• ×

الترابي قصة حياة :قد أكون فعلت أشياء سيئة .أردت ان أصلي علي جثمان نقد ولكن .استمعت لأم كلثوم وعثمان حسين

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ متابعات صباح موسى
** يظل خبر وفاة الشيخ حسن عبد الله الترابي زعيم المؤتمر الشعبي أمس (السبت) علامة فارقة في تاريخ السودان على المستوى العام والشخصي، فالرجل عاش جل عمره مفكرا كبيرا وسياسيا محنكا. ربطتني علاقة إنسانية وخاصة بالشيخ، جلست معه طويلا وكثيرا وكل مرة كنت أكتشف أنني مازلت أحتاج للجلوس معه مرات ومرات حتى أتعرف أكثر على شخصيته وفيم يفكر؟ وفي تحليله ورؤيته لما يدور بالبلاد، ورغم الحصار الصعب الذي فرض عليه في الأيام الأخيرة، إلا أنني كنت حريصة على الوصول إليه بغية السلام والاطمئنان فقط، نجحت في مرة وفشلت في مرات كثيرة، وقبل شهر في زيارتي الأخيرة للخرطوم حاولت مرارا كسر السياج الأمني حوله، ولكنني فشلت في اختراق جدرانه والوصول إليه، رغم أنه كان دائما بشوشا مرحبا وعندما يراني يبتسم ويسألني عن مصر وأحوالها.. رحم الله الشيخ حسن، وأسكنه فسيح جناته. لا شك أن رحيله سيكون مؤثرا على المنطقة والعالم. (شيخ حسن مع السلامة)، فما زالت لدي ذكريات كثيره معك سأذكرك عندما يطاوعني قلمي.. أدناه مجتزأ مطول من أول حوارأجرته اليوم التالي معه في أول عدد صدر الصحيفة بتاريخ 16 أبريل 2013.
* شيخ حسن ما هي ذكرياتك مع مدرسة حنتوب؟
- كان في السودان مدرستان ثانويتان، وكانت هناك مدارس ثانوية أهلية لكن دونها في المستوى، لكن حنتوب كانت فيها داخلية واحدة للطلاب ودروسهم كانت واحدة، غالبا ناس حنتوب كانوا من السياسيين، الذين درسوا مع بعض، فدرست أنا والرئيس جعفر نميري وزعيم الشيوعي محمد إبراهيم نقد، وفي الداخلية كنا نلعب كرة مع بعض، رياضة سوا وسباحة سوا ونأكل سوا ونصلي سوا كالبيت الواحد، المدارس كثرت الآن، والسودان لم يعد به الوطنية، لكن حنتوب كانت لها نكهة خاصة، كنت في ثانية وأريد أن أمتحن ثالثة للشهادة طوالي، الخواجات قالوا لي صعبة عليك، فقلت لهم "بحاول بجتهد"، قالوا "ننقلك رابعة طوالي"، ونقد كان صديقي، ونميري كان متقدما عني بسنتين، ولكن كان معي في نفس الداخلية، وكنا قريبين لبعض وعدد كبير من السودانيين، حنتوب كانت بها قومية علمتنا أننا أولاد السودان وكان معنا طلاب من كل السودان، وكانت تدب فينا روح الوطنية، كان والدي متنقلا من طرف إلى طرف وهذا أفادني، لكن الطلبة الآخرين كانوا يأتون من منطقة معينة في السودان، فعملت فينا تقاربا، (نقد) المعرفة الشخصية معه كزميل جعلته حتى وهو شيوعي، لم يخاصم خصومة الشيوعيين مع الإسلاميين، وفترتنا معا بحنتوب أفادت، جعلتنا نتكلم ونتبادل الكتب، كانت البداية من حنتوب.. حتى في القبر كنت سأصلي عليه، لكنهم أتوا بشخص من الشمالية صلى عليه، وتكلمت في ميتمه، وبعد سنة من وفاته تحدثت عنه، فهو درس الجامعة في الخارج، أما دراستي فكانت معقدة، وفوت سنة كاملة، وأتوا لي بكتب إنجليزية لأني أخذت جائزة فاروق الأول، كنت أول الشهادة العامة.
