السودانية ستشهد الاسابيع والشهور القادمة معركة تكسير عظام بين تحالف المملكة العربية السعودية ومصر، أكبر دولتين فى العالم العربى واقواهما وأكثرهما نفوذا وتأثيرا، والدول التى تؤيدهما فى حربهما ضد الاخوان المسلمين وتيارالاسلام السياسى و(الارهاب) من جانب، وبين قطر وحلفائها، وربما المترددين فى اتخاذ موقف مناصر للسعودية من جانب آخر !
* ستكون المعركة سرا وعلنا فى شتى المحافل الدولية والاقليمية السياسية والاقتصادية والاستخباراتية وربما العسكرية وذلك بمساندة حركات المعارضة، هكذا يبدو الحال حتى هذه اللحظة من ما توفر من ملامح هذه المعركة، لذا ليس من الحكمة اتخاذ مواقف مترددة أو منحازة للطرف الضعيف وهو الارهاب وحلفاؤه!!
* من الافضل للحكومة السودانية ان تلزم الصمت الكامل إن لم تكن ترغب فى الوقوف بجانب الطرف الأقوى، وتسكت عن حديث الوساطة الذى تصدح به كل يومين معتقدةً أنه يسُر أطراف الصراع، بينما هو فى حقيقة الأمر تدخل فى شأن لا يخصها خاصة ان دولة الكويت هى الوسيط المعترف به بين الاوساط المتنازعة وأى تدخلات أخرى يمكن أن تسبب نوعا من الحساسية لن ينظر لها بعين الرضا!!
* كما ان الوقوف فى الحياد يتعارض مع الحديث عن وساطة، فالوسيط ليس مجرد ناقل للآراء بين الاطراف المختلفة، وإنما طرف اصيل فى حل الأزمة وهو ما يتطلب إلمامه الكامل بكل تفاصيلها وعرض المقترحات ومناقشة الاطراف واقتراح الحلول التى تكون مقبولة للجميع ...إلخ، ودولتنا لم تعد (فى عهد الانقاذ) مؤهلة للقيام بهذا الدور لهوانها وقلة شأنها، على الأقل فى نظر الدول الأخرى بسبب عدم امتلاكها لقرارها وتهافت حكامها، وتسولهم المستمر على موائد الآخرين حتى فقدت الدولة السودانية كرامتها، فضلا عن سوء علاقتها مع بعض أطراف الصراع، واتهام الكثيرين لها بانها ضالعة فى الارهاب، والأهم من كل ذلك سيطرة الاخوان المسلمين على الحكم فيها، وهم أحد أهم اسباب الصراع بين الأطراف المتصارعة، فمن أين لدولة بمثل هذه الصفات ان تكون وسيطا مقبولا لدى الآخرين فى أزمة معقدة وشائكة لها جذور تاريخية عميقة، مثل الازمة الخليجية؟!
* كما أن الحكومة السودانية طرف أصيل فى الصراع بسبب مشاركتها فى الحلف العسكرى الذى يحارب فى اليمن، وعدائها لايران التى كانت احد اكبر داعميها وناصريها الى ان ارغمت على قطع علاقتها بها ومناصبتها العداء بدون مبرر، وإيران كما يعرف الجميع سبب رئيسى فى الصراع القائم بين دول الخليج، إذ تتهم السعودية إمارة قطر بمناصرة ايران والمعارضة الشيعية فى السعودية والبحرين، وبالتالى فإن السودان من وجهة النظر الايرانية (الداعمة لقطر) لن يكون مقبولا للعب دور الوسيط !!
* من الأفضل أن تمارس الحكومة السودانية فضيلة الصمت المطبق، بدلا عن الزج بنفسها فى أزمة معقدة جدا، واطلاق التصريحات التى قد يساء فهما بواسطة احد الاطراف فيدفع السودان الثمن !!
manazzeer@yahoo.com
الجريدة الالكترونية
- ×
التعليقات ( 0 )
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:16 مساءً الجمعة 17 مايو 2024.