• ×

زهير السراج يكتب : بنات عبيد ختم !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية * لا أدرى متى يكف الشاذون والمعقدون نفسيا وأدعياء الدين عن الانشغال بالمرأة الى درجة تخصيص قوات شرطة لمطاردتها بالشوارع، والتحريض عليها كل حين، واطلاق الشائعات لتخويفها وقهرها، ولقد تناولت مواقع التواصل الاجتماعى فى اليومين الماضيين (نقلا عن إحدى صحف الخرطوم عن ضابط كبير بالشرطة) خبرا عن صدور قرار من المجلس التشريعى بولاية الخرطوم (يمنع وقوف البنات والنساء تحت سن الخمسين ليلا بشارع عبيد ختم بالخرطوم)، أثار الكثير من الضجة، الى ان نفته على موقع (الفيس بوك) زميلتنا الصحفية النابهة (عزة ابوعوف) بأن المجلس التشريعى فى عطلة، فضلا عن إتصالها بمسؤول كبير فى المجلس نفى لها صدور قرار من أية جهة، ولقد وعدتْ بمتابعة الامر ونشر الحقيقة كاملة، خاصة ان مصدر الخبر إحدى صحف الخرطوم نقلا عن ضابط شرطة فى موقع نافذ!!


* ونتساءل، لماذا يريد البعض إعادتنا الى أيام الجاهلية عندما كان الناس يدفنون بناتهم احياء خشية العار، حتى نزلت الاية الكريمة (واذا المؤودة سئلت، باى ذنب قتلت) ، فتوقف الناس عن وأد البنات، ولكن هل بالفعل توقفت هذه الجريمة أم لا تزال تُرتكب حتى اليوم وبأشكال وطرق أكثر وحشية وفظاعة ؟!
* لا شك انها لا تزال ترتكب حتى الان فى مجتمعاتنا الشرقية بأكثر مما كانت عليه فى العهد الجاهلى، فالمرأة لا تزال حتى اليوم تتعرض لشتى اشكال الظلم والاضطهاد بل والقتل فى كثير من الاحيان بما لا يختلف كثيرا عن الدفن ... وان اختلفت الطريقة، فالنتيجة فى آخر الامر واحدة وهى فقدان الحياة، والرعب الكبير الذى تعيشه الضحية قبل ان توأد أو تقتل.

* لا يزال مجتمعنا يمارس استعباد المرأة، واسترقاقها، ومعاملتها كجارية او خادمة، بل ما هو اسوأ: معاملتها كعار يمشى على رجلين لا بد ان يُسجن حتى لا يجلب العار للرجال، وعلى هذا الفهم الفاسد تُعامل المرأة فى كل المجتمعات العربية والاسلامية التى تدين بدين الاسلام، ولا تفهم الاسلام ولا تجتهد لوضع تفاسير جديدة للاسلام تتماشى مع التطور، رغم انها تعلم ان الاسلام دين متطور يصلح لكل زمان ومكان، وكان من باب أولى ان تتطور به ومعه، ولكنها للأسف توقفت عند محطة عصر الجاهلية فظلت تدفن المرأة حية حتى اليوم مع اختلاف اسلوب الجريمة، كما ظل المجتمع يمارس نفس ما كانت تمارسه الجاهلية من ظلم للمرأة التى انصفها الاسلام وجعلها الام الرؤوم للمؤمنين والمعلمة والحادية لهم، ووضع الجنة تحت اقدامها قبل خمسة عشر قرنا، بينما عدنا بها نحن الى ما قبل نزول الاسلام .. حيث كانت تعامل كجارية او عار لا بد ان يقتل حتى لا يكلل جبين الاسرة بالعار!!

* عندما تساءل القرآن قبل خمسة عشر قرنا (وإذا المؤودة سئلت، بأى ذنب قتلت) لم يكن بالتأكيد يقصد وسيلة القتل وانما كان يقصد جريمة القتل، بالدفن كانت او بالسكين او بالمسدس او بالشك وما يحدثه من اثار نفسية سيئة تماثل القتل، فالدافع واحد وهو خشية العار، وما دمنا حتى الان نتعامل مع المرأة من هذا المنطلق الفاسد حتى وان كففنا عن وأدها، فإننا نئدها بالفعل مع اختلاف الوسيلة!!

* ما زلنا حتى الان نطارد المرأة بمفاهيم اجتماعية وقوانين حكومية، تهين كرامتها وتنتهك حقوقها وتقتلها بالحياة وتئدها فعلا لا قولا... والامثلة كثيرة وعديدة يمكن ان تملأ ملايين الصفحات، وكلنا قد عرف او صادف بعضها، او ارتكب مثلها مما يضعه فى خانة القتلة والمجرمين والوائدين، ولا يختلف الأمر كثيرا سواء كانت الجريمة التى نرتكبها قتلا، او اعتقالا، او اهانة او مذلة للمرأة، فهى لا تخرج عن كونها وأدا للمرأة وقتلا لها بالحياة، بل أسوأ من القتل!!

* انها جريمة بشعة ان نظل نعامل المرأة وكأنها عار حتى اليوم بعد خمسة عشر قرنا من نزول الدين وتعاليم الخالق، ونُهينها وننتهك كرامتها، ونئدها بالحياة، ونعاقبها بالجلد (تعذيراً)، وكأننا أكثر حرصا من الله على الاخلاق والفضيلة، بل وفى أحيان كثيرة جدا نقتلها ونريق دمها فعلا بلا ذنب خوفا من الفضيحة والعار!

* ننتظر من الصحيفة التى نشرت الخبر تأكيدا أو نفيا له، والادلاء باسم ورتبة وموقع ضابط الشرطة الذى نقله إليها، وما هى الجهة التى أصدرت القرار (إن صح صدور قرار)، وما هو الدافع للإدلاء بحديث كاذب (أو نشر خبر كاذب) عن صدور قرار لم يصدر، بمنع النساء من الوقوف فى شارع عبيد ختم أثناء الليل ؟!


بواسطة : admin
 0  0  2335
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:15 مساءً الجمعة 26 أبريل 2024.