• ×

زهير السراج : هذه هي العقلية التي تحكمكم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية * بالله عليكم أقرأوا ما جاء فى خطة وزارة الصحة بولاية الخرطوم للعام القادم، التى نشرتها بعض صحف الخرطوم امس:

"أقرت وزارة الصحة ولاية الخرطوم بتشجيع هجرة الاطباء والاستثمار في الكوادر الطبية للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، وحثت الدولة على الاستثمار في القطاع بصورة جيد!!
وطالبت الوزارة في خطتها للعام القادم بإصلاح النظام الصحي وتدريب الكوادر والتنسيق المحكم مع كل الجهات ذات العلاقة بالاقتصاد لرفع عائدات البلاد من العملة الصعب!!

* وأوضحت الخطة أن الكوادر المهاجرة يمكن أن تساهم مساهمة فعالة في الدخل القومي، إذا شجعتهم الحكومة ومنحتهم حوافز لتحويل اموالهم الى السودان" (الصيحة، 11 أكتوبر، 2017 )!!

* والله إننى أعجب لدولة تسعد بهجرة عقولها الى الخارج، ولا تبذل أدنى جهد للاستفادة منهم، رغم السنوات الطويلة والأموال الباهظة التى تنفقها على تعليمهم وتأهيلهم، ثم تتخلى عنهم ببساطة شديدة لدول أخرى، بل تشجعهم على الهجرة والعمل بالخارج باعتباره نوعا من الاستثمار .. تخيلوا !!

* كل دول العالم تسعى للاحتفاظ بعقولها، واغراء مواطنى الدول الأخرى للهجرة إليها والمساهمة فى تنميتها وسكب دماء جديدة فى شرايينها، ما عدا دولتنا التى تطرد عقولها، بل تركلهم كالحيوانات الجرباء!!

* قولوا لنا لماذا تفتح أمريكا وكندا وأوروبا ابوابها واسعة للمهاجرين من كل أنحاء العالم خاصة الدول النامية (او النايمة بالأحرى) وتقدم لهم كل ما يتمتع به مواطنوها من حقوق (ما عدا المشاركة فى الانتخابات) قبل أن يحصلوا على الجنسية ويصبحوا مواطنين .. العمل والتعليم والعلاج والتملك ..إلخ، بل تهيئ لهم مراكز خاصة تساعدهم على سرعة الاندماج فى مجتمعهم الجديد، فلماذا تفعل ذلك .. هل هى محتاجة الى بنى آدمين يضايقوا مواطنيها فى معيشتهم وحقوقهم؟!

* لا أبدا، ولكن لماذا ترهق نفسها وتنفق الأموال الباهظة والسنوات الطويلة فى تعليم وتأهيل العقول إذا كان بإمكانها الحصول عليها بسهولة من بلاد أخرى، وإذا خرجت بطبيب واحد أو مهندس واحد ممتاز من بين مائة طبيب أو مائة مهندس هاجروا إليها فهى الرابحة، كما أن أبناءهم غالبا ما يكونوا مثل ذويهم فى المستوى التعليمى ــ حسب الدراسات والاحصائيات الكثيرة، لاهتمام أسرهم بتعليمهم وتأهيلهم بشكل جيد، فلماذا تُضيّع هذا الكنز الكبير من يدها، فضلا عن وجود فرصة حقيقية لإضافة ثقافة وتجارب جديدة ذات فائدة لا تتوفر لديها !!

* هذا هو المفهوم الذى تفتح به الدول ابوابها للمهاجرين حتى الذين لم يحظوا بالتعليم المناسب، أو التأهيل المناسب، ولا يتحدثون لغتها، فلهؤلاء أيضا دور يؤدونه فى المجتمعات التى يهاجرون إليها، ولقد أثبتت دراسة كندية حديثة أن مساهمة المهاجرين فى مجال الأعمال الصغيرة وتوفير فرص عمل جديدة وتنمية الاقتصاد الكندى كانت أكبر من مساهمة المواطنين الكنديين طيلة الخمسين سنة الماضية، لذلك فإن كندا الشاطرة (بل حتى إثيوبيا) تستغل كسل وغباء وبلادة الدول الغبية الكسولة فى سرقة وعقولها ومواطنيها ومستثمريها بالإغراءات التى تقدمها لهم، ولكنها سرقة حلال ما دامت تلك الدول الغبية سعيدة بذلك، ولا تبذل أى جهد لحماية نفسها ومستقبلها، بل كل ما يهمها حماية أمن حاكميها !!

* حكومة المحافظين الكندية السابقة أدخلت قبل عام تعديلات على قوانين الهجرة والإقامة تجعلها صعبة نوعا ما، مثل زيادة فترة الاقامة للحصول على الجنسية من 3 الى 4 أعوام، ورفع السن للذين يستثنيهم القانون من الجلوس والنجاح فى امتحان المعلومات العامة الكندية واللغة الانجليزية او الفرنسية، وهو أحد شروط الحصول على الجنسية، من 54 الى 65..إلخ، وكان ذلك أحد أفدح أخطائها التى استغلها الحزب الليبرالى لاكتساح الإنتخابات التشريعية الأخيرة بأغلبية كبيرة وإزاحتها من كرسى الحكم، وقام بعد ذلك بإلغاء تلك التعديلات !!

* يحدث ذلك بينما تشجع حكومتنا على هجرة الاطباء الذين انفقنا المبالغ الضخمة على تعليمهم وتأهيلهم، بدعوى الاستفادة من العملة الصعبة التى سيحولونها الى السودان... هذه هى العقلية التى تحكمكم وتخطط لكم ايها السادة!!

manazzeer@yahoo.com
الجريدة الالكترونية


بواسطة : admin
 0  0  1007
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:59 صباحًا الأحد 5 مايو 2024.