• ×

عثمان ميرغني يكتب : يا بروف ..الامتحان "رياضيات" !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية قال مُستغرباً: (إنّها مفارقة أن نكون الدولة الأفضل في التعاون في مجال مُكافحة الإرهاب وفي نفس الوقت أن نكون موجودين في قائمة الدول الراعية للإرهاب”).. ولحُسن ظني بالبروف غندور.. سأفترض أنّ حديثه يقع تحت عنوان (موقف تفاوضي)..

فالبروف غندور يعلم تماماً أنّ وجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب لا علاقة له بـ(قائمة الدول الراعية للإرهاب).. ولو عمل غندور على إخراج السودان من القائمة على افتراض أن الموضوع (إرهاب) فسيكون مثل الطالب الذي يدخل لامتحان التاريخ وهو يُذاكر في كتاب الجغرافيا.. وأكّد على ذلك القائم بالأعمال الأمريكي في مؤتمره الصحفي الأخير، إذ قال إنّ على الحكومة السودانية أن تعمل ما يجب أن تفعله لتخرج من القائمة السوداء.

النظرة الصادقة لأزمة العلاقات السودانية الأمريكية لا يفوتها مطلقاً أنّ السودان كان يتصرّف بمنطق الدولة الكُبرى تجاه عدوته الصغرى أمريكا.. ولم تكن مجرد تصريحات أو مسلك طبيعي.. بل كان موقفاً (ضد) أمريكا مدعوماً بالدين باعتبار أنّ رضاء أمريكا يعني رضاء الشيطان.. وأنّ مقياس الاقتراب من الله هو البُعد من أمريكا.. (اليوم الذي ترضى عنا أمريكا نكون خالفنا الدين).

كانت تلك سياسة راسخة ومُعلنة ولا علاقة لها بقائمة الإرهاب.. فبكل يقينٍ الخُرُوج الآن من القائمة السَّوداء يتطلّب استيفاء الخُرُوج من تلك السِّياسات المُقدّسة التي دفع الشعب السوداني ثمنها فادحاً.

والخروج من نفق تلك السياسات المُكلّفة.. ليس مجرد تصريحات أو مُفاوضات.. بل هو عملية تبرهن أن السياسات التي تقود السودان الآن قادرةٌ على فهم وتفهم أن كوكب الكرة الأرضية ليس محميات معزولة عن عصرها.. والعالم اليوم لا تستطيع فيه دولة أن تلعب كرة قدم دون أن تنسجم مع شروط ومطلوبات المُجتمع الدولي.

وفي تقديري؛ أنّ الحكومة السودانية لا تزال بعيدةً عن هذه المفاهيم.. مفاهيم الدولة العصرية المُتّسقة مع مطلوبات عالم اليوم.. ولا أريد أن أشغل القارئ بتفاصيل يعلمها أفضل مني.

بكل أسف؛ الحكومة تتعامل مع مطلوبات المُجتمع الدولي بفقه الضرورة مع الإبقاء على الضرر. الاجتهاد في استيفاء المطلوبات شكلاً والاجتهاد أكثر في إفراغ الجوهر.. هل أضرب لكم مثلاً؟ بالله تفرّجوا على مسلسل (مُكافحة الفساد) الذي أسّست له الحكومة مفوضية برئاسة (أبو قناية) ثُمّ ألغتها.. ثُمّ عادت وأجازت عبر البرلمان قانوناً لمُكافحة الفساد.. واكتمل القانون.. فعَادت الحكومة نفسها وطلبت تعديل القانون وشطب المواد التي تخترق الحصانات.. وكان لها ما أرادت (فالبرلمان لا يكسر خاطر الحكومة).. ومع هذا.. لم تقم مفوضية الفساد. ولا مفوضية حق الحُصُول على المعلومات.. ولا السجن ولا السّجّان باقٍ.. لف ودوران مقصود منه إقناع العالم بصورة لا يُطابقها الواقع.

سيدي البروف غندور.. الامتحان في “الرياضيات”.. وليس “العربي”.


بواسطة : admin
 0  0  1422
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:22 مساءً الإثنين 6 مايو 2024.