• ×

عثمان ميرغني يكتب : ما سبب المشكلة ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية شَعرت بالحُزن العميق والأسى المُفجع وأنا أتابع تراجيديا مَأساة مرضى العيون الذين أُصيبوا بالتهاب مؤلم وخطير بعد عمليات حقن للعين في مستشفى مكة بأمدرمان..
و"مستشفى مكة" واحدٌ من أهم مراكز علاج العيون بالسودان، ويُحظى بثقة عالية سَاهمت في انتشار فروعه بمدن كثيرة في مُختلف أرجاء السُّودان.. ويحقق المستشفى رقماً ونسبةً مُقدّرةً في علاج أمراض العيون بالسُّودان.
وعندما يتعرّض مستشفى بهذه الأهمية والاحترام والثقة إلى مثل هذه الكارثة، فإنّ أجراس الخطر يجب أن تُقرع وبشدّة.. فهذا مُؤشِّرٌ على أنّ هُناك مؤسسات طبية أقل جودةً يمر عليها الآلاف ويتعرّضون للأذى ولا أحدٌ ينتبه أو صحفٌ تكتب ولا مسؤولٌ يُصرِّح.. الكارثة هنا أكبر من مُجرّد مستشفى واحد أو بعض عشرات من المرضى.
مَا الذي يجري في ملفات الصحة في السُّودان؟ ضجر الناس من الخطب والتصريحات والآمال المعقودة في سحب الأمطار الكاذبة.. إلى متى يظل ملف الصحة مُجرّد قضية رأي عام.. يثور تارة ويخبو حسب صدى كل كارثة تمر..
مئات الآلاف يضطرون للهجرة إلى دول كثيرة، مصر، الأردن، الخليج، روسيا، تايلاند، بريطانيا وألمانيا، قائمة طويلة من الدول بعضها مشهود له بالخبرة والجودة وبعضها ربما كان مرضاهم إلى عهدٍ قريبٍ يهاجرون إلى الخرطوم طلباً للعلاج.. كم تبلغ تكلفة العالج بالخارج.. بمليارات الدولارات سنوياً.
فاتورة العلاج بالخارج كافية لتشييد أعظم مُؤسّسات العلاج داخل السُّودان، فالمال – إذاً - ليس مُشكلة، ولدينا أفضل الأطباء الذين يُحقِّقون أرفع سُمعة في دول كثيرة.. فلماذا مع هذا كله لا نكاد نتعافى من كارثة طبية حتى نستقبل أسوأ منها.. ما هي المُشكلة الحقيقيّة في ملفنا الطبي السُّوداني؟!
شخصياً؛ شاركت في لجنة الشكاوى بالمجلس الطبي لعدة سنوات، استمعت خلالها لمئات الشكاوى غالبيتها الكاسحة تقع تحت عنوان (غياب النظم).. المريض تحت مسؤولية (مَحاسن الصدف).. قد يقع تحت يد طبيب صارم في الالتزام بالشروط والمطلوبات الطبية.. ومستشفى هميم بضمير مهني حريص على اتباع كل مسارات السلامة.. وقد يقع في يد طبيب مُنهك من الهرولة بين المستشفيات والعيادات.. ومُستشفى هو مجرد مدرج اقلاع.. إلى ما وراء الشمس.. لا ضمان ولا أمان.. فليست هناك نُظمٌ صارمةٌ حاكمة للتعامل الطبي المهني.
ويزداد الوضع قتامةً لأنّ كل – تقريباً - مُتخذي القرار الذين في يدهم القلم غير مَعنيين بالأمر، لأنّهم وأُسرهم يتلقّون العالج في الخارج – وغالباً من حُر مال فقرنا المُدقع - فلا أحدٌ قادرٌ على الإحساس بالفجيعة..
سؤالٌ حقيقيٌّ ينتظر الإجابة الصريحة.. ما هي مُشكلة الطب والصحة في بلادنا؟؟.
التيار


بواسطة : admin
 0  0  1015
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:05 صباحًا الجمعة 17 مايو 2024.