• ×

السودان مشكلته مع السلطة التي لا ترى الأمور إلا من خلال زجاج عازل عن الشعب !!!

السودان في الصحافة العربية يوسف الكويليت : من يناور من ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم ـ السودانية عواصم عربية كبرى بتاريخها وحضارتها، أصبح ماضيها في كل العهود الحرة أو المستعمَرة أفضل من حاضرها، وكأن عقاباً نزل عليها من داخلها لا من خارجها، وداخل هذه الحلقة يأتي السودان الذي كان سلاطين وشيوخ دارفور هم من يقدمون المعونات وفتح المدارس وحفر الآبار لدرجة أن مداخيلهم من الذهب كان يضرب بها المثل، وظلت معوناتهم للخارج تسبق غيرهم بسبب كرمهم ووفرة مواردهم..

حاضر السودان (بشير) لا يريد أن يصل الماضي بالحاضر، فقد تدرج في تمزيق الجيش بطرق إحالة المؤهلين والقيادات إلى النفي أو التقاعد لبناء المليشيات، ولاحقته التهم العالمية كشخصية لابد أن تخضع لمحاكمات على تجاوزاتها، ولأنه بلا صديق تقرب من إيران وعادى الدول المجاورة له، ومن خلال شعور أنه في مأمن عن الزوابع الداخلية، وجد أن الصورة تغيرت، وأن المستور والمسكوت عنه فضحتهما وسائل التواصل الاجتماعي في الداخل والخارج، وخاصة من طبقة المهجرين للخارج أو المنفيين في الداخل بالإقامة الجبرية أو السجون، ولم يعد مستغرباً أن يصل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار إلى ما يقرب من تسعة آلاف جنيه في السوق السوداء فيما كان الجنيه يتجاوز في مراحل سابقة ثلاثة دولارات في سوق الصرف..

وكأي مناور يلعب دور الوجوه المتغيرة، يحاول البشير الآن جمع الفرقاء وعمل مصالحات وتشكيل حكومة انتقالية استجاب لها الثعلب السياسي حسن الترابي، ضمن صفقة ثنائية رفضها المعارضون من أحزاب وتجمعات وشخصيات نافذة، تقديراً منهم أنها خطوة لتلميع شخصيته للانتخابات القادمة والتي لن تكون الا شكلاً من انتخابات عربية يحصل فيها الرئيس على النسبة العليا مع أقرب منافسيه، وهي المشكل للنظام ومن يعيش في ظله ويكتوي منه..

انفصال الجنوب بقدر ما هو خسارة لوحدة وطنية، جاء من خلال ترتيب خارجي في السعي لتمزيق خارطة السودان وإغراقه في المشاكل، وقد بدأت القضية أكبر من عملية انفصال حيث قبائل الرعاة الكبرى تتقاتل على أرض الرعي، وفي بلد لا يملك أي بنية أساسية رغم وجود المياه والأراضي الصالحة للزراعة، فإن الأمية والثارات وهروب المؤهلين للخارج حولت الجنوب إلى بلد يعتمد في أساسياته الغذائية والاحتياجات الأخرى على الشمال فظهرت أصوات من داخله تدعو للعودة للوحدة مع الشمال، وهو جدل نفاه بعض الجنوبيين، وأكده آخرون فيما الموارد المالية البسيطة، في ظل الفراغ السياسي، أخذت تصرف على الأسلحة والتي بدأت بالحرب الداخلية تغذيها دول وقبائل ذات جذور مع المتقاتلين، حتى إن بعض تلك القبائل لجأت إلى الشمال للبحث عن حماية من الأهل الأصليين، وهي أعباء زادت على كل الأطراف..

الشمال بدون استفتاء من عودة الوحدة مع شطره المستقل لديه الموارد والكفاءات التي تستطيع احتواءه واستقطاب الدول المجاورة إليه، لكنه ظل ضحية الحكومات العسكرية التي أسست لأسوأ نظام، وعملية الإصلاح تحتاج إلى خطة سلطة تنأى بنفسها عن حشد الأنصار، وتقاسم النفوذ والأموال وتأسيس قوى حماية من عدو تراه في الداخل، وأزمة الثقة واحدة من القضايا الأساسية في وضع السودان إذ لا تنفع عملية التجميل لحشد قوى متعارضة أو بعضها، في غياب الفرص للجميع طالما هناك من يرى حقه ولا يحصل عليه، وبالتالي فالسودان مشكلته مع سلطته التي لا ترى الأمور إلا من خلال زجاج عازل عن الشعب ومطالبه..

* الرياض السعودية



بواسطة : admin
 1  0  1164
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    04-23-2014 09:15 صباحًا أبو علي :
    شكراً الأخ كاتب المقال، ماورد في عمودك ليس صحيحاً فالمشكل لم يكن يوماً في وجود البشير علي السلطة ، فهو خيار الشعب الذي إرتضاه رئيساً له ولكن المشكل هو في التدخلات الدولية وبعض من الدول الخليجية في الشأن السوداني وهذا معروف حتي لكاتب العمود نفسه
    ولكننا في حيرة من أمرنا في بعض كتاب الرأي اللذين دائمأ يوجهون نقدهم لحكام وحكومة السودان ويغضون الطرف عن مايدور في دولهم بل تراهم يكيلون المدح لحكام وسياسات دولهم الملئية بكل أنواع التجاوزات سواء كانت سياسية , إقتصادية وإجتماعية، أرفعوا عنا أقلامكم كما رفعتم عنا دعمكم، وإن شاء الله سوف نبيه وطن حدادي مدادي بسواعد أبناء السودان
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:19 صباحًا الجمعة 17 مايو 2024.