• ×

سهير عبد الرحيم :يوم في السجن

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية قضيت صباح ونهار أمس الأول داخل سجن الهدي بمدينة أمدرمان، الزيارة كانت بغرض الاطمئنان على صديق قديم علمت انه تورط في عدد من الشيكات المرتدة، وتم احتجازه في السجن لحين السداد .



سألت دليلي في الطريق الى السجن ماذا عساي أحمل لذلك الصديق من أغراض، فأرشدني بضرورة شراء حليب بودرة وسكر وشاي وفاكهة؛ ونبهني الى ان اغراضي يجب ان تكون واضحة حتى لا (تتبهدل) في التفتيش حسب حديثه .




فعلاً قمت بشراء تلك الأغراض وتحركت مبكراً في الطريق الى السجن ...... الطريق الموحش بعض الشئ يخبرك انك ذاهبٌ في رحلة الى المجهول او ينقل شعوراً الى المساجين أنفسهم في حركة ترحالهم من والى المحاكم انهم حقاً معزولون عن العالم الخارجي .




داخل أسوار السجن وبعد اكتمال إجراءات الزيارة جلست في انتظار سجيني، كنت أجهز بعض عبارات المؤازرة وكلمات من قبيلة الحماس لدعمه معنوياً .




المفاجأة كانت أن سجيني غير موجود في كل سجلات السجن؛ وبين الفينة والأخرى يأتوني بسجين يحمل الاسم ولا يحمل الشبه .



أحد السجناء مازحني بلطف قائلاً: (عايني لي كويس احتمال ده أنا والسجن يكون غير شكلي)؛..... كان ذلك السجين يحمل الاسم ولكن الهموم تحاصره في حديثه ونظراته .




ولكن ..... وخلال فترة انتظاري تفأجات بأنّ السجن يضم 6000 ألف سجين (ستة آلاف ويزيدون قليلاً) تتراوح تهمتهم مناصفة بين المخدرات والشيكات المرتدة .



العدد الكبير هذا يرسخ بلا شك لمفهوم أن الضائقة الاقتصادية والظروف المعيشية جعلت الجميع يضاربون بالشيكات ويدخلون سوق (الكسر) من أوسع أبوابه، فترتد الشيكات وتضعف معها الثقة وتبدأ المطاردات لاسترداد حق مسلوب؛ فتكون النتيجة حسرة في القلب ورجلاً خلف القضبان ونقودا اختفت في ظروف غامضة، وشيكات أصبحت لا تساوي الحبر الذي كتبت به.



أروقة السجن شهدت الكثير من (الكرافتات) محامين وأجاويد للوصول الى خارطة طريق مع المتهمين ....



لا أدري لماذا دوماً تهمل الحلول حتى تقع الفأس في الرأس، فتصبح السيرة الذاتية لأحدهم تقول إنه سجين في سجن الهدى من الفترة كذا الى كذا .....




أكثر شئ مؤرق في سجن الهدى هو التعامل مع متعاطي المخدرات كمساجين، كنت أتمنى ان يمر المتعاطي أولاً بمشفى صحي يُخضع فيه لجلسات علاج نفسي أول وإعادة تأهيل من آثار التعاطي وبعد شفائه التام يخضع للعقوبة القانونية.




خارج السور :


يا ليت كل من يكتب شيكاً بدون رصيد أو كل من يتعاطى أي نوعٍ من المخدرات، ليتهم يذهبون في زيارة الى سجن الهدى ليعلموا أن نعمة الحرية أجمل من بريق النقود وأكثر نشوة من أنفاس الحشيش.
التيار


بواسطة : admin
 0  0  1984
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:08 صباحًا الإثنين 29 أبريل 2024.