* وأين درس رفقاء دربك الميرغني والصادق المهدي؟
- مولانا الميرغني قرأ في مدرسة الأشراف، وهي مدرسة بناها لهم والدهم، كانوا ثلاثة إخوان، وكانوا يأخدوا 100% تلقائيا، الأصغر ذهب إلى إنجلترا، ومحمد عثمان لازم والده وكان خليفته، كنا في الاتحاد مع بعض، أما الصادق المهدي، فقرأ في كمبوني، وفيكتوريا في مصر وبعدها إلى أكسفورد، وأذكر أنه جلس معنا شهرين أو ثلاثة في الداخلية بحنتوب، وكان يصلي معنا، لم يكن أخا مسلما، وكنا نريد أن نتبناه.
* كيف تزوجت من السيدة وصال؟
- وصال كانت طالبة معي، ولم يكن هناك طالبات حتى أختار من بينهن، كان هناك فقط واحدة كبيرة، كانت بتسقط كثيرا، وواحدة ثانية أمها كانت مصرية.
* يعني اخترت السيدة وصال لأنه لا يوجد بديل؟
- لا... أكلمك بصراحة هي كانت شكلها جميل جدا، هي الوحيدة التي كانت شقيقة الصادق، وكون وصال تصل الجامعة في هذه الفترة فمعناه أنها متفوقة ومختلفة، فقد كان هناك 40 من كل ألف بنت يصلن للجامعة آنذاك، ووصال هي التي زوجت علي عثمان من بنت عمتها التي التقاها في بيتنا.
* شيخ حسن؛ لماذا لم تعدد؟
- أعدد ماذا؟
* تعدد زوجات؟
- (ضحك عاليا)... هو تعدد أحزاب ولا إيه؟، هل الله خلق 2 حواء، وآدم واحد؟ الخوف من أنك لا تعرف أن تعيشهم قدر بعض، هل نسيتوا آدم وحوا؟ فالطبيعي واحد لواحدة.
* هل تمنع هذا الموضوع تماما؟
- لا أمنعه تماما، ولكن زوجة ثانية بالنسبة لي، لابد أن يكون هناك سببا قويا جدا، عقم مثلا، أو تقدم بها العمر، حتى نساء النبي لا يتزوجن بعده، نساء النبي وأمهات المؤمنين شيء ثاني، العرب زمان كانت المرأة عندهم مضطهدة أصلا، وأقول لك (أي واحد يأتي إلي ويقول لي زواج ثاني ما بمشي ليه، إلى أن أتأكد أن الضرورات حاصرته).
* هل تزوج والدك أكثر من زوجة؟
والدي تزوج بعد أمي ما توفيت زوجة ثانية، لأنه كان قاضيا شرعيا، وكان لابد أن تكون لديه زوجه، وعندما سافر لبلدة أخرى فاضطر للزواج مرة أخرى لأن زوجته الأولى لم تكن ترغب في السفر معه فاضطر للزواج، واستمرت الأولى، وحصلت قطيعة بينهما وعندما رجع أصبح لديه زوجتان.
