• ×

معلمات المناطق النائية ..إعتداءات وتحرش ومعاناة في السكن

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية فُجعت قبيلة المعلمين فى مطلع فبراير العام الحالي، بخبر أليم مفاده ، هجوم ملثمين على سكن خاص بالمعلمات ـ ميز ـ ، بـ( عدار ) إحدى قُرى الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور ، وإقتياد إثنتان منهن ومن ثم الإعتداء عليهن تحت تهديد السلاح ،وقبل أنّ يندمل جُرح معلمات دافور ، طفحت إلى السطح فاجئة أخرى تُشابهها إيلاماً بالنيل الأبيض، مما دفع الصحيفة لاجراء تحقيق موسعا وطرحت العديد من الاسئلة امام طاولت المختصين وخرجت بالحصيلة التالية.

تحقيق : سلمى عبدالعزيز

عُش الدبابير !
تقطن معلمة العلم في حياتنا وبالضرورة معلمة الرياضيات هي ورفيقاتها التسعة بـ(ميز) داخل المدرسة التي يعملن بها أطلقن عليه ( عُش الدبابير ) لفرط تدهور بيئته ، وقِلة أدميته ، وبشاعته ، حيث يتكون المنزل القابع بقرية ( أم خرايت ) التابعة لمحلية القلابات الشرقية بولاية القضارف من (3) قطاطي أكل عليها الدهر وشرب ، إضافة لغرفة مبنية من الطوب الثابت تُمثل ( المطبخ ) . هذه القطاطي المُتهالكة تم تسوير أطرافها بـ(صريف) ـ مصنوع يدوياً من القش ـ يحول بينهم وتلصص المارة ، إلا أنّه لا يمنع تسلل اللصوص ليلاً ، وتطفل ( البهائم ) الباحثة عن مرعى نهاراً .

نسونة المدارس
وفى (عش الدبابير ) جأرت ( إنعام أحمد ) بالشكوى حتى بُح صوتها ، ما تركت شئ إلا وانتغدته ،لا أنّ لقرار ( نسونة المدارس ) الذي بدأت حكومة القضارف بتطبيقه منذ العام المنصرم القدح المُعلى، مشيرة إلى أنّه قرار غير صائب ، مُتسائلة : كيف تُترك نساء عُزل في منطقة نائية بمفردهن ؟ ، مُضيفة سابقاً كُنا ننام قريرات العين لعلمنا مُسبقاً أنّ هناك من نلجئ ونستغيث به ، إنّ مرض إحدى أطفالنا فجاءة ليلاً ، أو تسلل لص ، أو وسوس شيطان في أُذن أحدهم بالسوء ، أو في حالة خروج ثعبان من ( جُحره ) نظراً إلى أن المنطقة موبوءة بالزواحف ، ... الخ . مُضيفة كل ما ذكرت حالات تستدعي وجود من يهب لنجدتك بسرعة قُصوى لا تحتمل المماطلة .

لا نقاط أمنية
وبالعودة إلى الوراء قليلاً ، كانت المدارس في المناطق النائية تعمد لحماية المعلمات عن طريق توزيع عدد من المعلمين العاملين في نفس المدرسة للسكن معهن في ( الميز ) ، حيث يتم تحديد غُرفة قصية تُفصل بالصريف أشبه بـ( الديوان ) في المنازل العادية ، عِوضاً للنقاط الأمنية ، التي من المفترض أنّ تكون موجودة بداخليات الطالبات والمعلمات ، تقول استاذة ( إنعام ) في الماضي وقًبيل تنفيذ القرار لم نكن نشعر بالخوف سيما وأن المنطقة لا كهرباء فيها وتتسم بالظلام الدامس، ولم نكن نطر للذهاب إلى السوق، أو جلب المياه، وغيرها ، إذا نستعين بزملائنا ، الذين يلبون نداء الإستغاثة فورا . مطالبة وزارة التربية بضرورة تأمين مساكن المعلمات ، مُعللة ماذهبت إليه بقولها : ( لو وُجد فرد أمن واحد فقط بسكن معلومات عدار لم يحدث ما حدث ) .

طريق وعرة وتحرش
يستغرق الطريق إلى( باسُندا ) ـ إحدى قُرى القضارف( ساعتين ونصف ) ـ في حالة ركوب( هايس ) ، و(3) ساعات ونِيف إنّ عاندها حظها وامططت ( اللوري أو الدفار ) ،حيث تعمل معلمة بمدارس الاساس ، وتروي الشابة ذات الـ(24) عاما ما وصفته بالحادث البشع قائلة : تعرضتُ لحادثة تحرش من قبل أشخاص وأضطردت للركوب معهم نتيجة عطل أصاب ( الهايس ) التي كانت تقلني إلى المدرسة ، ولولا لطف الله لكان حدث ما لا يُحمد عقباه ، مُضيفة أن العمل بالاقاليم سيما للفتيات مساويه كثيرة ، ومضني للغاية ، معللة تحملها كل هذا العناء بحوجتها للعمل . وعن اكثر الاشياء مشقة تقول إن عدم إحساسها بالأمان داخل السكن مقرون بوعورة الطريق يأتيان في المقدمة .

