• ×

الحسن الميرغني.. من "جب التهميش" إلى "قاعة الصداقة"

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ متابعات جمعة عبد الله

بعد شهور من الاعتكاف في قاهرة المعز عاد مساعد أول رئيس الجمهورية الحسن الميرغني للبلاد، خروج الرجل وتطاول أمد بقائه بالعاصمة المصرية الأثيرة الى نفوس آل المراغنة على اختلاف تفكيرهم قوبل بموجة من التكنهات، كل منها يذهب في اتجاه يفسر سبب هذا الخروج. ففي حين هناك من اعتبره "غير مبرر" ذهب آخرون إلى حد الجزم بوجود خطب ما في علاقة الحكومة مع نجل الزعيم الاتحادي ومرشد الطريقة الختمية، ولكل من الطرفين ما يسند زعمه ويجعله يتكئ على جدار من الوجاهة والقبول، بيد أن الثابت في الأمر أن سليل المراغنة غير راضٍ البتة عن وجوده بالقصر، فقد سبق للرجل أن قالها بالفم المليان بأنه "مهمش"، وهو ما جعل أنصار حزبه يصرون رفض تهميش نجل الميرغني، بل وطالب الكثيرون بتكليفه بالملفات المهمة، وقال إنه لم يأت للقصر لكي يجلس على مكتبه "بلا مهام".

تسريبات

تسريبات لم يتم تأكيدها رسمياً تشير إلى قرب إسناد ملفات جديدة لمساعد أول رئيس الجمهورية، التكهنات التي راجت في اليومين الماضيين تذهب نحو ترشيح نجل المراغنة للإمساك بملف إدارة قاعة الصداقة من موقعه بالقصر الجمهوري خاصة وأنه اجتمع بالقائمين على أمرها عقب عودته، والثابت أن الرجل ومنذ تكليفه بالمنصب الرفيع لم يكن له اختصاص محدد يشتغل عليه، وهو قول جهر به الرجل ذات نفسه وفي غير مرة وهو يؤكد على أنه لم يكلف بأي ملف منذ لحظة دخوله للقصر الرئاسي كبيراً لمساعدي رئيس الجمهورية، ومهما يقال عن تقزيم حجم المساعد الأول ومنحه ملف إدارة قاعة الصداقة على اعتبار أنها إدارة هامشية لا ترقى لأن تكون بذات مستوى كبير المساعدين بالقصر الحصين الكائن بشارع النيل بالخرطوم، فإن موقعاً مثل قاعة الصداقة أيضاً له خصوصيته وأهميته الشديدة التي تدركها مؤسسة الرئاسة. وليس سراً القول إن قاعة الصداقة تعد ثالث أهم مرفق إستراتيجي وتنتدب لها الدولة خيرة رجالها، ولا يأتي قبلها من حيث الأهمية سوى موقعين هما القصر نفسه ومباني المجلس الوطني "البرلمان"، غير أن صحة التقديرات التي تذهب للتخمين بإمساك نجل المراغنة بملف إدارتها تدلل على تغير ما يوصف بالموقف الإيجابي والمتقدم في شأن تقدير مقام كبير المساعدين ومنحه ملفات ذات جسامة وأهمية بحجم قاعة الصداقة.

تأكيد مبهم

ربما حمل حديث القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي "الأصل" يس عمر حمزة لـ(الصيحة) تأكيداً لأمساك الميرغني بملف قاعة الصداقة فهو قطع بأن الحسن التقى العاملين في إدارة قاعة الصداقة عندما قال: "لقاء الحسن الميرغني بالمسؤولين عن إدارة شؤون قاعة الصداقة يعود الى اهتمام الدولة والرئاسة بالقاعة التي تعتبر مقراً لمبادرة الحوار الوطني". لافتاً إلى ان الحسن الميرغني لم يطلع قيادات الحزب على الملفات التي من المتوقع أن يتولاها، لكن تتوقع قيادة الحزب أن تكون من بين تلك الملفات ما يعنى بمعيشة المواطنين وتخفيف حدة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الشعب السوداني.

ما بعد التهميش

عقابيل يأس نجل المراغنة من ضبابية موقعه بالقصر الرئاسي وعدم وجود تكليف واضح له، وكما هي العادة مع مساعدي الرئيس، منحه ملفاً محدداً يكون مشرفاً على إنجاز المهام المتعلقة بهذا الملف، وعقب ذلك جمع الرجل طائفة منتقاة من الصحافيين وناقلي أخبارها ليلقي عليهم بنبأ فحواه، أنه لم يتلق تكليفاً من الرئيس عمر البشير، منذ تعيينه في منصبه مساعداً أول للرئيس، ولم توكل إليه الرئاسة أي ملف يتولاه. وقال الرجل حينها إن مهلة الـ180 يوماً التي حددها في وقت سابق من تعيينه مساعداً أول للرئيس ستنتهي دون أن ينجز شيئاً، بحسبان أنه لم يكلف بشيء من الأساس، موضحًا أن تلك المدة كانت رهينة ببدء التكليف وليس بالمشاركة في السلطة، كاشفاً عن أنه سيعقد اجتماعًا موسعًا مع أعضاء حزبه "الاتحادي الأصل" ليقرر مصير الشراكة مع الحكومة من عدمه.

