• ×

سهير عبد الرحيم تكتب : بس كده !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية في آخر يوم من عام 2007 كنت أقف على بوابة غرفة الإعدام في سجن كوبر انتظر إعدام اثنين من الشباب مُتهميْن باغتصاب وقتل الطفلة مرام.


بالقرب مني كانت تقف والدة الطفلة المعلمة إحسان ووالدها الأستاذ عوض وبجانبهما مدير السجن والقاضي الذي أصدر حكم الإعدام وعدد من أفراد الشرطة.


اللحظات مرّت رهيبة، وكان الموقف عصيباً، والقضية كانت قضية رأي عام، والجميع ينتظر القصاص إحقاقاً للحق وانتقاماً للطفلة التي اُغتصبت وقُتلت في ثالث أيام عيد الفطر المبارك وقُبرت بــ(السابتنك)، فهتك المجرمان طفولتها ومزّقا ضفائرها وشوّها عروستها الشقراء..... وسرقَا حلاوة العيد من بين يديها الصغيرتين.


مع كل تلك التفاصيل كُنت أرقب الحراك حولي في مُحاولة لقراءة متأنية لحالات تنفيذ الإعدام، مناداة المدانين كل واحد على حدة من الغرفة التي تسمى (خمسة دقيقة)، والاستماع الى آخر حديث لهما، فاملاء الشهادة عليهما وتغطية وجهيهما بغطاء كبير يغطي كل الرأس، وقبل كل ذلك وزنهما منذ الصباح الباكر بما يعادل وزنهما تراباً، ثم لحظات وقوفهما فوق صاجة تُسحب من تحت أقدامهما بعد ربط الحبل حول عنقيهما وحتى لحظة إصدار الأمر بسحب الصاجة وتنفيذ الحكم.



أكثر ما أثار دَهشتي عقب انتهاء تنفيذ الإعدام في المُدانيْن (معتصم وعماد) تعليق والدة مرام عقب التنفيذ بعبارة واحدة حيث قالت (بس كده....!!)، كانت والدة مرام ترغب في تنفيذ الإعدام مرات ومرات علّ ذلك يشفي وجعها في مقتل صغيرتها الوحيدة مرام تلك الطفلة الوديعة.


الشاهد إنني وفي ذلك اليوم وعقب خُروجي من السجن واستلام أهالي المُدانين لجثامينهما، كنت أفكر وأنا في الطريق إلى الصحيفة لتدوين الخبر، أنّ عقوبة الإعدام وبذلك السيناريو الرهيب كافية ورادعة للكثيرين من أصحاب النفوس المريضة والذين تُصوِّر لهم أنفسهم المُتعة الحرام في جسد طفلة.


ولكن مع الأسف...... ما حدث، أنّ حوادث اغتصاب الأطفال لم تتوقف بل أصبحت في كل يوم تأخذ شكلاً مُختلفاً من التخطيط والتنفيذ مروراً بالوصول إلى مرحلة اختطاف الصغار من أحضان أمهاتهم كما حدث في جريمة اغتصاب طفلة كوستي.


هذا يعني أنّ الإعدام ليس كافياً وليس نهاية المطاف، بل يعني إننا نحتاج إلى جلسات من العصف الذهني المُنتظمة والحراك المُجتمعي بمشاركة أطباء نفسانيين وعلماء اجتماع وقانونيين ومشرعين ومجلس طفولة وأمومة لوضع خارطة طريق توفر الأمان لأطفالنا وتقتلع الظاهرة بحُلول جذرية تعالج الأزمة ولا تخدرها ببنج موضعي.


نقطة مُهمّة ينبغي ذكرها على الذين يتداولون صور الأطفال المغتصبين أن يكفوا عن تلك الحماقات...... إنهم يُحطِّمون مستقبلهم بأكثر مما يفعل المُغتصبون لا تنشروا صُور الأطفال، بل أنشروا صور الذين اغتصبوهم.


خارج السور:

للمرة المليون أحموا أطفالكم بتثقيفهم......ولا تمنحوا الحصانات لأيٍّ كان.


بواسطة : admin
 0  0  1513
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:48 مساءً الجمعة 26 أبريل 2024.