• ×

عثمان ميرغني يكتب : السعودية ام قطر ؟..لا توجد منطقة وسطي للسودان

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية فجأة انبثق يوم أمس عن ميلاد حدث عربي يضاف إلى أزمات العرب المستمرة.. السعودية، والإمارات ومصر، والبحرين تقطع بمدية حادة علاقتها الدبلوماسية، وتمهل دبلوماسيي قطر الخروج في ظرف 48 ساعة، وتطرد مواطني قطر أيضاً.

وتغلق المسارات الجوية والبحرية والبرية أمام قطر، ما يشبه الحصار الشامل الذي يخنق الاقتصاد، ويعتصره- بشدة.

وتتجه أنظار السودانيين نحو الداخل هنا في الخرطوم لتحري هلال الدبلوماسية السودانية.. في أي اتجاه سيهل؟.

وبكل يقين السودان في موقف حرج للغاية، علاقته مع الطرفين متينة، فدولة قطر ظلت حليفاً مخلصاً للسودان ليس في المحافل الدولية فحسب بل حتى في عمق شؤونه الداخلية، فقبل عدة أعوام وصل إلى الخرطوم وزير خارجية قطر– آنذاك- الشيخ حمد بن جاسم للصلح بين جناحي (القصر- والمنشية) في ذروة الصراع بين الرئيس البشير والدكتور حسن الترابي.

ثم لعبت الدوحة دوراً بارزاً في اتفاقية السلام لإقليم دارفور.. ومولت قطر العديد من المشروعات، خاصة في قطاع السياحة، الذي روجت له الشيخة موزا من خلال زيارتها الداوية إلى المواقع الأثرية السودانية قبل أسابيع قليلة.

لكن في المقابل فإن المملكة العربية السعودية لعبت دوراً محورياً في استمالة السودان من المحور الإيراني، ثم إخراج السودان من عزلته الدولية، ورفع العقوبات الأمريكية.. ووصلت العلاقة الثنائية ذروتها بانخراط السودان في التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي يخوض حرباً في اليمن.

يصبح السؤال الذي ينتظر كل السودانيين الإجابة عنه.. قطر أم السعودية؟، ولا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار- على رأي الشاعر العربي نزار قباني.. فالصمت ومحاولة إمساك العصا من الوسط لن يرضي أياً من الطرفين.. فأين يذهب السودان؟.

بكل أسف الخطأ الذي لم تفطن إليه الحكومة السودانية أن القرار في مثل هذه الأحوال لا يصدر ببيان يميل يمنة أو يسرة حسب الحسابات الداخلية والثنائية.. لا.. فمعطيات السياسة الخارجية عادة تقوم على (رؤية) إستراتيجية مبنية على قراءة دقيقة ليس للواقع الراهن فحسب، بل واتجاهات رياح المستقبل أيضاً.

الآن- وأراهن على ذلك- لن تستطيع أية جهة سودانية أن تجتمع لتنظر كيف تتعامل مع تطورات الوضع الخليجي.. لأن السياسة الخارجية السودانية أصلاً ما بنيت على مؤسسات تنظر وتقرر وترسم وتهندس.

لم تكن وزارة الخارجية السودانية صانعة– ولا مستشارة- في السياسة الخارجية، خاصة المتصلة بالمحيط العربي.. فكيف ينتظر منها الآن أن تفتي في هذا الشأن.. بكل يقين الجهات التي تتولى ملف العلاقات مع الخليج هي المنوط بها الآن تقرير مصير هذه العلاقات إلى أين تمضي.. وبكل أسف لن تجد هذه الجهات غير الخيارين.. معنا أو ضدنا.

لو كانت السياسة الخارجية السودانية تقوم على رؤية، وتعكف عليها مؤسسات راسخة لما وجدت أية صعوبة في البقاء في منطقة وسطى قد ترقى إلى درجة الوساطة بين الطرفين.. بل ووساطة مقبولة ومقدرة.. لكن بكل أسف معطيات السياسة الخارجية لا تسمح برفع العين بأكثر من كلمة (نعم) لتأييد هذا الموقف أو ذاك.. لأن وضعنا الخارجي لا يعطينا أكثر من حق أن نتبع .. لا نبتدع.


بواسطة : admin
 0  0  2378
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:07 صباحًا الثلاثاء 30 أبريل 2024.