• ×

الطاهر ساتي يكتب : صباح الخير يا جاري

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية :: خرج ليتصدق على المساكين، وتذكًر - في منتصف الطريق - بأنه لم يخرج بالكاميرا، فأجل الصدقة لوقت آخر..هذه أقصر قصص النفاق، ولكن الأقصر منها هي المسماة - سياسياً وإعلامياً - باتفاقية الحريات الأربع..نوايا الأنظمة المصرية - كانت ولا تزال و ستظل - تختلف عن نص وروح الحريات الأربع .. ولوكانت النوايا صادقة لما إستدعى تواصل الشعبين وتصاهرهما إلى توقيع إتفاقية ..!!
:: (صباح الخير يا جاري، انت في حالك وأنا في حالي)، من الأمثال المصرية التي تعكس علاقة الجيران هناك .. ورغم أنها تعكس علاقة خالية من المودة، إلا أن الأنظمة المصرية لم تتعامل مع السودان بمثلها الشعبي، وليتها تعاملت به و ( خلتنا في حالنا).. ولقد أحسنت وزارة الخارجية السودانية بفرضها تأشيرات الدخول على المصريين من ذوي الفئة العمرية (18 سنة إلى 50 سنة)، عملاً بمبداً التعامل بالمثال، وهي من مبادئ الحياة العامة ..!!

:: ولحسن حظ الشعب المصري، فان الأنظمة السودانية لا تتعامل مع أنظمة مصر - في كل القضايا - بمبدأ التعامل بالمثل .. وعلى سبيل المثال، لو تعامل السودان مع مصر بالمثل في قضايا الأمن القومي وإسقاط الأنظمة ودعم المعارضين ، لما نام الشعب هناك - ليلة - مطمئناً .. فالسودان، منذ الإستقلال وحتى موسم تسليح وتغذية المتمردين في جبال النوبة، لا يتعامل مع مصر بالقاعدة الشرعية ( العين بالعين والسن بالسن )..وكذلك لا تتدخل الحكومات السودانية في أمر تشكيل الحكومات المصرية عبر سفارة السودان بالقاهرة عملاً بمبدأ التعامل بالمثل..!!

:: وكل مواقف مخابرات مصر وإعلامها - في كل القضايا ذات الصلة بالسودان - لم تعد محزنة ولا مدهشة.. ورب ضارة نافعة ..بتلك المواقف ساهمت مخابرات مصر وإعلامها في توسيع مساحة الوعي الشعبي في بلادنا.. فالوعي الشعبي هنا بدد أوهام (العلاقات الأزلية)، وكشف تلك الأوهام بحيث تبدو علاقات ( الأذى لينا).. وحتى في حلقات الأذى المتتالية لم يتعامل السودان بالمثل بحيث يكون الأمر أحياناً (الأذى ليهم).. سجل السودان خال من التآمر ضد شعب مصر، ولم يحرض النظام السوداني ترامب ليحاصر شعب مصر اقتصاديا لحد التجويع ..!!

:: وكذلك الإعلام هنا لم - ولن - يطالب الحكومات بالدخول في مواجهات عسكرية أو سياسية مع الدول، بل كان - ولايزال وسيظل - يطالب حكوماته بسياسة خارجية متصالحة مع دول العالم، وأن تكون لغة المصالح - مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية - هي لغة العلاقات الدولية ..وللأسف، هذا ما يُزعج مخابرات مصر التي لا تتمنى أن ترى في الوجود سوداناً مستقلاً في تحديد مساره الخارجي، بحيث يكون هذا المسار مساراً لمصالح السودان .. ومع ذلك فأن المخابرات السودانية لم تُعكر صفو مسار مصر الخارجي عملاً بمبدأ التعامل بالمثل ..!!

:: ولذلك، أي لأن التعامل بالمثل من مفقودات السياسة السودانية، يُسعدنا أن تتعلم الحكومة مبادئ الحياة العامة، والتي منها مبداً التعامل بالمثل الذي تم تنفيذه نهار الجمعة في المطارات والموانئ بفرض التأشيرة .. التنقل والإقامة و العمل و التملك، هي الحريات الأربع الموقع عليها بين السودان ومصر ..ولكن ترفض مصر تنفيذ حرية التنقل بالكامل، كما فعل السودان في ذات أسبوع التوقيع على الإتفاقية..ورغم خُطب الساسة والصحف، ظلت مصر تفرض تأشيرتها على تلك الفئة العمرية ..!!

:: وعليه، ليس هناك ما يستدعي الإبقاء على إتفاقية تتناقض نصوصها مع نوايا المخابرات المصرية..ولحين إشعار آخر، بحيث تعي تلك المخابرات مخاطر الهاوية الإقليمية والعالمية التي تُساق إليها مصر وشعبها، فالإلغاء هو الأفضل.. وكما الحال مع كل دول العالم بما فيها دول الجوار، فأن علاقة تواصل ومصالح تحكمها دساتير وقوانين السودان و مصر أفضل من هذا الكذب المسمى بالحريات الأربع.. ( فضوها سيرة)، بالإلغاء، بحيث تكون العلاقات ( صباح الخير يا جاري، انت في حالك وأنا في حالي)، مع ترسيخ مبدأ التعامل بالمثل في كل الملفات..!!


بواسطة : admin
 0  0  823
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:51 صباحًا الجمعة 17 مايو 2024.