• ×

عثمان ميرغني يكتب : رخصة دجل وشعوذة !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية قرأت أمس خبراً عن مطالبة رسمية بإيقاف أربعة آلاف مركز “دجل وشعوذة” بالبلاد.. وذلك خلال ندوة علمية بمجمع الفقه الإسلامي بالخرطوم.

في الحال تخيلت مشهد (لجنة إيقاف مراكز الدجل والشعوذة) وهي تعقد اجتماعها الأول وتقرأ بيان تشكيلها والمهام المنوطة بها.. ثم تواصل اجتماعاتها وتبدأ عملها بجولة ميدانية على (مراكز الدجل والشعوذة).. وتلقى ترحيباً واستقبالاً كريماً من أصحاب المراكز.. وتستمر الاجتماعات والجولات إلى أن تصدر قرارها الختامي الذي ينتهي بهذه الجملة: (وخلصت اللجنة إلى ضرورة تنظيم مراكز الدجل والشعوذة لحماية المواطن من مخاطر النصب والاحتيال، وعليه تقرر تعيين مسجل خاص لمراكز الدجل والشعوذة ودفع رسوم خمسة آلاف جنيه لتصديق مركز الدجل والشعوذة للمواطنين السودانيين، ورسوم خمسة آلاف دولار لمركز الدجل والشعوذة الاستثماري لخدمة الشركات الكبرى وكبار موظفي الدولة والأحزاب الكبيرة والأجانب على أن يجدد سنوياً).

دراسة الجدوى لا تقبل الشك، أحسب معي أربعة آلاف مركز دجل وشعوذة، فلنقل إنَّ ثلاثة أرباعها تختص بالمواطنين السودانيين، برسوم خمسة آلاف جنيه لتصديق المركز سنوياً.. الحصيلة حوالي (15) مليون جنيه (15 مليار بالقديم).. وألف مركز دجل وشعوذة استثماري برسوم خمسة آلاف دولار سنوياً أي (5) ملايين دولار..

وحسب معلوماتي يتراوح عائد مركز الدجل والشعوذة الواحد بين (100 مليون جنيه بالقديم) إلى مئات الملايين من الدولارات في العام لمركز الدجل والشعوذة الاستثماري.. فهي كلها تستطيع دفع رسوم التصديق والتجديد سنوياً بمنتهى الأريحية..

قد يبدو حديثي أقرب للسخرية، لكني جاد لا أمزح.. فـ(الدجل والشعوذة) ما عادت عبارة تعني خروجاً عن القانون أو حتى المألوف.. كبار الشخصيات يلجأون للدجل والشعوذة للمحافظة على كراسيهم.. لا يفعلون ذلك تحت ستار (وإذا بليتم فاستتروا) بل علانية وعلى رؤوس الأشهاد.. خبراء الدجل والشعوذة يزورون مكاتب كبار المسؤولين ويقدمون خدماتهم (دلفري).. وهي كلها خدمات مدفوعة الأجر، بل وباهظة الثمن.

وقد رويت لكم قبل هذا قصة شخصية سودانية رفيعة التقى برجل من غرب أفريقيا في صالة كبار الزوار بمطار دولة أخرى.. وتجاذب معه أطراف الحديث فعلم من الغرب أفريقي أنَّه متعاقد ومنذ سنوات مع حزب سياسي سوداني عريض المنكبين (شلولخ).. وأنَّ الحزب يستأجر له فيلا فاخرة في حي فاخر على شواطئ الخرطوم الجميلة.. ويتلقى خبير الدجل والشعوذة الغرب أفريقي أجره بالدولار..

المشكلة، بعد سنة واحدة من تدشين رسوم تصديق مركز الدجل والشعوذة.. ستجد الفكرة من يطورها.. ويعلن فصل (الدجل) من (الشعوذة) ويصبح مطلوباً دفع الرسوم مرتين.. واحدة للحصول على تصديق (دجل) وثانية رسوم تصديق (شعوذة)..!!

لا تقل لي لا أصدق.. فهل كنت تصدق أن ترى لافتة في مبنى المحلية مكتوب عليها (إدارة الدرداقات)..!!
التيار


بواسطة : admin
 0  0  1721
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:55 مساءً الجمعة 26 أبريل 2024.