كيف تم إستغلال البسطاء في إنتخابات الهلال ؟

السودانية إستغلال السذّج والبسطاء وتحويلهم لعضوية فاعلة
كيف تم تضليل حي كامل بدعوى كرتونة رمضان؟!

كيف بدأت الحكاية؟

ظلت العضوية المستجلبة تشكل هاجساً للأندية السودانية، حيث ظل الأعضاء الحقيقيون بعيدون عن صناعة القرار، وعن تشكيل مجالس إدارات هذه الأندية طوال الفترات السابقة، ولعل هذا الأمر يعود لطبيعة المشجع السوداني وطريقته في التعاطي مع الأندية.

وفي نادي الهلال خاصة الذي يرفض التعيين ويبحث عن الديمقراطية والجمعيات العمومية، ظلت العضوية المستجلبة لا تخرج عن إطار الرجال بدرجة كبيرة، وفي مجال عضوية المرأة ظلت محدودة لبعد المرأة السودانية عن مجال كرة القدم، وفي عمومية الهلال الأخيرة كان للمرأة البسيطة حضوراً لافتاً، مما أثار فضولنا ومن خيمة العمومية بدأت الحكاية، وفصول الرواية التي تكشفت شيئاً فشيئاً.

الرحلة:

نهار الثلاثاء الماضي، كانت الرحلة لمنطقة المنارة التي تقع على بعد لا يقل عن 30 كيلومتراً من دار السلام، والتي تتبع لمحلية أمبدة الكبرى، وهي منطقة تنعدم فيها الخدمات (لا كهرباء ولا مياه)، وحتى المنازل البسيطة مبنية من الطين، وأهالي المنطقة لا يملكون إلا قلوبهم الطيبة ورغبتهم في الحياة وتعاضدهم وتكاتفهم الذي يخفف عنهم الكثير، على طريقة أهلنا (الفقرا إتقاسموا النبقة).

مغامرة حقيقية:

الشارع المسفلت ينقطع قبل الحي بأكثر من (20) كيلومتراً، وحتى الطريق الترابي المهيأ فإنه ينقطع قبل المنطقة بعدة كيلومترات، ثم بدأت تظهر لنا ملامح القرية رويداً رويداً بعد أن تهنا منها في أكثر من مرة، حتى دخلنا قرية تتبع لمنطقة المنارة، ومن بعيد تلوح لنا منازلهم البسيطة التي تشكو من سوء الإهتمام، ولا أحسب أن هناك مسئولاً قد زارهم في فترة قريبة، فلا خدمات أساسية متوفرة، ولا طرق معبدة، ولا حتى سوق بالمعنى المفهوم.

البساطة والغبن:

(جاني (فريد) وقال لي الجماعة ديل عاوزين نجيب ليهم كرتونة الصايم عشان كدة عاوزين الرقم الوطني)، هكذا بدأت (ثريا) الناشطة إجتماعياً والتي تتحمل عبء أهل المنطقة ونسائها وتقف معهن في كل الظروف، وهكذا بدأت الرواية القميئة التي توضح كيف فكر الكاردينال وأعوانه في إعادة تنصيبه رئيساً لنادي بحجم الهلال وتاريخه وإرثه.

وتواصل ثريّا: (وبقيت ألاحق (فريد) بعد أن تم تجميع الأرقام الوطنية بكشف يحوي أكثر من 330 معظمهن من النساء، وقال لي الكاردينال سافر في المرة الأولى، وتاني قال لي جاب مية كرتونة رجعناها عشان بسيطة والعدد كبير)، حيث إتضح أن الغرض الأساسي كان الحصول على الأرقام الوطنية، وتقول: (لما زنقتوا شديد قال لي الكاردينال قال بعمل لينا مدرسة كمان، مش زاد الصايم بس، وبقى يتهرب مني بعد داك، وكل يوم أمشي ليهو في مجمع الجمعية عشان الأرقام الوطنية).

هكذا تواصل الكذب على البسطاء الذين لا يدرون حتى هذه اللحظة أن أرقامهم الوطنية تحولت لكشف عضوية بنادي الهلال دون أن يعرفوا.

الخديعة الكبرى:

(دقوا لينا الأبواب يوم السبت الساعة تسعة صباحاً، ووقفت سبع عربات كبيرة، وقالوا لينا أطلعوا الكاردينال عامل ليكم مفاجأة في إحتفال كبير، بحضروا الرئيس وناس الحكومة، وفي ورقة صغيرة بدونا ليها نأشر على (أسامي كدة)، وبعديها بدونا المفاجأة)، هكذا قالت حاجة (زكية)، وهي إمرأة ترى فيها أمك وجدتك ببساطتها وجمال دواخلها وخفة دمها.. (والله ياولدي حارقني الرقم الوطني، فيهو حلاة صورة لي واجعاني شديييييييد، عليكم الله رجعوهو لي..)، وهكذا خدعوهم بالإمنيات الخائبة وإستغلال الحاجة.

وإمتلأت العربات السبعة مثلما قالت (ثريا)، ونهبوا بهم الأرض ليلحقوا إكتمال النصاب للجمعية العمومية، ليبصموا كمهيرات للهلال، حاجة (زكية) لم تذهب ولكنها أرسلت (إبنتها) نيابة عنها لتحضر لها (المفاجأة) التي وعدهم بها (المارديمار) كما قالتها، و(إبنتها) هذه، هي التي إكتشفها شباب التحالف وقاموا بفتح بلاغ في مواجهتها، ثم تم شطبه بعد ذلك بعد أن أدركوا حجم الخديعة التي تعرض لها هؤلاء البسطاء.

وثريا نفسها تم فتح بلاغ في مواجهتها وتقول: (إتصلتَ بـ(فريد) فوعدني يجي ولكنه زاغ مني وأنا في القسم يوم الإنتخابات).

المأساة:

والمأساة الحقيقية، أن هؤلاء البسطاء الذين جلسوا بالساعات الطويلة، وتم إكمال ديكور العضوية بهم لم ينالوا شيئاً، بل وتركوهم في ساعة متأخرة من الليل يبحثون عن طريق لعودتهم لحيهم الذي يقع في أطراف ولاية الخرطوم، وتوسدوا ألمهم وطعم الخديعة المر.

تقرير: محمد الأمين نور الدائم_ صحيفة الوطن