• ×

زهير السراج يكتب : لماذا يعادون الشعب ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية * تتعمد العقلية التي تسيطر على أجهزة الإعلام الرسمية تغييب المواطن السوداني من القضايا والهموم الأساسية مثل الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة، والفقر والجوع والأمية والمشاكل الصحية العديدة وعلى رأسها الأمراض المسكوت عنها مثل (الإيدز) الذي زاد معدل انتشاره في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة بسبب الجهل والتجاهل المتعمد لأجهزة الإعلام الرسمية للتوعية والإرشاد، وليوغندا تجربة مفيدة في هذا المجال، فلقد وصل معدل الإصابة فيها الى 25 % (إصابة شخص من كل أربعة أشخاص) قبل خمسة عشر عاماً، ولكن بتسخير أجهزة الإعلام الرسمية في البرامج الارشادية استطاعت في ظرف عشر سنوات خفض معدل الإصابة الى حوالي 7 %، بينما ظل المعدل يرتفع في السودان، ومن المتوقع أن يزيد عن 10 % في غضون سنوات قليلة!!
* تستغل هذه العقلية معظم ما لديها من امكانيات وطاقات وأموال في الترويج للفكر الحكومي البائس، وبرامج الثرثرة والاغاني التي صارت العمود الفقري لكل الأجهزة، وليت الأغاني التي تُقدم، تقدم بأصوات مبدعيها الحقيقيين، ولكنها للأسف تقدم بأصوات فاقدي الإبداع والموهبة الذين تُنفَق عليهم الأموال الطائلة بينما يحرم منها اصحابها الحقيقون أو ورثتهم الشرعيون، فضلاً عن انتشار الغثاثة والركاكة، ونجم عن ذلك احباط كبار المطربين وانزوائهم عن الساحة الفنية، ولقد قرأنا قبل بضعة أيام الحوار الممتع للزميل (علي أبوعركي) مع الفنان الكبير محمد ميرغني الذي قال انه "اعتزل الغناء وكسر العود بسبب الركاكة وعدم الاحترام وانتهاك الحقوق"، والهدف الحقيقى (في رأيي) من نشر الركاكة هو طمس الأشياء الجميلة ونشر الفكر الغث الذي يُغيّب الوعي، ويسهم في نمو الفكر الآحادي الذي لا يحترم التنوع والتعدد والديمقراطية !!
* ومما يضحك إن العقلية التي تدير الأجهزة الرسمية فشلت حتى في الترويج لبرامجها وأفكارها (إن كان لها برامج وأفكار)، وظلت تتخبط ولا تعرف ماذا تفعل غير انتظار التعليمات الفوقية، وليس هنالك غرابة في ذلك فلقد نشأت هذه العقلية على التعليمات والأوامر، والافتقاد لحرية الحركة واتخاذ القرار، فضلاً عن افتقارها للموهبة والملكات الإبداعية!!
* مع هذا الافتقار فإننا لا نتوقع من أصحاب هذه العقلية أن يبتدعوا لنا شيئاً نتجاوب معه وننجذب إليه فانصرف الكل منهم، كما أنه السبب الرئيسي في دوران هذه العقلية في حلقة مفرغة، وهي عاجزة عن الفعل، وبارعة في شيء واحد فقط هو رد الفعل، لذا فإن كل أفعال هذه العقلية هي مجرد ردود أفعال فقط .. لا أكثر من ذلك!!
* وبما أن رد الفعل، حسب القانون الطبيعي، مضاد للفعل في الاتجاه، فإن كل فعل ينتج عن المجتمع السوداني بكل خصائصه ومكوناته وموروثاته وابداعه، يجابهه على الفور رد فعل معاكس له من أصحاب هذه العقلية المريضة التي شاءت الأقدار أن يتولوا تصريف شؤون هذا المجتمع والتحكم فيه!!
* عليه، فإننا لا نتوقع أن تعبّر أجهزة الإعلام التي تسيطر عليها وتديرها هذه العقلية، عن هموم وشجون الشعب السوداني، فهي نقيض هذا الشعب، وما يصدر منها هو رد فعل معاكس لفعله وتراثه وخصائصه وابداعه!!


بواسطة : admin
 0  0  1024
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:08 مساءً الإثنين 6 مايو 2024.