبكراً على طرحها.. فلا يزال الجرح عميقاً وأعتقد أنهن في حاجة الى الهدوء والاحساس بتفهم المجتمع بدلاً من إلقاء حجارة الاتهام عليهن.. فالسؤال المفصلي الذي يتردد في أذهان الجميع هو: هل العودة الى الوطن تعني أن الغشاوة قد زالت.. وأن العقول قد آبت؟ أم أن للأكمة ما وراءها؟
أسألوا العائدات عن الآلية التي استخدمتها (داعش) لتقنعهن بمفارقة بيوت فيها نشأن.. وأخوان وأخوات؟ لابد من أن حجتهم كانت قوية لدرجة أن هؤلاء الفتيات دبرن طريقة السفر بكل ثقة ودون أن يطرف لهن جفن.. وكانت فكرتهن بكل حسن نية أنهن يقدمن خدمة للإسلام.. وأن هذا الطريق هو (الوحيد) المؤدي الى الجنة...أسألوا العائدات عن الأهوال التي عايشنها.. ولو أستطعن أن يحكين لنا ويتشاركن معنا قصصهن.. ربما لأصبحن عظة وعبرة لكل من راودته نفسه للاشتراك في قتال الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.. غول التطرف أصبح يمد رأسه بين الفينة والأخرى وصار يتمدد بين الأجيال الجديدة.. ونحن في شغل فكهون.
اسألوا العائدات.. وناقشوهن بالحكمة والموعظة الحسنة.. ولو كان الأمر بيدي لشكلت مجموعة من أطباء نفسيين واختصاصيين اجتماعيين وعلماء دين وسطيين.. يجتمعون بهؤلاء الفتيات ويطرحون كل الأفكار للنقاش.. ولو كان الأمر بيدي لجلست الى كل واحدة منهن لأسمع قصتها منها شخصياً.. متى ولماذا حسمت أمرها وقررت الذهاب؟ ومتى تركت كل شيء واختارت العودة؟..اذ ربما استطعنا أن ندرك بعض الشباب الذين بدأت دعوات التنظيم تجد هوى في نفوسهم.. وربما بدأت تعشش في قلوبهم..
في النهاية أتمنى أن تحيط الأسر بناتها بتلك المحبة التي كانت واضحة للعيان عبر وسائل الإعلام.. ومساعدة البنات لاستعادة التوازن النفسي.. فالذي مررن به لم يكن سهلاً.. ولا يمكن اغفاله وربما استمر تأثيره طويلاً.. ويجب أن نتكاتف جميعاً لمحاربته... وإن كانت هناك كلمة شكر نقدمها فهي لرجال الأمن السوداني.. فالتحية لجهاز الأمن والمخابرات الوطني وهو يقوم بدوره المنوط به في استعادة بنات الوطن.. ورجوعهن سالمات الى أهلهن.. عوداً حميداً.. وحمد ألف على السلامة.
الجريدة


بواسطة : admin
 0  0  1155
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:12 مساءً الإثنين 29 أبريل 2024.