مشاهد متكررة

ما هو ليس بسر يخفى في شأن مشاركة الحزب الاتحادي الأصل في التشكيلة الحكومية أن المشاركة كانت "دون الآمال والتطلعات"، وهو رأي جهر به العديد من قيادات الحزب، وفي غير منبر، وفي السياق تبدو الشواهد الماثلة معضدة لهذا القول وداعمة له، فالوزارات التي تسنمها منسوبو الحزب عانت من سلب متعمد لصلاحياتها وسلطاتها، فوزارة الإرشاد والأوقاف سلبت منها صلاحية إدارة ملف الحج والعمرة ومنح للهيئة وهو بحكم التوصيف الدستوري مؤسسة أقل من الوزارة بل وتقع تحت إدارتها، والوزارات التي بقيت صلاحياتها كما هي لم يعد لوزير الحزب إدارة حقيقية لها فهي إما منحت لوزير الدولة أو لوكيل الوزارة وكلاهما أو في أيسر الأحوال أحدهما يتبع للمؤتمر الوطني.

عودة طبيعية

القيادي بالحزب الاتحادي الأصل، والنائب البرلماني أحمد الطيب المكابرابي، أكد لـ(الصيحة) أن وجود الحسن داخل السودان بين جماهيره وأدائه لمهامه الدستورية يعتبر الأمر الطبيعي، بينما غير الطبيعي أن يظل خارج الوطن، لكنه يشير إلى أن خروجه حالة اقتضتها الضرورة، معتبراً أن عودته من جديد هي فرصة سانحة لأن تمضي الشراكة بين الحزب الاتحادي والمؤتمر الوطني برؤية جديدة وثقة عالية والتزام بالمواثيق من جانب الحزبين في ظرف دقيق تمر به البلاد يتطلب تضافر الجهود بين أبناء الوطن لمجابهة الأزمة الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يتطلب تعاوناً وثيقاً مع الحزب وزعيمه الحسن، لافتاً إلى أنه مؤهل للقيام بهذا الدور تماماً. ويشير المكابرابي إلى أن قواعد الحزب تتطلع إلى عودته لإكمال ما بدأه من خطوات جيدة وواثقة في ترتيب وتنظيم الحزب من الداخل، حفاظاً على الأهداف والمبادئ لحزبه وهو يمثل الحزب داعياً المؤتمر الوطني لاغتنام فرصة توفر الإرادة والرغبة للحسن لتقديم ما يستطيعه لوطنه.

أسباب العودة

وفي الوقت الذي يرى فيه المكابرابي أن العودة جاءت برغبة أكيدة وطوعية من الرجل لإكمال شراكته، إلا أن القيادي بالحزب، الدكتور علي السيد، يقطع بوجود صفقة سياسية بين الحزب والحسن دفعته للعودة منوهًا في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن "التسوية والصفقة السياسية مع المؤتمر الوطني واردة بنسبة كبيرة وحتى الحديث السابق عن خروج الحسن من القصر بدواعي التهميش كلام غير منطقي، فقد كان بهدف الضغط على المؤتمر الوطني للوصول لهذه التسوية لمصلحته الشخصية"، مشيراً إلى أن الحسن لا يهمه الحزب إلا بمقدار ما يوصله إلى السلطة أو "ربما لأنهم لا يستطيعون أن يستمروا في المعارضة ويعتمدون في السند على الحكومة". ويستدل بذلك على أن الحسن لا يكترث لقيادات الحزب القدامى أو قيادات الصف الأول ولا يرغب في التواصل أو التعامل معهم كذلك لا يضع اعتباراً للقاعدة الحزبية .

ويمضي المحامي علي السيد في انتقاده للشراكة بين حزبه والحكومة وتغليب الحسن لمصالح بعيدة عن الحزب، ويقول: "حتى أحمد سعد عمر رفضه الحسن ولم يكن يريد وجوده، لكن المؤتمر الوطني فرضه عليه فرضاً متهماً الحسن بأنه لا يجمع حوله إلا الضعفاء والمطيعين، وفصل كل من عارض قراراته"، ويؤكد علي السيد أن الشراكة كلها كانت صفقة مع الحسن مستدلاً بأنه عندما سئل عن ماهية الصفقة بينه وبين الوطني، قال "هي ليست شيئاً له قيمة حتى تذكر"، معتبراً أن الصفقات السرية والعلنية، أمر موجود في السياسة، وقال "أعتقد أنها من الصفقات السرية التي ترتبط بمصلحة ضيقة، لأننا لا نرى شيئاً واضحاً".

بروفايل

الرجل الذي شاعت كنيته باسم "السيد الحسن" وهو ما يناديه به الكثيرون من رجال حزبه وعارفيه، هو محمد الحسن محمد عثمان الميرغني الذي ولد بمدينة سنكات بشرق السودان التي تحتضنها سلسلة جبال البحر الأحمر وهي منطقة معروفة بأنها تضم أهم المزارات الدينية التي تشد إليها الرحال من قبل مريدي الطريقة الختمية والمدينة تضم في ثراها قبر الشريفة مريم الميرغنية إحدى صالحات الطريقة الختمية، وهي والدة محمد الحسن الميرغنى وهو الابن الثاني لمولانا محمد عثمان الميرغني، وتقول سيرته الذاتية إنه درس هندسة الكمبيوتر في الولايات المتحدة الأمريكية. ويقول المقربون منه إنه دائما ما يردد مقولة (أنا مع العدالة دائماً)، وهناك إشارة متواترة بأنه سيرث عرش والده ويتبوأ زعامة الحزب لا محالة، وهناك من يرجع تاريخ بروز هذا الشاب داخل الحزب الاتحادي إلى مؤتمر المرجعيات بالقناطر الخيرية الذي عقده الحزب بجمهورية مصر العربية في 2004م.
جمعة عبد الله ـ الصيحة


بواسطة : admin
 0  0  1951
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:13 صباحًا السبت 27 أبريل 2024.