• ×

زهير السراج يكتب : الكُفار نحن !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية * درجت السفارة الأمريكية بالخرطوم على توزيع وجبات إفطار رمضانية مجانية على المواطنين السودانيين من عابري السبيل والفقراء في أماكنهم، ولم تتخل عن هذه (السُنَّة) الحميدة منذ سنوات طويلة، وها هي تفعل نفس الشئ هذا العام وتبدأ منذ أول يوم في الشهر الكريم في توزيع الوجبات والمشروبات الرمضانية على المواطنين، وكانت ضربة البداية بجيرانها في حي سوبا والأحياء المجاورة، عملاً بالحديث النبوي الشريف الذي أوصانا فيه الرسول بالجار "ظل جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".. ومن ثم ستنطلق الحملة الى شارع سوبا والأحياء المجاورة لإغاثة المساكين وعابري السبيل، وقد تعهدت السفارة بتوزيع ما لا يقل عن 210 ألف وجبة خلال الشهر الكريم بواقع 7 آلاف وجبة يومية، تكفي الوجبة الواحدة أسرة من خمسة أشخاص..!!
* يحدث هذا بينما تنشغل الوزارات والمؤسسات الحكومية بتجهيز الدعوات لإقامة الإفطارات الجماعية لذوي الشأن ووجهاء المجتمع والصحافيين والإعلاميين، ناسية أو متناسية الذين هم في حاجة حقيقية لهذه الوجبات، ووجود ملايين لا يستطيعون توفير الإفطار لأنفسهم وأسرهم!!
* كنت قد تناولت هذا الموضوع في مقال سابق، وتناوله كثيرون غيري، لا لنطلب من الحكومة الاقتداء بالسفارة الأمريكية ومساعدة المحتاجين، فهي أمنية نعرف أنها لن تتحقق، وإنما للكف عن الممارسة البغيضة باستضافة علية القوم في وجبات رمضانية تكلف مئات الآلاف من الجنيهات، بينما يموت الشعب من الفقر والمسغبة والجوع!!
* ولكن ما الغرابة في ذلك، فعلى هذا السلوك القمئ، وعلى الفظاظة والجفوة والقسوة اعتدنا، واعتاد غيرنا على الرأفة والرحمة، وقد قالها قبل أكثر من قرن كامل من الزمان الإمام محمد عبده رحمه الله عندما سئل عن زيارته لأوروبا، فأجاب ”رأيت هنالك إسلاماً بلا مسلمين، ورأيت هنا مسلمين بلا إسلام"!!
* ولو عاش الإمام حتى يومنا هذا لقال” رأيت هنالك إسلاماً بلا مسلمين، ولم أر هنا مسلمين أو إسلاماً"، فأي مسلم هذا الذي ينام شبعانا وجاره جائع، وأي مسلم هذا الذي يحفظ عن ظهر قلب حديث الرسول الكريم (صلوات الله وسلامه عليه).. “ظل جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”، بدون أن ينله من فضل هذا الحديث غير الحفظ والتسميع، وأي مسلم هذا الذي يولم الولائم للوجهاء والأغنياء والمقتدرين ويحشدها بما لذ وطاب من الطعام والشراب، ويترك عباد الله الفقراء جوعى وعطشى بلا حتى تمرة أو حسوة ماء في شهر رمضان الكريم، الذي كُتب علينا لعلنا نحس بالمعاناة عندما نمتنع عن ملذات الدنيا، فنتذكر معاناة الفقراء والجوعى والمحرومين وترق قلوبنا لهم ونسعى لتخفيف معاناتهم، فننال رضا الله، وندخل في زمرة المتقين مغفوري الذنب!!
* لقد جعل الله سبحانه وتعالى الصدقة سبباً لغفران المعاصي "إن المسلمـــين والمسـلـمـــات، والمتصـدقــين والمتصدقــات أعد الله لهـــم مغفــرة وأجــراً عظيماً" الأحــــزاب: 35، "وسارعوا إلى” مغفرة من ربكم وجنة عرضها السمـوات والأرض أعـدت للمتقـين، الذيـن ينفقـون في السـراء والضـراء والكاظمـين الغيـظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" آل عمران: 133،34 ، صدق الله العظيم، وفي الحديث الشريف:” تصدقوا ولو بتمرة؛ فإنها تسد مع الجائع مسدها من الشبعان، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"
* بينما تقوم السفارة الأمريكية بإطعام الفقراء، وينزل السفير الأمريكي ينزل بنفسه مع طاقم سفارته ليوزع الإفطار على العابرين، ويساهم بعيداً عن التظاهر والتباهي والتفاخر في إعداد إفطار رمضان لسبعة آلاف صائم يومياً.. فإن مؤسسات الدولة تولم الولائم الرمضانية الضخمة للوجهاء والأغنياء والمقتدرين والإعلاميين وتدور الكاميرات على الجميع لأخذ الصور التذكارية وتوزيع الابتسامات، ونشر الصور على الفقراء والمحرومين!!
الجريدة


بواسطة : admin
 0  0  1808
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:54 مساءً الإثنين 29 أبريل 2024.