• ×

نساء عازفات.. حين تستسلم الأوتار لأنامل الحسان

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم ـ السودانية دُرِّية مُنير
لم تكن المرأة السودانية كما يظن كثيرون تكتفي بإصاخة السمع فقط لما ينتجه الرجال من مقطوعات موسيقية وأغنيات تطرب لها وترقص، بل شاركتهم في إنتاج تلك (الروحانيات) الباذخة ونافستهم حد الصدارة أحايين، استطاعت زمرة من السودانيات من الأجيال السالفة وإلى الآن أن يطورن إحساسهن حتى وصلت بعضهن قمة الإبداع وتربعن على عرش الغناء والمعزف والتلحين، ففرضن أنفسهن حتى على (الجوقات) الموسيقية (الأروكسترات) أعضاءً لا يشق لهن غبار ولا عصا طاعة.
أسماء نسائية كثيرة وضعن بصمتهن على إيقاعات شتى ولحون متنوعة، فقد شاركن ضمن تلك الأروكسترات، وأبدعن في العزف على الالآت الموسيقية المختلفة بما فيها الدرامز والجيتار، معلنات خروجهن من ضيق النقر النقارة والقرع على القرع، وضرب (الدلوكة)، إلى سعة الوتريات والهوائيات وما إليها.
موسيقى ناعمة
ومهما (أرخيت) أذنيك وأصخت أحاسيسك إلى مقطوعة موسيقية لا تستطيع تمييز ما إذا كانت صادرة عن رجل أم امرأة، إلا بمقدار نعومتها وعذوبتها واتساقها، لكن رغم كل ذلك يمكنك أن تخمن، وتقول: موسيقى النساء أكثر رومانسية ونعومة، أليس كذلك؟
ولذلك يبدو أن المرأة السودانية تفردت عن نظيراتها في دول أخرى، وبذات النعومة ودونما معافرات وتمردات وجدت نفسها في خضم اللحن وتضاعيفه، وها هو الناظر للفرقة الموسيقية المصاحبة لبرنامج (نجوم الغد) على سبيل المثال يرى كيف تكون (موسيقى النساء)، وها نحن هنا في (اليوم التالي)، نستطرد في احتفالنا بيوم العالمي، ونقرع الطبول ونشد الأوتار إلى أحدى أهم الموسيقيات السودانيات، ونبتدر هذا كله برائدتهن وسيدتهن الأولى، إنها أسماء حمزة.
سيدة اللحن وحاملة ختم الإبداع
أسماء حمزة، اختزلت في اسمها نون النسوة وميم الموسيقى، فكان إبداعها موهبة نسائية فذة حجزت للمرأة السودانية مقعداً متميزاً في خارطة الوطن العربي، حيث توجت بلقب أول ملحنة في الشرق الأوسط وأفريقيا، إذ كانت لها الريادة في مجال التلحين بينهن، ومن خلف أناملها الرقيقة كرقعة من خيوط الشمس خرج أكثر من تسعين لحناً، شدا بهم أباطرة الفن السوداني، وكان لأسماء شأن كبير في ظهور الموسيقار بشير عباس، إذ تتلمذ على يديها في عزف العود. وفي مسيرتها الفنية تبنت أسماء حمزة عدداً كبيراً من المطربات السودانيات ومهدت لهن الطريق كي يطرقن مسامع الناس بعد نضوج تجربتهن على يد (سيّدة اللحن) وحاملة ختم التفويض الإبداعي.
عطاء ثر وكبير، ثم رويداً أخذ المرض يتسلل إلى جسدها حتى أجلسها، وهي تعاني من جلطة دماغية أفضت إلى إصابتها بشلل نصفي في اليد والساق.
ست الدربين
بجانب أنها زوجة الأستاذ شرحبيل أحمد، فقد برعت زكية أبو القاسم التي وصفها زوجها بصاحبة الدربين، حيث تقاسمت معه شراكة البيت والعمل حتى كونا فرقة موسيقية خاصة (سوا سوا)، برعت في العزف على الجيتار والعود، واعتبرت زكية أبو القاسم أول امرأة سودانية تُشارك بالعزف الموسيقي ضمن فرقة موسيقية (فرقة شرحبيل أحمد).
وهكذا إلى أن كونت زكية فرقة موسيقية نسائية لوحدها، ومن ثم تبدلت هوايتها للموسيقى إلى احتراف، خاصة بعد زواجها من شرحبيل في العام 1963 ويقال إن زكية تعلمت العزف على نغم (الحبيب وين) تلك الأغنية ذائعة الصيت في أربعينيات القرن الماضي، وشاركت مع مجموعه من الموسيقيات السودانيات بمقاطع مموسقة حسنة الأداء والإخراج والتأليف، فجلست وسطهن لتمارس هوايتها في العزف على آلة الجيتار باقتدار.
العقد الفريد
مجموعة عقد الجلاد الغنائية، بنت تلك التجربة النسائية الأولى، إذ سمحت لوجود نسائي كبير بين ظهرانيها رغم طغيان العنصر الرجالي عليها، ولكن نون النسوة كانت حاضرة بقوة في الغناء والعزف، بدأت المجموعة في عقدها الأول بمشاركة نسائية، ابتدرتها هادية محمد الحسن التي لم تستمر كثيراً، وتلتها منال بدر الدين صاحبة الصوت القوي والمميز، بينما كانت حواء المنصوري تجلس على كرسي العزف من خلفها وتشد من أزرها، وفي العقد الأخير شاركت الأستاذة سارة عازفة الأورغن تترنم بأصابع من ذهب تنافس العازف طارق جويلي، وتلعب معه على نفس الأوتار محافظة على نون النسوة بين قوة صوت الرجال وتوزيعهم الموسيقي
اليوم التالي




بواسطة : admin
 0  0  1293
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:10 مساءً الثلاثاء 7 مايو 2024.