• ×

العرفج وكيف خرمج ..!!!

الساخر جعفر عباس يكتب :

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم ـ السودانية قبل نحو تسعة أشهر كتب السعودي أحمد العرفج، مقالا في صحيفة الوئام الالكترونية سقط وغطس به في مهاوي سوء الأدب، (أعني هنا الأدب المتعلق بالإبداع في الكتابة، والأدب الذي هو من كمال الأخلاق)، فقد كانت غايته استدرار الضحك من القراء، بجعل السودانيين مادته، ولو كان يملك الأدوات لربما نجح في تلك المهمة عديمة الجدوى، ولكن المقال وكما سترون جاء مفككا ومتهافتا، فجا وسمجا، لأن السخف والاستظراف المتكلّف لا يصنع مادة تصلح للقراءة، وبالتالي ليس من العسف استنتاج أن العرفج هذا عربد وخرمج لأنه يريد أن يصبح مثيرا للجدل، ولو قاد ذلك إلى نزول اللعنات على رأسه، والغريب في الأمر أنه أفنى سنوات عمره في دراسة اللغة العربية والعلوم الدينية ونال البكالريوس في اللغة العربية، ولأنه "عبقري" فقد قفز بالمظلة إلى الدكتوراه في الإعلام باللغة الإنجليزية من جامعة بيرمنجهام البريطانية رغم أنه من البدهي أن حظ من درس كافة مراحل تعليمة العام والجامعي بالعربية فقط، من الإنجليزية لا يسمح له باجتياز امتحان التوفل لدخول المرحلة الإعدادية (بافتراض أن مثل ذلك الامتحان متاح). على كل حال مبروك عليه ودعونا نقرأ ما كتبه عن السودانيين في صحيفة الوئام الالكترونية:

( الزّول) أو الشخصيّة السّودانيّة من الكائنات التي تنشر الحيرة في عقول المفكّرين، (يعني السودانيون ظاهرة كونية يدرسها العرفجيون في مختلف أنحاء العالم) فهي كائنات توصف أحيانًا بالكسل والخمول، وهذا أقصى اليمين.. وأحيانًا تُوصف بالنّشاط والحيويّة النّادرة وهذا أقصى اليسار. (لاحظ "كائنات وهو مسمى يشمل النمل والإبل والسلاحف).. ويواصل العرفج حديثه عن "هذا الشّعب الذي تتقاسمه الهموم والقصائد وكثرة الجوع وقلّة الموائد"، (هل يملك ذرة من الأدب وحسن الخلق من يعاير قوما بأنهم جوعى وفقراء حتى بافتراض أن ما قاله صحيح 100%، وهل يتباهى شخص راشد بوفرة الموائد عنده وقلتها عند الآخرين؟)

ويواصل العرفج عرفجته: فالشخصية السودانية تتهم أحيانا بصفات سلبية كثيرة ..منها على سبيل المثال : الكسل ، ومن أدلّة الكسل والخمول ما حدّثنا به أبو سفيان بن العاصي أنّ سودانيًّا أوصى ابنه قائلاً: (يا بني.. اجعل هدفك في الحياة الرّاحة والاسترخاء، يا بني.. أحبب سريرك فهو مملكتك الوحيدة، يا بني.. لا تتعب نفسك بالنّهار حتّى تتمكن من النوم بسهولة في اللّيل، يا بني.. العمل شيء مقدّس فلا تقترب منه أبدًا، يا بني.. لا تُؤجّل عملك للغد طالما يمكنك تأجيله لبعد غد، يا بني.. إذا أحسست بأنّ لديك رغبة للعمل فخذ قسطًا من الرّاحة حتّى تزول هذه الرّغبة، يا بني.. لا تنسَ أنّ العمل مفيد للصّحة لذلك اتركه للمرضى".. هل كان هناك "سودان" في زمن أبو سفيان بن العاصي المولود في عام 439 وكان أديبا وإماما ومحدثا في قرطبة بالأندلس؟ هل كانت في ذلك الزمان "سعودية وأردن وليبيا وماليزيا"؟

ما علينا ولنستمع إليه وهو يخرمج: ومن شواهد الكسل أنّ هناك مدينة في جمهوريّة السودان تُسمّى (كسلا)، متخصّصة في إنتاج وتصدير الكسل. (هل يصدر كلام مثل هذا عن شخص يحترم نفسه وقراءه؟) ومن علامات كسل السّوداني أنّه يحترف في أحايين كثيرة الطّبخ الذي لا يتطلّب أكثر من التّمترس في مكان صغير، ونثر البهارات والملح والزّيت (لو كان هذا هو كل ما تعرفه عن الطبخ والمطبخ، يا متعفرج فقد عرفت شيئا وغابت عنك أشياء، فالفرنسيون سادة المطبخ في تقدير كل سكان العالم ولم يعايرهم أحد بذلك، ولو وجدت في بلدك سودانيين كثيرين يمارسون الطبخ فاعلم أنهم أتوا ك"خبراء" في المجال، ليعلموا أمثال العرفج أن إعداد الطعام الشهي يتطلب ما هو أكثر من الملح والبهار والنار).. ولأن غايته جعل السودانيين "مضحكة" فإنه وبعد أن جعلنا في طليعة مصدري الكسل، شكك في حسن إسلامنا: وفي العبادة يحب السّوداني (الدّروشة) والتّصوّف التي لا تتطلب أكثر من مسبحة طويلة وتمتمات أصلها غير ثابت وفرعها في الفراغ! (لاحظ ليس بعض السودانيين ولكن عموم السودانيين دراويش يمارسون أشياء باسم الدين ليس لها أصل)

