• ×

المحلل الاقتصادي د.هيثم:الغلاء سببه التطبيق الخاطئ لسياسة التحرير الاقتصادي

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية يجب كبح هوس الاستيراد الذي اجتاح كل شيء
رفع الدولار الجمركي يقلل الاستيراد لكنه يساهم في التهريب
التصدير الحالي هو الوصفة الكلاسيكية لاستدامة الفقر والتخلف
ينبغي زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي

حوار: أيمن ابراهيم

في تحولات متتالية في الوضع الإقتصادي بعد إجازة الميزانية العامة للعام 2018م شهدت البلاد إصدار عدد من القرارات والسياسات المالية والتجارية المتعلقة بالسلع الاستهلاكية على رأسها الدقيق والوقود نتيجة تغييرات جديدة لسياسات الاستيراد والتصدير والانتاج، كل ذلك أحدث ارتباكاً واضحاً في الأسواق وبين المواطنين وقاد لإرتفاع الأسعار بصورة كبيرة ومستمرة، في وقت ما تزال الحكومة تحاول إيجاد معالجات لتخفيف ما وقع من اضطرابات في الوضع المعيشي، (أخبار الوطن) طرحت بعض الأسئلة المتعلقة بهذه القضايا التي شغلت الساحة على الباحث والمحلل الاقتصادي، د.هيثم محمد فتحي وكان الحوار التالي:

* كيف ترى الإرتفاع المتواصل لأسعار السلع الإستهلاكية؟
السبب الأساسي وراء ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية يرجع الى التطبيق الخاطئ من قبل التجار لسياسة التحرير الاقتصادي، خاصة وأن البلاد تعتمد على الاستيراد في توفير أغلب احتياجاتها مما يعمل على ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات بسبب شح العملة الصعبة ونشاط السوق السوداء.

* وما الحل غير الاستيراد إذا كان لا يوجد انتاج محلي؟
يجب محاولة كبح جماح هوس الاستيراد الذي اجتاح كل شيء وأي شيء فأصبحنا نستورد أي شيء من الخارج بعد أن كان ذلك هو شعارنا للتصنيع والاكتفاء الذاتي، وهذا لا يصح في دولة لها مواردها الطبيعية والبشرية، ولا يمكن أن يصمد ويقوى الجنيه السوداني إلا بالعمل والإنتاج في كل المجالات بدءًا بالزراعة ومروراً بالصناعة، وانتهاءاً بالتجارة وتكنولوجيا المعلومات، ولابد أيضاً من العمل على ترشيد الواردات نظرًا لارتفاع أسعار السلع المستوردة، الأمر الذي من المتوقع أن يساهم في سد عجز ميزان المدفوعات، وبالتالي لن تكون هناك حاجة إلى الاقتراض من الخارج بمبالغ كبيرة.

* لماذا هناك مشكلة تضخم مستمرة رغم ما يتم من برامج وإصلاحات؟
تتضخم أسعار السلع المحلية، مع ارتفاعها عالمياً، وعدم قدرة الحكومة على تقليل استيراد السلع الأساسية أي السكر، القمح والأدوية، لهذا الاقتصاد السوداني يعاني من التضخم بسبب العجز الكبير في الميزان التجاري إذ أننا نصدر القليل ونستورد الكثير، والاستيراد يتطلب توافر العملات الصعبة في ظل غياب سياسة حكيمة من الدولة لاستقطاب العملات الصعبة من المغتربين ومنتجي الذهب الذين يلجأ معظهم للتهريب.

* هل يعني ذلك أن رفع العقوبات فشل في حل مشكلة سعر الصرف كما كان متوقعاً؟
العقوبات الاقتصادية هي واحدة من حزمة عقوبات مفروضة على البلاد فانخفاض أو ارتفاع سعر الدولار يعتمد على عملية الإنتاج والاستثمارات وتدفق رؤوس الأموال وليس بالأماني والطموحات. فالبلاد تعيش حالة تضخم نقدي وسلعي ناتجة عن ضعف إنتاج السلع الناجم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج ما يؤثر على تنافسية الإنتاج السلعي المحلي أمام السلع المستوردة فيتوالى ارتفاع الأسعار.

