• ×

الفاتح جبرة يكتب : العدل في الأمازون !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية هل تذكر أيها القارئ الكريم رحلتي إلى (أمازونيا) عاصمة جمهورية (الأمازون) قبل أعوام عديدة حينما تمت دعوتي لحضور عيدها القومي العشرين؟ لابد أنك تذكر ذلك، فقد قمت حينها بكتابة عدة مقالات أحكي لك فيها ما شاهدته في تلك البلاد من عجائب وغرائب، مؤخراً تمت دعوتي لحضور العيد القومي الثلاثين، فلم أتردد في قبول الدعوة، غير أني طلبت من (قسم المراسم) لديهم ألا يتم استقبالي كضيف رسمي على أن أقوم بأخذ تاكسي عادي إلى (قصر الضيافة) حيث نقيم وقد كان هدفي من ذلك أن أبتعد عن جو الرسميات وآخد راحتي.
خرجت بعد رحلة مرهقة من مطار (أمازونيا) الدولي ولاحظت أنه أكثر تدهوراً من المرة الفائتة التي زرتها فيه، فالمباني شاحبة آيلة للسقوط والجدران متسخة تنبعث منها روائح لا تطاق وقد امتلأت أركان المطار بذات الأشخاص يرتدون (لبسات سفاري) ويضعون على أعينهم نظارات سوداء رغم أن الوقت كان ليلاً.
حملت حقيبتي وخرجت في جو (خانق) هو مزيج من السخونة والرطوبة، كانت باحة المطار تمتلئ بعربات الأجرة المتهالكة التي تقف في صف طويل، لم يترك لي السائق أي خيار، بل قام برفع شنطتي إلى أعلى العربة، وسألني إلى أين تذهب؟ (بالأمازوني طبعن) فقلت له بأمازونية ركيكة إلى (قصر الضيافة)، اتسعت عينا السائق وحدق في وجهي لبرهة قصيرة وقال لي: قيمة الأجرة 70 سنتيم... قلت له: لكنني في آخر مرة حضرت كانت الأجرة عشرين سنتيماً فقط، هز رأسة وكأنه يقول (ياااخ إنتا من الزمن داك)!
كان السائق الأمازوني مكفهر الوجه مقضب الجبين وهو يقود السيارة خارجاً من المطار فوجدتها فرصة سانحة لسؤاله:
• الأوضاع عندكم كيف؟
• قام بخفض مسجل السيارة والتفت نحوي: ياتو أوضاع؟
• الأوضاع العامة!
• زي الزفت
• قلت في نفسي: إيه الحكاية إنتو طوااالي زي زفت، ثم باغتته بالسؤال:
• أخبار الفساد عندكم شنوووو؟
• ياتو .. الفي البر وللا الجو وللا البحر؟
• (في استغراش): وكمان عملتو ليهو تصنيف؟
• كييف يا أستاذ.. الظاهر إنتا ما جايب خبر.. الفي البر ده زي ناس (دولارات الدواء) وعطاءات المنشآت والطرق المنهارة والفي البحر ده زي الموانئ البحرية والحاويات، أما الفي الجو ده أفتكر العالم كلو عارفو.. وللا شنوووووووو؟
• وما قالوا عندكم (مفوضية) للفساد؟.. وشنووو ما بعرف؟
• يأ أستاذ الفساد انتشر لدرجة عندنا مقولة بتقول: "إن الشخص الوحيد غير الفاسد هو الذي لم تمكنه قدراته أو عجزه أن يكون فاسداً"
• (قلت في سري): أخير نحنا ناسنا كوولهم بتاعين (هي لله)!
• تتصور يا أستاذ الفساد وصل القضاء؟
• كيفن يعني؟ القضاء بتاعكم ده كانت الأمم بتشيد بيهو وبي نزاهتو وشموخو ونصاعة ثوبو
• ده كان زماان يا أستاذ، تخيل يا أستاذ التأثير في الأحكام عندنا بقى حاجة عادية.. خاصة لو القصة ليها علاقة بالوقوف ضد (الظلم)..
• كان كده أخير نحنا ..
• إنتو الكلام ده ما عندكم؟
• والله.. في الحقيقة.. أصلو .. يعني.. في الواقع.. ما بالصورة دي !
• المشكلة يا أستاذ نحنا عندنا ممنوع قطعياً الناس تتكلم عن القضاء حتى لو صدرت أحكام جائرة عديل كده واتحكم على ناس بالإعدام وهم (بريئين).. القضاء عندنا (مسيس) يا أستاذ !
• قبلكم وحدكم.. ناسكم ديل عشان ما مسلمين.. هسه كان مسلمين زي ناسنا كانوا خافوا الله.. قضاتنا الكلام ده ما بعرفوهو.. لو لفيت العالم ما ح تلاقي زي قضاتنا في العدل.. وكل حاجة عندنا وللا قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق..
والسيارة تقترب من (قصر الضيافة)، كانت هنالك بعض التظاهرات هنا وهناك ضد النظام الحاكم في (جمهورية الأمازون)، بعض الشباب يمسكون بلافتات ورقية ويهتفون بسقوط النظام.. بعد أن مرت العربة من خلالهم بصعوبة التفت لي السائق قائلاً:
• المظاهرة دي فيها يكون كم نفر؟
• يعني زي ميتين نفر كده
• تعرف يا أستاذ الميتين ديل لو فيهم واحد رمى ليهو قزازة (ملتوف).. الشرطة تعرفو وتجيب شهود ويتحاكم.. وممكن يتشنق!
• عادي يعني شنو.. ما زول خالف القانون..
• (مواصلاً): لكن لو في جهة فتحت نار في الميتين نفر وكتلتهم ما في زول يعرف الفتح نار فيهم وللا الكتلهم منوو؟ والشرطة ما تقدر تجيب شاهد وااااحد!!
وهنا وصلنا إلى قصر الضيافة.. أعطيت السائق أجرته، ترجلت من التاكسي وأنا أقول في سري (الله يخارجنا من الأمازون دي ساي)!!
كسرة:
• ناس الأمازون ديل لو كانوا مسلمين زينا ده كولو ما كان حصل ليهم..
•كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو(و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم؟
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 90 واو - (ليها سبع سنوات ونص)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 49 واو (ليها أربع سنوات وشهر)


بواسطة : admin
 0  0  1187
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:43 مساءً الإثنين 6 مايو 2024.