ونبقى مع العرفجة والخرمجة: الإخوة المصريّون ساهموا في تكريس هذه الصّورة، حين صوّروا في أفلامهم شخصيّة السّوداني (النّوبي) بأنّه حارس عمارة يأكل الطّعام ويحرس الأبواب (أزيدك من الشعر بيتا أيها العرفج: بل يحرسون في بلادك القصور لأنهم مؤتمنون على كل شيء).. كما إنّ بعض الملابس السّودانيّة تحتوي على جيب أمامي وآخر خلفي بحيث يصحّ لبس الثّوب على أيّ جهة كان، الأمر الذي يعفي السّوداني من بذل أيّ جهد في اللّبس كون الوجهتان كلتاهما أماميّة! (طبعا لا تعرف أيها العرفج أن ذلك الزي ابتكر لمساعدة المجاهدين ضد الاستعمار التركي في الإسراع بارتداء قمصانهم عندما يطرأ طارئ عسكري في سياق أول حركة تحرر وطني ناجحة في أفريقيا والشرق الأوسط)

ويعتقد العرفج أن الشاعر نزار قباني شتم السودانيين بقوله: السودان يسبح في الشعر كما تسبح السمكة في الماء وأن السودان بغير الشعر كيان افتراضي ووجود غير قابل للوجود. ثمة بلاد تعيش على هامش الشعر وتتزين به كديكور خارجي، أما السودان فموجود في داخل الشعر كما السيف موجود في غمده وملتصق ومتغلغل فيه كما السكر متغلغل في شرايين العنقود. صعب على السودان أن ينفصل عن الشعر كما صعب على الشفة أن تنفصل عن إغراء القبلة. إنّ قدره أن يبقى مسافراً نحو الشعر وفي الشعر إلى ما شاء الله.

ولكن العرفج يرى أنّ الشّعر ومحبّيه عبر التّاريخ بضاعة (الكسالى)، ويشجع على الكسل والدّليل أنّ موريتانيا (بلد المليون شاعر) وليس (شاعر المليون) لا تنتج إلا الكلام، وهي في صدارة الدّول في التخلّف والخمول (يعني الاستعلاء العرفجي عابر للحدود وهو اسم الله عليه مثال ل"التطور وطاقة متفجرة من النشاط" بعكس الموريتانيين والسودانيين)
ويحاول العرفج أن يكحلها بالحديث عن عقول سودانية ساهمت في الحركة العلمية في بريطانيا، (يقصد أن يقول إن لكل قاعدة شواذ، وإنه رغم الكسل الوبائي في السودان فإن هناك فلتات، ولكن مواهبها تتفق خارج الحدود)، أما في بلده "السعودية" فلم يجد مثالا لهمة السوداني ونشاطه سوى في مجال رعي البهائم التي وصفها بأنها "مهنة شاقّة لا يصبر عليها إلا أولو العزم من الرّجال"

وخلال تنقيبي عن سيرة العرفج عثرت على حوار يقول فيه لمن سأله لماذا شبه المرأة السعودية بالبقرة: آسف واعتذر للبقرة فهي صفراء تسر الناظرين والمرأة السعودية مثل عجوز قوم لوط، والبقرة تستفيد منها بينما المرأة السعودية لا تهش وتنش وما عندها غير التنقل إلى الحمام والأكل والثرثرة
وقاد زميلنا الإعلامي حمدي صلاح الدين ونفر من السودانيين الغيورين، وما زالوا حملة لانتزاع اعتذار من العرفج وصحيفة الوئام، وقاموا بتصعيد الأمر إلى جهات إقليمية ودولية لإرغامه على اعتذار مكتوب،.. بس يا جماعة يعتذر لمن ويترك من هذا الذي يجعل من مختلف الأجناس مادة للتهكم ويمارس الاستعلاء وهي ممارسة لا تصدر إلا عمن يعاني من عقدة "دونية"
شخصيا أعرف سعوديين ذوي قامات فكرية تحجب قرص الشمس، ولي علاقات مع شرائح واسعة من السعوديين لم ألمس منهم سوى كل احترام وتقدير للسودانيين، بل يحترمون السودانيين العاملين في المهن البسيطة الشاقة أكثر من احترامهم لأصحاب الشهادات والمناصب الرنانة، ولم أسمع منهم سوى الإشادة بأمانتهم واستقامتهم (ولهذا يا عرفج يا صاحب المنطق الأعوج الأعرج تم ائتمانهم على القصور وبيوت علية القوم وابحث عن الراعي الذي قال إنه لن يبيع خروفا بمائتي ألف ريال من وراء ظهر صاحبه وانظر كيف نال التكريم من السعوديين من أهل العلم ورجال الأعمال والعوام الذين يقدرون الخلق الرفيع والنبل والاستقامة.
جعفر عباس


بواسطة : admin
 0  0  1471
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:11 مساءً الخميس 2 مايو 2024.