• ×

الإعلام المصري يغير خطابه تجاه السودان

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية د. ابراهيم الصديق على
(1)
خلال يومين، استعاد الإعلام المصري، خطاباً تصالحياً، وهذه خاصية يتميز بها الإعلام في الجارة الشمالية ، يتحول بين كل ليلة وضحاها، دون مبررات أو مقدمات أو أسباب جوهرية، سوى أن هذه الوسائل تعمل ضمن آلية واحدة وتخدم غاية متغيرة..
لقد عادت وسائل الإعلام المصرية للحديث عن (السودان خاصرة مصر الجنوبية وعمقها الاستراتيجي) وأن (السودان دائماً محل اهتمام وأولوية في السياسة الخارجية وأن البلدين أكثر من جيران وإنما أشقاء بينهم مواقف يمكن أن يتم حلها بالحوار)..
وبكل المقاييس فإن هذا الموقف المتجدد والمكرر مرحب به ، وقد قلت قبل أيام إن مصر تتخذ (القرار الصحيح في الزمن الخطأ)، والحملة المصرية الأخيرة جاءت بعد أن حمل وزير خارجيتها خطاباً إلى اثيوبيا يقترح استبعاد السودان من مفاوضات النهضة واقتراح البنك الدولي، بينما الطائرات المصرية تتدافع في طيران دؤوب إلى معسكر (ساوا) باريتريا تنقل العتاد والدبابات والراجمات، وتحشد بقايا المتمردين السودانيين الذين أعياهم البقاء في جنوب السودان ومع حركة حفتر، ومازال الموقف المصري يسعى إلى تعزيز الاحتلال في حلايب وشلاتين ويبطش بالمواطن السوداني والقاهرة ترفض النقاش والحوار وحتى التحكيم الذي ارتضته القاهرة واستردت به بعض أرضها من الاحتلال الاسرائيلي، ولكن مصر، عندما تتحدث عن علاقات وعمق استراتيجي لا تفعل ذلك بناءاً على نوايا طيبة ولا تقدم موقفاً موثوقاً به وقناعات ذات طابع عملي..
(2)
إن موقف الإعلام المصري، ان لم يكن قد تبدل خلال الساعات الماضية قد يمثل بداية لتأسيس فهم عميق للعلاقات بين البلدين (تتجاوز أننا حته واحدة) وأننا (كنا جميعاً تحت التاج الخديوي) إلى حوار موضوعي يناقش الخلافات الأساسية بين البلدين ويوسس لحسن جوار، وأولها: احتلال حلايب وشلاتين وهذه النقطة الأكثر حساسية وثانيها: هذه المواقف المصرية التي تتدخل في الشأن الداخلي، من خلال دعم القوى المعارضة والعمل العدائي سواء في امداد المتمردين بالسلاح أو حشدهم وتجميعهم في معسكرات، أو استعداء دول ومنظمات على السودان، وتبقى بقية المواقف رهينة بالتفاوض سواء سد النهضة وحقوق السودانيين في القاهرة وتنفيذ الاتفاقات.
ومن المؤسف، أن علاقات البلدين، مازالت تتحسس حسن النوايا وتعزيز الثقة، بدلاً عن بناء استراتيجية تعاون طويل المدى يحقق الفائدة للبلدين..
ومن المؤسف، أن الأجيال الجديدة لم تعد رهينة للشعارات القديمة (الأشقاء) أو (أبناء النيل) لأن ما يشاهدونه في الإعلام المصري لا يعبر عن اخوة وصداقة، بل اسفاف عجيب، وهذا حصاد التوجهات العدائية..
وعليه، فإننا نرجو أن تكون العودة المصرية إلى مربع التهدئة انطلاقاً من قناعات استراتيجية وتقييم للمشهد وأن يستتبع ذلك إجراءات فعلية تعزز الثقة، وأولها: الاجابة عن الأسئلة العالقة، لماذا هذا التحشيد الإقليمي ضد السودان؟ ولماذا هذا التصعيد في حلايب وشلاتين؟ ولماذا التلويح بخيارات ليس من بينها التفاوض في قضية سد النهضة؟ وغير ذلك من الأسئلة..


بواسطة : admin
 0  0  2542
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:28 صباحًا الجمعة 17 مايو 2024.