عثمان ميرغني يكتب : (زيرو تخطيط) !

السودانية مساء أمس سمعتُ في إحدى نشرات الأخبار الرسمية مسؤولاً يصرح أنَّ ولايته دشنت برنامج (زيرو فصول قـش).. ليكون بذلك أحدث برنامج في سلالة الـ(زيرو)..

أول من استن برامج الزيرو هو (زيرو عطش) الذي يستهدف حل مشكلة العطش في بعض مناطق السودان.. ثم نال الأستاذ محمد حاتم سليمان في ولاية الخرطوم مشروع (زيرو كوش.. زيرو نفايات.. زيرو حفر).. وبدأت موجة من (الزيروهات) في مختلف الولايات بعد اكتشاف قيمة الرنين الإعلامي للزيرو، حتى وصلنا مرحلة (زيرو فصول قش) مساء أمس.. إشهار رسمي لـ(زيرو رؤية) و(زيرو تخطيط)..

الأمة التي يكون الزيرو حادي برامجها أمة مأزومة تبحث عن طوق نجاة مِن المعضلات والكوارث التي تقبض على خناقها.. والأمم الراقية المتطلعة لمستقبل كريم ترسم برامجها على (ما تحلم به) لا على (كوابيسها).. بالله عليكم وبعد أكثر من ستين عاماً من حصولنا على منحة الاستقلال، لا يزال حلمنا هو التخلص مِن فصول القش في المدارس و(الكوش) في العاصمة، والحفر في الشوارع والعطش في أحياء أم درمان والخرطوم لا القرى في أقاصي الدنيا.

حكاية (الزيرو) هذه تكشف أنَّ العقلية التي تدير الشأن العام، تشهر إفلاسها وتعلن (التصفية)، تصفية أحلام شعب يملك أثرى الأوطان وأثمن الموارد..

وطن في مثل مقام وطننا وشعب بمثل حضارة شعبنا يستحق أن يكون عشمه في المستقبل بأفضل مما هو كائن في إقليمينا العربي والأفريقي.. رؤية حقيقية تتطلع لوطن رائد يفخر أهله بانتمائهم.. بدلاً من أمواج الهجرة المستنيرة منه بأمواج البحر الأبيض المتوسط بل ويشيح الموت على الأسلاك الشائكة للعبور إلى إسرائيل..

نملك الموارد الطبيعية والبشرية لكن تنقصنا الأحلام.. والإرادة والإدارة..

متى يرفع عنا الله وزر العيش في كنف الزيرو إستراتيجية.