• ×

عثمان ميرغني : زعلانين ليه؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية مَوجَة احتجاج سُودانية عَارمة.. في الأسافير طبعاً.. على قرار الحكومة الأردنية إلزام المُستشفيات بدفع عشرة آلاف دينار ضمانة لكل مريضٍ سُوداني أو ربما أجنبي آخر.. مبلغ كبير يضمن أنّ المرضى فعلاً مرضى جاءوا لتلقي العلاج وليس للإقامة الدائمة في الأردن.

واضحٌ من مَفهوم الغَرامة أنّها جاءت حلاً لمُشكلة تُعانيها الأردن.. يبدو أنّ أعداداً كبيرةً ممّن يَحصلون على تأشيرة للعلاج في مُستشفيات الأردن هُم في الأصل مُجرّد هاربين من دولهم – ومن بينها السُّودان – يتّخذون الأردن ملاذاً آمناً تحت مظلة العلاج..

إلا أنّ السُّودانيين الغاضبين عَدُوهَا إهَانَةً جديدةً (في مُسلسل الإهانات الدولية).. وبدأت تنساب نصائح إسفيرية.. من مثل؛ اتركوا الأردن وسافروا الهند، فهي بلدٌ مضيافٌ لا تطلب ضمانات وأفضل جودة وأقل تكلفةً.

أجدني جد مُحتاراً.. إلى متى يُهاجر السُّودانيون زرافات ووحداناً طلباً للعلاج في الخارج؟ ففي كل يوم تظهر دولة جديدة في قائمة الدول المقصودة لطلب العلاج.. فالآن دولة “تايلاند” أصبحت واحدةً من أكثر الجهات جذباً للمرضى السُّودانيين.. لتُضاف إلى قائمة دول أخرى ظلّت لعقودٍ طويلةٍ قبلة المرضى السُّودانيين.

الحساب بسيطٌ وسَهلٌ؛ ما يدفعه السُّودانيون طلباً للعلاج في الخارج تكفي فاتورة عامٍ واحدٍ لتشييد أرقى المُستشفيات واستيراد أفضل الخبرات من كل بقاع العالم ليكون السُّودان مُستشفى إفريقيا والعالم العربي الأول، فيأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق.. السُّودان (لا يحتاج إلى بطلٍ) ليكون مُؤهّلاً لذلك.. فقط تنقصه الرؤية والفكرة والإرادة.. نظرة استراتيجية لمُستقبل رطيب.. لكن بكل أسفٍ ليس في خُططنا غير 2020.

قبل عام تقريباً زُرت البروفيسور سليمان فضيل في مشفاه المشهور بقلب الخرطوم.. بالصدفة وجدت معه مجموعة من المرضى أتوا من دولة إفريقية خصيصاً للعلاج في السُّودان.. وعلمت منه أنّ نسبة مُقدّرة من مرضاه قادمون من دول أخرى.. إذاً منصة الانطلاق مُتوفّرة.. لا ينقصنا المال ولا العُلماء والأطباء.. فقط ينقصنا أن نعرف كيف نحلم بمَعايير أحلام عالمنا المُتحرِّك بسُرعة.

والله العظيم.. ثلاثاً.. لا يحتاج بلدنا لأكثر من سنة واحدة.. 365 يوماً فقط.. ليطفر في العالمين ويصبح دولة (مُحترمة) لا يهرب مُواطنوها بحثاً عن لقمة العيش الشريف في كل بلاد الدنيا.. ولا يُهاجر مرضاها طلباً للعلاج.. 365 يوماً والله صَدِّقوني يا جماعة.. 365 يوماً لا أكثر.. لنشيد دولةً وشعباً موفور الوقار الدولي.. دولة بمقاسات أوروبية تفوق نظراءنا العرب والأفارقة.. نعم والله..

ولكن يا حَسرة!!

يَا حَسْرَة.. عَلَى وَطَنٍ يَقْتُلُه العَطَش والمَاءُ فَوقَ ظُهُورِهِ مَحْمُولٌ..!!

التيار


بواسطة : admin
 0  0  1113
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:53 صباحًا الجمعة 26 أبريل 2024.