• ×

جعفر عباس يكتب : جد ولله الحمد

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية هبطت طائرتنا عصر يوم الأربعاء الماضي في مطار مونتريال بكندا، ونحن في طريقنا لاستقبال طارق في العاصمة الكندية أوتاوا، ولكننا فوجئنا بأنه هبط فيها قبل وصولنا الى مونتريال بخمس ساعات، وهكذا كان هو في استقبالنا، عوضا عن أن نكون نحن في استقباله، مما يؤكد أنه ولد «كله ذوق»، وركضنا بالسيارة لأكثر من ساعتين حتى وصلنا أوتاوا، حيث التقينا بطارق وأمه وأبيه اللي خلفوه.
اسمه بالكامل طارق غسان جعفر عباس، أي أنه حفيدي وبالتحديد حفيدي الأول، وقد ولد في كندا لأن العادة جرت عندنا بأن تلد «البنت» جناها البكر عند أمها، مما يعني أن حبوبة طارق من جهة الأم مقيمة في كندا، وهكذا فإن طارق ولد كنديا، وحكاية طارق هي حكاية وطن بعثر أبناءه في كل وادٍ، فطارق سيد الاسم الأصلي رحمه الله، أي والد أمه، تخصص في علم الأمراض (باثولوجي) في فرنسا وعمل فيها، ثم عاد الى السودان حيث عمل أستاذا جامعيا، ثم رحل عن الدنيا الى الملكوت الأعلى دون أن يكمل السادسة والثلاثين مخلفا بنتين إحداهما صارت زوجة ولدي ذاك
وما ذهب بطارق الكبير رحمه الله الى فرنسا هو أن أباه، حسين الأمين الريح (جد زوجة ابني، الجعلي) كان مقيما فيها بحكم عمله في وكالة غوث اللاجئين الدولية، وبعد وفاة طارق تكفل الجد حسين بالبنتين، وبعد العيش ردحا من الزمن في فرنسا انتقلت العائلة الى الولايات المتحدة، ثم إلى كندا، وكما يفعل معظم السودانيين الذين يعيشون في دول غربية، فقد تقرر عند بلوغ البنتين سن المراهقة، إعادتهما الى الوطن الذي مكثتا فيه نحو شهرين، ثم أعلنتا أنهما تريدان العيش في السودان «طوالي»، وهكذاعاشتا فيه نحو ست سنوات متصلة، وتسودنتا سودنة ال»****»، وأكلتا البوش وتسوقتا في سعد قشرة،
وهكذا فإن أم الشبل طارق كوكتيل جعلي على دنقلاوي على أمريكي على كندي، بينما والده الذي هو ولدي نيوزيلندي «من أصل سوداني/ محسي»، وبهذا يصبح حفيدي طارق متعدد الجنسيات وأعلن أنه «قد» يفكر في الحصول على جواز سفر سوداني، إذا لم تكن شبكة الرقم الوطني طاشة أو مطرطشة، كما حدث لها عندما اكتشف جده، الذي هو شخصي، في مرحلة الحصول على الجواز الالكتروني، أنها شككت في نسبي بأن اختارت لي أباً وجداً لم اسمع بهما، وعندما غضبت غضبة مضرية وقررت «هتك حجاب الشمس او تمطر الدما»،صونا لشرف العائلة، قالوا لي: ابدأ الإجراءات من أول وجديد، وصححوا الاسم، ولكنهم اضافوا تسعة أشهر الى عمري وهذه مسألة لم يكن ممكنا السكوت عليها، لأنها تعجل ببلوغي سن التقاعد بتسعة أشهر
وكمغترب مزمن ومحترف فإنني وكلما التقيت بنظرائي في المهاجر، اكتشف صحة «اقتناعي» بأن طول أمد الاغتراب يقوي الحبل السري بين المغترب والوطن، وسودانيو كندا مثل سودانيي أوربا والولايات المتحدة وغيرها ما زالوا أولاد وبنات بلد على السكين، ليس لأنهم – ونحن الآن في رمضان – يحبون العصيدة والحلو مر، ويدخنون سجائر من عائلة البرنجي، ويلبسون الجلابية والعمة بل لأنهم مثل سودانيي الداخل «راسهم ضارب»: يتابعون الحال ويمارسون الجدال، ويتبادلون تصريحات حجة شؤون السودان والشيشان تراجي مصطفى، ويضربون أخماسا في أسداس وهم يتفاكرون حول كيف يساهمون في احتواء وباء الاسهال «الما-كوليرا»، ويحتارون بشأن تصريحات أحد وزراء الصحة: الداء الما دائي أنا مالي بيهو/ والبطن الما بطني ما تمشي …. (قطر يودي ما يجيب)
قالوا له إن ساعات الصوم في كندا واحد وعشرين ساعة، فكان تعقيبه: يستاهلوا الكفار.


بواسطة : admin
 0  0  1621
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:36 صباحًا الثلاثاء 21 مايو 2024.