• ×

جعفر عباس يكتب: في شعاب قضية مستشفي مكة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية عن الأستاذة لينا يعقوب آل دنقل، عن زميلتها الصحفية الأستاذة تسنيم عبد السيد، أن مستشفى مكة لطب العيون، الذي حدث فيه خطأ تسبب في فقدان 34 شخصا القدرة على الابصار، بدرجة أو بأخرى، دفع غرامة قدرها 50 ألف جنيه، ودخل هذا المبلغ جيب وزارة الصحة، وسئل مسؤول في الصحة: ولماذا تتقاضون أنتم التعويض بينما من المفترض أن يكون من نصيب الضحايا؟ فأجاب المسؤول بأن من يفقدون بصرهم تماما ولا أمل لهم في استرداده، سيكون لهم من الطيب نصيب «علما بأن حالات معظمهم في تحسن» .
وما أعرفه عن لينا هو أنها صحفية نابهة وعقلها وعيناها «مفتحة»، ولهذا تعجبت من قولها في ختام مقالها الذي تناولت فيه أمر التعويض ذاك: «كنت أتوقع أن يتم تسفير المرضى للخارج لتلقي العلاج وتعويضهم ملايين الجنيهات للضرر البدني والنفسي والمالي الذي وقع عليهم». كيف توقعت ذلك يا لينا؟ استنادا وقياسا على ماذا؟ على حالة العائدين من الكويت بعد تعرضها للغزو العراقي، قبل ربع قرن، والذين سلمت الأمم المتحدة مستحقاتهم للحكومة لتوزعها عليهم، وما زالوا يعيشون حالة محزنة من العوز؟ أم على حالة ضحايا احتجاجات سبتمبر 2013 وقد صدر تصريح على أعلى المستويات بدفع دياتهم؟ أم على مهجري سد مروي؟.
ووقعت لينا في تناقض عجيب، لأنها وبعد أن قالت «كنت أتوقع تسفيرهم للخارج….»، عادت وقالت «هيهات، فنحن هنا في السودان»، طيب يا بنت الناس طالما أنت تعرفين أننا في السودان، حيث لا يعرف المسؤولون ثقافة الوفاء بالعهود او الاستقالة او الاعتذار، فلماذا وقعت في فخ توقع المستحيل، وانت تعرفين رد المسؤولين: دا المقدّر، ونحنا ما بنقدر نجيب ليهو بديل / وما بنقدر نجابه المستحيل؟ طيب إيه رأيك في أن مستشفى كان اسانسيره معطلا تعرض لغرامة تفوق ال50 ألفا، وأسانسير قسم الجراحة في مستشفى بحري التعليمي معطل، ووزارة الصحة لم تفرض غرامة على نفسها «ربما لأن هذا المستشفى تعليمي بمستوى روضة وبالتالي قاصر ينبغي استثناؤه من الغرامة».
تابعت مأساة ال34 مريضا الذين أصيبوا بالعمى، بعد حقنهم في عيونهم بإبر «سرينجات» ملوثة في مستشفى مكة فرع أم درمان عبر التلفزيون، فقد أثار الأستاذ طلال مدثر القضية على شاشة الشروق، وكان من أعجب ما سمعته قول الدكتور محمد عباس فوراوي، مدير إدارة المستشفيات الخاصة بوزارة الصحة، إن الحديث عن إصابة أولئك النفر بالعمى ليس دقيقا، فتساءل طلال: يعني زول ما بيشوف نهائيا لا يعتبر عميان؟ فقال فوراوي ما معناه أن العمى خشم بيوت، وكان زبدة كلامه أن العمى الذي يتحدث عنه الناس «مؤقت» «واليوم السادس عشر من شهر إبريل من عام 2017، ما زال بعضهم يعاني من العمى التام ويبدو أنه لا أمل في شفائهم».
ثم استهل د. فوراوي الحديث حول القضية في برنامج «حال البلد» بقناة سودانية 24، بالقول بأن الناس يتعاملون مع القضية بصورة عاطفية وليست علمية!! 34 شخصا يعانون من العمى التام او الجزئي وعلى الإعلام أن يطرح القضية بلغة: هناك علاقة جدلية بين الشبكية والمشيمة، وإذا التحمت الملتحمة بالقرنية، فإن ثاني أوكسيد الكروموزوم، يقوم بتعطيل العصب البصري، وتنتج عن ذلك ضبابية يسميها العوام «عمى»، والغريب في الأمر أنه بينما كان فوراوي ملكيا أكثر من الملك، فإن طبيبين استشاريين من مستشفى مكة، وهما أدرى من فوراوي بشعابها، استضاف أحدهما طلال مدثر في الشروق واستضاف الأخر، الأستاذ الطاهر التوم في سودانية 24، قالا بدون لف أو دوران أنه كيفما انتهت حالة المصابين فإن ما حدث خطأ جسيم، وأن هناك ست حالات – كانت وقتها – تعاني من فقدان البصر التام.
ثم هب أن ضمير الوزارة استيقظ وقالت إن ال50 مليون ستوزع على 4 أصيبوا بالعمى التام، سيكون نصيب الفرد وقيمة العينين 12,500، أي 702 دولار «وا رخصتنا!!!».
الصحافة


بواسطة : admin
 0  0  858
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:11 مساءً الخميس 16 مايو 2024.