مياه ملوثة
كاشفة عن تعرض المعلمات للعديد من الإنتهاكات أهمها أعتداء أولياء الأمور الذي قد يصل حد الضرب نتيجة أشياء بسيطة ، إضافة إلى مياه الأبار المُلوثة ما يجعل العديد منهن يجلبن معهن مياه من منازلهن في ( باقات ) كبيرة الحجم للشرب،منوهة إلى أن إنعدام الكهرباء يجعلهن يشحن هواتفهن بـ(3) جُنيهات يومياً ، قائلة إنّ خوفها الأكبر يكمن في تفشي الأمراض والأوبئة كـ( الكلازار ) والإسهالات المائية في المنطقة التي تقطن فيها ، مقرونةً بتردي المراكز الصحية بالقرية والقُرى المجاورة .

قرية الزليط الصفيراء
تقطن معلمات قرية ( الزليط الصفيراء ) القابعة في أطراف محلية السلام الحدودية بولاية النيل الأبيض ، في " ميز " وصفه مدير مدرسة ( الصفيراء ) الأساسية البشير عبدالرحيم الخليفة البشير في حديثه لـ( أخر لحظة ) بغير الأدمي البته ، السكن المُكون من غرفتين مُلتصقتين ببعضمها ، إضافة إلى مطبخ ، وحمام إتخذ مكاناً قصيا ، تم إنشائه بالجهد الشعبي منذ قُرابة الـ(10) أعوام ، بات أشبه بـ( الخرابة ) ، لافتاً إلى أنّ ميزانية المدرسة محدودة للغاية ، ولا تتجاوز مرتبات المعلمين وبعض الأشياء القليلة كـ(الطبشور) وخلافه ، قائلاً بأسى : ( عجزنا عن توفير سكن أدمي لمعلمات تركن كل شئ من أجل تعليم أبنائنا ) .

حمامات ممتلئة
تجولتُ داخل (ميز) المعلمات الخالي منهن ، حيث هرولنا إلى منازلهن لقضاء الإجازة السنوية ، قلت لمدير المدرسة فور دخولنا ، هذا المنزل آيل للسقوط ، فرد مُباغتاً لقد بح صوتي وأهالي القرية مُطالبين بضرورة ترميم ( الميز ) ، لم نُطالب بهدمه لعلمنا مُسبقاً بأنه شبه مُستحيل ، فقط نحتاج لعمليات ترميم وصيانة ، ولكن هيهات .. خاتما حديثه لـ( أخر لحظة ) ونحن على أعتاب الخروج من السكن المُهتري ، بقوله : أود إرسال صيحة إستغاثة لكافة الجهات المُختصة بالولاية ، أناشدهم بتوفير مأوى يليق بهن ، مستدركاً من المُعيب أنّ تقطن معلمات في منزل حماماته ممتلئة وجدرانه لاتستر .

النقابة العامة
هل مساكن المعلمات في المناطق النائية أمنة ؟! ،وضعتُ هذا السؤال على منضدة النقابة العامة لعمال التعليم العام بالسودان، الكيان المُخول إليه النطق بإسم كافة عمال التعليم بالبلاد ، والجهاد من أجل تأمين حقوقهم ، فجاء الرد على لسان امين الإعلام بالنقابة العامة لعمال التعليم استاذ حازم سليمان حسن كالأتي : ليس لدي إجابة على هذا السؤال ، ثم أضاف " نحن نقابة معلمين ، لسنا أمن الدولة أو رئاسة الجمهورية " . قائلاً بإستنكار : ( كيف لي أن أتحدث عن أمن الدولة والتأمين والحراسة ) !! ، مستدركاً " نحن نقابة واجبنا الدفاع عن حقوق عمال التعليم و ليس حمايتهم"، موضحاً أن أحوال المعلمات بالميزات ووضعهم المعيشي والأمني لا يندرج ضمن مسؤوليتهم كنقابة . لافتاً إلى أن ( نسونة المدارس ) قرار ولّدته الحوجة ولا علاقة لايّ ولاية به ، معللاً ما ذهب إليه بأن أكثر المقدمين لوظائف التعليم من الإناث ، حيث بلغ عدد المعلمات بالخرطوم وحدها أكثر من الـ(70) % ، قائلاً : ( مافي حاجة اسمها نسونة مدارس ) إنّه واقع يجب أن يعاش .
آخر لحظة


بواسطة : admin
 0  0  5443
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:56 صباحًا السبت 27 أبريل 2024.