* عندك كم من الإخوان؟
عندي أخوان أصغرهما ولد أيام ثورة أكتوبر، وأول مرة يظهر الحزب الشيوعي وقتها، وكان اسمه حركة التحرير قبل الاستقلال، فلما ظهرت ثورة أكتوبر كانت البلد كلها حريات، استغرب أبي وقال لي واحد اسمه عبد الخالق يبقى رئيس الحزب الشيوعي، قلت له يقولون له الزميل خالق ولا يقولوا عبد الخالق، فعندما رزق أبي ولدا سماه عبد الخالق، حتى لا ينفر الناس من الاسم، مثل اسم معاوية الناس بتكرهه نسبة لمعاوية ابن أبي سفيان، فالعاطفة كانت مع علي وفاطمة فهم ليسوا شيعة، وكان لا يريد أن تنفر الناس من الاسم، ومرت الأيام ودخل الجهاد وتطوع أخي وذهب للجنوب وعاد إلى السنة الثانية بالهندسة، وامتحن للنهائي وذهب واستشهد وكنت في السجن وقتها، وشهادة تخرجه كان بها في المركز الأول أعطوها للاتحاد، ووقتها قبضوا على إنقلاب الشيوعيين على نميري، وكان منهم الشفيع وعبد الخالق، وواحد جنوبي، وكانوا بجوارنا في السجن، وحكموا عليهم بالإعدام، وسمعنا صوت المشنقة (قاك قاك)، والشفيع أهله متدينين جدا، كم غريبة هذه الدنيا!، عبد الخالق أخي هو أول دفعته في الهندسة، وعبد الخالق الثاني من الحزب الشيوعي بنفس الاسم والاثنين يموتوا الأول كان يجاهد وترك الهندسة، أحدهما في المشنقة، والآخر في الميدان، وبعد سنين طويلة دخلت السجن مرة أخرى جاءتني زوجة عبد الخالق وابنه، وكانت علاقتي معهم جيدة جدا، فتأملت الدنيا، (نوح بعد 500 سنة يطلع أبوه زفت)، والعكس أبو إبراهيم زفت ويطلع إبراهيم أبو الأنبياء وخليل الله، هذه الدنيا عجيبة جدا، نقرأها في التاريخ، لكن إن حدثت في حياتنا لا نستوعبها، فما يحدث للإسان بها صعب عليه، أما أهل بيت نقد أتوا لي شكرا، فكنت أزوره، وحضرت في ميتمه، وزرته وهو مريض، أقول لناس الأحزاب والطوائف الدينية اتعظوا.
* وما هي ذكرياتك مع زميل الدراسة الرئيس نميري؟
- نميري ماذا فعل بنا؟ قبض مئات من المسلمين، وسجنني 7 سنوات وهو زول داخليتي، نميري بعدما انتهى عمره لم أتحدثت عنه، وترك الحكم وأنا في السجن، ولم أتحدث عنه، وفي الآخر لأنه زارني في مكتبي زرته في بيته، جمعنا صديق مشترك مع بعض فلم يكن بيننا شيء شخصي.
* ولماذ لم تفعل ذلك مع البشير؟
- ولا البشير بيني وبينه حاجة شخصية، عندما نلتقي مرات في (بكا) يسلم علي ويقول لي شيخنا بصوت عالي.
* وعلي عثمان؟
- علي عثمان هذا أظنه قتله الحياء، فهو يتجنبني دائما، فلو جمعنا بكا أسمع أنه كان موجودا وانصرف سريعا عندما يعلم أنني وصلت المكان.
* كان أقرب الناس إليك في بداياته بالحركة وقالوا إنه تلميذك النجيب؟
عندما أتينا به أنا لم أكن أعرفه، قلنا وقتها نأتي بأعمار واحدة تمسك الحركة، وأول واحد قلنا نأتي لنا بطالب، لم نجد في الخرطوم غيره فكان رئيس اتحاد الطلاب، وغضب الناس الذين كانوا معه في الاتحاد، أتينا به وأصبح النائب مباشرة، إلى الآن هو نائب الرئيس، رغم أنهم كانوا يريدون نائبا للرئيس غيره، إلا أن الرئيس قال علي الحاج أكبر منه ولا يستطيع التعامل معه، وكل الناس قالوا وقتها علي الحاج مؤهل أكثر فقد درس بالخارج، وكان وزيرا من قبل، ويستطيع أن يوازن السودان، والرئيس قال لا أستطيع أن أكون رئيسا وعلى الحاج نائبا وهو أكبر مني شفتي كيف؟، ومنذ أن أصبح علي عثمان نائبا للرئيس من يومها بدأ يحدث ما حدث.
* ذكرياتك مع هذه الضربة؟
- وقتها الجميع قالوا لن يرجع السودان اتركوه في سويسرا هناك، لسوء حظهم أني صحوت مريضا واستطعت الرجوع، وأول مرة لم يعد الوعي لي مباشرة، عندما رأيت زوجتي وصال لم أعرفها، وقالوا بعد 5 سنوات سيعود لي الوعي، وأتوا لي بطبيبة، وأنا كنت بتحدث إنجليزي طوالي، وقالت لي بالفرنسية 2+3=5 وبعدين تهكمت عليها واستغربت الطبيبة من ذلك، ولم أتذكر اي شيء، حتى القرآن لم أتذكره، وقتها الناس دعوا لي في الحج، فهم فكروا أن اليهود هم الذين ضربونني، وعندما رجعت السفراء الأوروبيين قالوا لي إن (السي آي إيه) وراء ذلك، أما القائم بالأعمال الأمريكي فكان قد أتاني هنا قبل السفر، وقلت له عاوز أسافر أمريكا، فقال لي (أديني الجواز بس هناك خلي بالك من أمنك)، وقال لي بعدها أنا قلت لك. نفذوها في كندا، وهاشم بدر الدين الذي ضربني هو أصلا مدرب كاراتيه كان يدرب الشرطة الكندية.
