• ×

زهير السراج : الليلة يوم الرجال !!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية * منذ منتصف نهار الامس (الخميس 15 مارس، 2018 )، يقبع الزميلان (أشرف عبدالعزيز) رئيس تحرير صحيفة (الجريدة)، و(حسن وراق) الكاتب بالصحيفة فى سجن أم درمان، بسبب قضية نشر صحفى عن فساد بمحلية الحصاحيصا، حكمت فيها المحكمة الابتدائية عليهما بالغرامة وتعويض الجهة الشاكية، بما جملته مبلغ 34 ألف جنيه، وفى حالة عدم الدفع السجن شهر لكل منهما، ولقد فضل الزميلان العزيزان السجن على دفع الغرامة، رغم أن المدير المالى للصحيفة (ايهاب) كان حاضرا بالمبلغ، إلا أنهما أصرا على دخول السجن لتسجيل موقف ضد الحكم، والطريقة التى تعامل بها الصحافة، وعلى الأخص صحيفتنا التى ظلت هدفا للمصادرات الأمنية والإيقافات الادارية بدون أسباب، والجر الى المحاكم بسبب وبدون سبب، واعتقال وتوقيف الصحفيين، والامثلة كثيرة منها واقعة إعتقال زميلنا الصحفى (أحمد جادين) أثناء تغطيته للاحتجاجات الشعبية الأخيرة، وإيداعه زنازين جهاز الأمن أكثر من أربعين يوما بدون تهمة محددة أو حتى السماح لاسرته بمقابلته، قبل اطلاق سراحه منذ اسبوعين، وتوقيفى والزميل العزيز عثمان شبونة عن الكتابة بالنسخة الورقية منذ ما يزيد عن عام وحتى اليوم بدون أى أسباب، وهى المرة الثامنة فى سلسلة الايقافات التى تعرضتُ إليها فى أقل من خمسة أعوام، وهنالك الكثير من الأمثلة الأخرى التى تكفى لكتابة مجلدات وليس مجرد عمود صحفى قصير!!

* بغض النظر عن ملابسات قضية الزميلين الكبيرين، ودخولهما السجن بحكم قضائى لا أريد التطرق إليه، قبل استنفاذ إجراءات التقاضى واستئناف الحكم لدى المحاكم العليا، إلا أنه لا يمكننى أن اسكت عن القانون الذى يقضى بالحبس الفورى فور صدور الحكم الابتدائى فى بعض القضايا مثل قضيتنا هذه التى لا تستدعى تطبيق العقوبة فور صدورها، لانتفاء الخطورة أو الضرر من عدم التطبيق الفورى، بل على العكس فاحتمال وقوع الضرر من تطبيق العقوبة أكبر فى حالة إلغائها بواسطة المحاكم العليا، وهل هنالك ضرر أكبر من مصادرة حرية شخص برئ، وبالتالى كان من الأفضل للقانون السودانى أن يتريث فى تطبيق عقوبة السجن حتى إنتهاء كل مراحل التقاضى، كما هو معمول به فى كثير من الدول الاخرى بضمانات معينة حسب نوع التهمة، أو الجريمة المرتكبة !!

* كما لا يمكننى أن أسكت عن غياب إتحاد الصحفيين بشكل كامل عن متابعة ملابسات القضية او إبداء مجرد الرغبة فى تسديد الغرامة، دعك من التصدى الفورى لتسديدها كما حدث فى قضية نشر أدين فيها رئيس تحرير الزميلة (التيار)، ولقد كتبتُ حينذاك معلقا على هذا المسلك الحميد لاتحاد الصحفيين فى الوقوف الى جانب (التيار)، وتجنيب رئيس تحريرها دخول السجن، وتسجيل سابقة مهنية يجب أن تطبق على كل الصحفيين أعضاء الاتحاد فى القضايا اللاحقة، ومن بينها هذه القضية، إلا انه كان من المؤسف أن يتجاهل الاتحاد تماما صحيفتنا ورئيس تحريرها الأخ (اشرف عبدالعزيز)، والتمييز بينه وبين عضو آخر فى الاتحاد بدون أسباب معروفة، أو ربما كان هنالك أسباب لا ندرى بها، ومن واجب الاتحاد أن يوضحها لنا حتى نعرف السبب الذى يجعله يفرق بين عضو وآخر، وبين صحيفة وأخرى، وأكرر القول أننا لم نكن فى حاجة لأن يسدد غيرنا الغرامة، وكنا مستعدين لتسديدها رغم المصاعب المالية العديدة التى نعانى منها بسبب المصادرات المستمرة، والحرمان المتعمد من الاعلانات الحكومية، بل ومطاردة الشركات والمؤسسات الخاصة بواسطة جهات حكومية حتى لا تعلن فى صحيفتنا ..إلخ!!

* نحن نعلم وغيرنا يعلم الظروف الصعبة التى تعمل فيها صحيفتنا، والمضايقات الكبيرة والمستمرة الى تتعرض لها، والمصادرات والاعتقالات والايقافات والحرمان من الاعلانات .. إلخ، والجر الى الاقسام والمحاكم بصفة يومية حتى صار رئيس تحرير الصحيفة والصحفيون زبائن ووكلاء معتمدين لدى وزارة الداخلية وديوان النائب العام والقضائية، بدون أن يفت ذلك فى عضدنا، أو يثنينا عن حمل الأمانة التى ارتضيناها لأنفسنا، بالدفاع عن حقوق المظلومين ومطاردة الفساد والفاسدين، والوقوف فى وجه الاستبداد، الى أن ينقشع الظلام وينبلج ضوء الفجر وترفرف اعلام الحرية، وهى أمانة سنظل نحملها، ولو ادى ذلك بنا للتضحية بحياتنا، ونعاهد الله ونعاهد شعبنا، ونعاهد قراءنا على ذلك .. وكما قال المتنبئ: (إذا كانت النفوس كبارا ** تعبت فى مرادها الأجسام) .. والسجن للرجال!!
الجريدة


بواسطة : admin
 0  0  748
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:55 مساءً الخميس 9 مايو 2024.