* وكيف ترى فرص نجاح وتطبيق السياسات الإقتصادية خصوصاً الواردة في ميزانية العام 2018م.
الحكومة لديها برنامج إصلاحي خماسي ينتهي في 2019 يهدف إلى توفير موارد جديدة لتغطية تكلفة الإنفاق والرفع التدريجي لدعم الطاقة وتوسيع القاعدة الضريبية، إلا أن الوفر المحقق من هذه الإصلاحات مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتنفيذها في المواعيد المقررة ودون تأجيل حتى يتحقق المستهدف منها لأن البرنامج سوف ينتهي بعد عام، فعندما رفعت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية لم تستغل الدولة تلك السانحة لاستعادة عافية الاقتصاد وتشغيل البنية التصنيعية المتوقفة منذ عقود والتحضير لمرحلة الاستيراد والتصدير، والبنك المركزي لا يمتلك اليوم أي أدوات للسيطرة على الدولار، خاصة وأن هناك دعوات حكومية بتعويم الجنيه خلال الفترة القليلة القادمة، حيث كان هناك سعر رسمي للدولار مخصصاً لعمليات الاستيراد الضرورية مثل الأدوية والمواد الغذائية. وفي الموازنة توجد عقبات كأداء لم تستطع الحكومة تجاوزها ذلك أن النفقات تنمو باستمرار بمعدل أسرع من معدل نمو الإيرادات المحلية.

* وماذا عن العجز في الموازنة الجديدة وتأثيراتها المتوقعة؟
العجز في الموازنة يترجم نفسه إلى مديونية محلية وأجنبية، فالحكومة التي تجد أمامها التزامات مستحقة الدفع ولا تملك الموارد اللازمة لتسديدها تجد نفسها مضطرة للجوء إلى السوق لاقتراض المال محلياً أو خارجياً، حيث أن عجز الموازنة الكبير وارتفاع المديونية يمثلان محور الضعف لنا في السودان.

* ماهي المشاريع التي يمكن اللجوء اليها لدعم تحسن الاقتصاد؟
زيادة الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم والبحث العلمي من الأمور الضرورية للاستثمار في التنمية البشرية، إلا أن توفير مصادر تمويل لها يعتبر أحد التحديات الكبيرة التي تواجه الموازنة وتتطلب توفير موارد مرتبطة بنمو النشاط الاقتصادي لكى تتسم بالاستدامة.
* قرار زيادة سعر الدولار الجمركي أثار جدلاً كبيراً وبدأ يرفع الأسعار عموماً، ما رأيك؟
في تقديري قرار زيادة سعر الدولار الجمركي من شأنه أن يؤدي إلى تقليل استيراد السلع بصورة كبيرة وهذه سياسة أفضل من حظر استيراد السلع، وكذلك سيساهم القرار في التهريب نسبة للتكلفة العالية للجمارك وسيؤدي لغلاء السلع، لكن هناك سلع أساسية معفاة بواسطة وزارة المالية.

* وماذا عن الفجوة بين الصادرات والواردات؟
مصادر الخلل في القطاع الخارجي الصادرات والواردات يعود الى أن العجز في الميزان التجاري يفوق إجمالي قيمة الصادرات، فالبلد تصدر مواداً خاماً في صورة منتجات خام وهذا يسمى باقتصاد صادرات الموارد، وهو الوصفة الكلاسيكية المضمونة لاستدامة الفقر والتخلف لعدم إدخالها في الصناعة التحويلية وإضافة قيمة لها، ولابد أن تقوم الحكومة بتفعيل قانون تفضيل المنتجات الوطنية لدى الأجهزة الحكومية وتطبيقه بكل صرامة وعدم السماح بدخول أية سلعة مستوردة لكل الأجهزة الحكومية والعامة ما دام لها بديل محلي، على سبيل المثال يمكن البداية بمواد البناء مروراً بالأثاث ووسائل النقل والسيارات.

* لكن القطاع الصناعي يواجه كذلك عقبات وتوقف للمصانع بصورة مستمرة؟
الإشكالات التي تواجه القطاع الصناعي تتمثل في الطاقة، وأسباب ارتفاع أسعار المنتجات الصناعية لزيادة تكاليف الإنتاج بعض المدخلات تضاعفت قيمتها، على سبيل المثال انخفاض المنتج المحلي من الأسمنت بسسب الندرة، هناك مواد الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع ومن بينها وقود "الفيرنس" وارتفاع أسعاره عالمياً ومحلياً، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الترحيل سواء لدول الجوار أو للأسواق المحلية مع ارتفاع وتعدد الرسوم المختلفة التي تفرض على صناعة الأسمنت مما أسهم في تراجع القطاع وعدم تحقيق المستهدف من الكميات المنتجة من الأسمنت.

أخبار الوطن (تم مصادرة العدد)


بواسطة : admin
 0  0  1364
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:57 صباحًا السبت 27 أبريل 2024.