* في تقديرك لماذا كانوا يريدون التخلص منك؟
- كانوا يريدون أن ينتهوا من واحد إسلامي، وبرأوا بدر الدين بعدها لأنه قال في المحكمة إني إرهابي، وإنه كان يريد أن يخلص العالم مني، بدر الدين هذا شوية عنده خلل، نعرف أسرته هنا، أتيت للخرطوم بعد ذلك بغير رغبة علي عثمان، فكنت قد ضربت لكابتن طيار اسمه (شيخ الدين) وهو إسلامي، وقالوا لي إنه في الحج، وقلت له طائرتكم بتجي إنجلترا أحسن أرجع بلدي لو حصل موت أحسن أموت في بلدي، كان الأطباء يقولون إن حالتي مستحيلة، بعد خمس سنين سأكون كالطفل وكانوا يعاملونني بالفعل كطفل، والطبيبة كانت تعاملني كطفل، فكان هذا هو التشخيص الطبي للحالة لكل الأطباء بالخارج، حتى أصدقاء لي كانوا أطباء بأمريكا أكدوا نفس الكلام، شعرت أنه من الأفضل أن أعود وتحركت على كرسي، قال لي كابتن شيخ الدين إن الطائرة تمشي فرانكفورت ومرات بنمشي (ترانزيت) لندن ولكن حسب الركاب، حددنا يوما وعينوا لي حراسة كثيرة هناك، وعدت واستقبلني في مطار الخرطوم عوض الجاز وعلي عثمان، وخطفوني وأركبوني سيارة وذهبوا بي، ولم يعرف أهل بيتي وكانوا خمسة عادوا معي أنا ذهبت إلى أين؟، ولم يعرفوا عني أي شيء، قلت لعلي عثمان (إيه اللي جابني هنا؟، أنا عاوز أروح بيتي إذا ما رجعتني لو عندك رأي تاني برجع بتاكسي)، وهذا كان صعبا عليه، فهو مؤدب معي، وقال برجعك برجعك.
* إلى أين أخذوك؟
- إلى بيت في الرياض، وبعدها أتيت هنا البيت.
* ولماذا أخذوك بهذه الطريقة؟
- لم أعرف لماذ أخدوني لهذا البيت، ربما كانوا يرون أني فقدت العقل وأصبحت مجنونا، وستكون فضيحة للترابي خطبه وكلامه ويمكن اتكلم مطرطش، وضحك...أنا الحمد لله ما طرطشت مع واحد، وخافوا أتكلم مع الناس وأخرف.
* كيف عاد إليك الوعي؟
- عرفت وصال زوجتي ثاني يوم، الأسماء عرفتها بعد أربعة أيام صديق ابني، وطبيب كنت أعرفه كويس جدا، القرآن حاولت ما قدرت، بعد شوية كانت تجي الصور لوحدها في ذهني، حاولت لم أستطع، كان الناس يدخلون علي ويكررون لي أسماءهم حتى أعرفها.
* شيخ حسن كيف كانت ضربة هاشم لك؟
- هاشم هذا ضربني 3 خبطات واحدة في الرقبة، وواحدة في الجانب الأيسر من الرأس، وأخرى في الجانب الأيمن، في الأنف ضربني وهذه أتت بدم كثير وهذا أغراه إني خلاص، الضربة في الجهة اليسار عملت الشلل، ومن الخلف وقعتني، وقلبني بعدها وقال خلاص انتهيت، وكان هناك بوليس يقف ويرى ذلك، في الرقبة ضربها فوق شوية وكان هذا هو الخطأ الذي نجاني، لو كانت تحت قليلا كان نجح في فصل المخ عن الجسم مباشرة، هو كان يعرف تماما أين يضرب، كان عندي أطباء إسلاميون أمريكيون أصدقائي قالوا خلاص، والكل اتفق إني خلاص انتهيت، كانوا يعطونني حقنة، وبعد سنة لم أتكلم إنجليزي كثير كنت أنسى بعض الكلمات، استمررت في أخد الحقنة، كنت أحرص عليها، عندما يدخل علي أحد يذكر اسمه بالكامل حتى أتذكره.
