• ×

شمائل النور تكتب : أخلاقنا !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية خبر نشرته صحيفة (آخر لحظة) يستحق البكاء وليس الفرح.. وزارة الصحة تُكرّم موظف بدرجة مدير إدارة؛ لأنه رفض استلام رشوة، الموظف المعني، قُدمت له رشوة قدرت بقيمة (300) ألف جنيه، إضافة إلى مبلغ (10) آلاف جنيه راتبا شهريا، هذا مقابل إعفاء مستشفى من الإغلاق!- أي مقابل تعطيل قرار.
أن تقدم مؤسسة على تكريم موظف؛ لأنه رفض رشوة، فهذا نعي لمنظومتنا الأخلاقية من الألف إلى الياء.. وهذا يؤكد أن مجرد رفض رشوة أصبح فعلاً شاذاً للدرجة التي تستحق لفت الانتباه والتكريم والاحتفاء بذلك إعلامياً ليصبح قدوة للآخرين الذين لا يرفضون الرشوة!.. هذا التكريم يمثل دليلا دامغا على أن الأصل هو قبول الرشوة، وما دون ذلك هو فعل شاذ، وإلا لما كان التكريم والاحتفاء.. هذا- بكل وضوح وصراحة- ما آل إليه حال الأخلاق قبل ما تؤول إليه الخدمة المدنية.
الطبيعي جداً أن يرفض الموظف الرشوة؛ لأن الطبيعي أن هذه وظيفته، وينبغي أن يقرر وفقاً لما تقتضيه الوظيفة، والأكثر من طبيعي أن لا يخرج الأمر إلى الإعلام بهذا الاحتفاء في ثوب تكريمي.. لقد لخص هذا الخبر انهيار المنظومة الأخلاقية قبل كل شيء.. إن بلاداً يحتفي أهلها كثيراً بنجدتهم، وغوثهم للمظلوم، وشهامتهم، وأمانتهم بات يُكرم بعضهم- فقط- لقيامه بفعل هو الأصل!، فهذا يعني أنها بلغت من التردي مبلغاً أصبح من العسير تداركه.
الدليل الذي ظلت السلطة تردد كثيراً حاجتها إليه لمكافحة الفساد لم يعد الحديث عنه ذي قيمة.. مجرد إقدام وزارة على تكريم مسؤول بدرجة مدير إدارة- فقط- لأنه رفض استلام رشوة، فهذا ليس- فقط- دليلا على الفساد في مؤسسة ما، هذا دليل على فساد كل شيء.
هل طالعنا خبراً، قبل خبر هذا التكريم، يتحدث عن فصل موظف لأنه استلم رشوة، لا، لم يحدث، وهل حدث فعلاً، لكن الإعلام لم ينقله.. ليس كذلك- أيضاً- لكن حينما رفض هذا الموظف استلام رشوة استدعى الأمر أن يكرمه الوزير!.
إذا كان الهدف من التكريم هو حث الآخرين على انتهاج ذات النهج، ورفض الرشوة، فلن يعالج هذا ما بلغه الوضع من فساد، وهذا ليس- فقط- إقرارا معلنا بتفشي الفساد، بل هو إعلان بالعجز عن وقف تمدده.. أما إذا كان هذا التكريم من باب الاحتفاء بغرائب الأشياء فهذه أم المصائب.
التيار


بواسطة : admin
 0  0  1216
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:57 مساءً الأربعاء 15 مايو 2024.