• ×

الطاهر ساتي يكتب : مدخل المخاطر !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية :: إنفعال السلطات الولائية والمحلية بمأسأة الثلاثة أطفال الأشقاء بأمدرمان كان إيجابياً للغاية.. لقد تعرضوا لإغتصاب، والمتهم شاب يعمل بمحل تجاري - دكان - بجوار منزلهم .. وبعد زيارة أسرة الضحايا، وجه مجدي عبد العزيز معتمد أمدرمان الشرطة واللجان المجتمعية والشعبية بالمحلية بإكمال مشروع حصر الأنشطة التجارية بالأحياء والعاملين بالمحلات التجارية، بحيث يكون لكل حي سجل خاص بالعاملين بـهذه المحلات عبر بطاقاتهم القومية وعناوينهم .. !!

:: شكراً لمعتمد أمدرمان وهو يوجه باكمال حصر المحلات التجارية بالأحياء..ولكن ماذا عن المعتمدين الآخرين؟.. ربما ينتظرون مأساة كهذه لحصر المحلات التجارية بالأحياء ولرصد العاملين في سجالات اللجان الشعبية.. فالتحسب للمخاطر - بالوقاية - ليس من نهج الولايات والمحليات، ولذلك تكثر المخاطر في المجتمعات .. وقبل أشهر، وهم يناقشون تقرير المجلس الأعلى للبيئة، حذر نواب بالمجلس التشريعي بالخرطوم من كارثة بيئية بسبب انتشار النفايات، ثم انتقدوا ظاهرة إستخدام الأطفال في جمع النفايات..!!

:: قالوا : ( الأطفال لا يعرفون التعامل مع النفايات).. فالنقد هنا لاستخدام طفل لا يعرف التعامل مع النفايات، وليس لإستخدام هذا الطفل من حيث المبدأ.. فالتعامل مع النفايات وجمعها بمعرفة هو (المهم جدا) في أجندة نواب المجلس، وليس إستخدام الطفل في جمعها حتى وإن كان يعرف التعامل مع النفايات..عمالة الأطفال أخطر من كل نفايات الدنيا، ولو كان المجلس مسؤولاً حقيقياً لأمر الحكومة بمحاسبة الذين يستخدمون الأطفال، بمن فيهم المسؤولين عن نظافة الخرطوم..!!

:: فالتعريف العالمي للطفل، وكذلك تعريف قانون الطفل بالسودان، هو من لم يتجاوز الثامنة عشرة..وأكثر الأطفال تعرضاً للمخاطر ليسوا هم فقط الذين يتقاسمون أوقاتهم ما بين الأسرة والمدرسة، بل أيضاُ الذين يخرجون فجراً من بيوتهم بحثاً عن قوت أسرهم، ثم لايعودوا إلا بعد غروب الشمس أومنتصف الليل..هؤلاء هم الأطفال الذين يحيط بهم سياج المرض والعنف و التحرش والإغتصاب.. وكان مؤسفاً أن يتجاهل المجلس هذا (المناخ السئ)، ثم يقفز إلى التحذير من كارثة بيئية..!!

:: فالتحذير الأمثل في قضايا طرفها عمالة الأطفال يجب أن يكون من كوارث أخلاقية وإجتماعية .. وما أكثر المشاهد التي لم - ولن - تنتبه إليها المجالس التشريعية بكل ولايات السودان ..معاناة الأطفال في الأسواق والشوارع بحثاُ عن الحياة لا تخطئها عين .. وفي تلك المعاناة مكمن المخاطر، وفي متنها مناخ المرض والعنف والتحرش والإغتصاب..ولكن الولاة، وكذلك نواب مجالسهم، لايعلمون أو يتجاهلون، ولذلك يكتفون بفرض الرسوم على درداقاتهم أو يطاردونهم بهراوات الشرطة ّ..!!

:: (الوقاية خير من العلاج)..وليس من الوقاية أن نوفر لأطفال الفقراء مناخ المرض والعنف والتحرش والإغتصاب، بحيث ندعهم يعملون في الأسواق والشوارع آناء الليل وأطراف النهار..واي عقل سوي يدرك أن عمالة الأطفال هي المدخل لحزم المخاطر التي قد يتعرض لها الأطفال..وقانون الطفل يجب ألا يكتفي بعقاب الجاني، بل عليه أن يجنب الأطفال (مناخ المخاطر)، وعلى سبيل المثال عمل الأطفال من هذا المناخ .. فالقوانين الواعية تفرض العقاب الرادع على ولي أمر الطفل في حالات التقاعس والإهمال والتجاهل، فمتى ترتقي قوانين بلادنا لهذا الوعي ..؟؟


بواسطة : admin
 0  0  1649
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:37 مساءً الأحد 12 مايو 2024.