* نعود لـ حنتوب هل كانت لك هوايات أيام المدرسة؟
- كنت أحب الكرة وأمارسها وأنا في الثانوي، كنت ألعبها بتجرد، ولا أنظر للحكم فقط، ولم أؤذي أحدا، حتى لو الحكم لم يرها، ولا يمكن أن أفعل خطأ يمكن ألا يراه الحكم.
* حلال وحرام في اللعب يا شيخنا؟
- نعم... إذا كنت مؤمنا بالله، ألم يراقبني الله؟، لم أقف في لعبي خلف المدافعين، فالذي يدخل البيوت يدخلها من أبوابها هكذا قال الله، هي منافسة مباشرة ومن خلالها تسجل هدفا تسجل أنت أو آخر ليست لدي مشكلة، إذا حوصرت فلابد أن أمرر الكرة لم أكن أنانيا، وأمررها لشخص فاضي، لا أريد أن ينسب لي وحدي، كنت ألعب بروح الجماعة، وإذا هزمنا لا أغضب، كنت أرى أن المنافس كان الأفضل، وأنتقد طريقتنا في اللعب، وأحلل لماذا هزمنا، ولو فزنا خلاص، لابد أن يتعلم السياسيين الروح الرياضية فبها فوائد للسياسة والاقتصاد.
* هل كنت تلعب الكرة في المدرسة؟
- نعم وعندما كان يأتينا فريق من مدرسة أخرى، كنت عادلا في لعب الكرة، كنت أرى من يؤدي بروح رياضية وبفنون رياضية أحسن لي من الغالب والمغلوب والله، وكنت أصفق له، الإنسان دائما ينحاز في الكرة فهناك عصبيات.
* هل تشجع الفن والفنانين في تجارب الإسلاميين في الحكم؟
- هناك ناس أعطاهم الله إمكانات، في الفن والموسيقى، فاتركوا الناس تنطلق من دوافعها، فداود كان الصدى في الجبال بأناشيده فيه فن، افترضي أنا شغلتي التجارة وليس لدي خبره في السياسة، ولكن لدي خبرة في التجارة، فيجب أن نترك كل شخص يسلك مسلكه، الفنانون في مجالهم كل ينطلق من إمكاناته يمكن ربنا أعطاهم القدرة يدخلوا الجنة عني، لابد من فنون وحياة مختلفة، فالحياة لا تقوم بدون أشياء أخرى.
* هل تسمع الموسيقى والغناء؟
- قديما جمعت السيمفونيات حتى الموسيقى الشعبية كانت عندي هواية، أنا أسمع الأغاني ونسبيا أحكم فيها، وأحب الكرة أيضا، فكان من الممكن أن أكون فنانا أو كرويا، لكن لدي إمكانات في مجالات أخرى.
* هل هناك أديب قرأت له وتابعته؟
- كل أديب أنظر له، وطبعا طه حسين كان كفيفا، ولغته كان بها انسياب وبساطة وأتى بأفكار جديدة, ولذلك أعجبني أدبه جدا، كما قرأت للعقاد وكان معقدا، والزيات كنت أقرأ له الرسالة، كان الأزهر في السابق عالميا وكنت أتابع مجلته، يجب أن يعود الأزهر لسابق عهده، فكلما ذهبت مكانا في العالم ألتقي ناسا درسوا في الأزهر، فلابد أن يكون عالميا كما كان، عندنا جامعة أفريقيا العالمية الصغيرة هذه بها 80% طلاب من خارج السودان، الآن تكاثر الأدباء ولكن لم يعد بينهم بروز شديد، ولكنني أقرأ للجميع، وأقول إن الحرية أتت في مصر فلابد أن تكون أفضل من زمان، كل شيء كان مكبوتا أما الآن فهناك حرية، ولابد أن ينطلق الجميع.
* فنان وقفت عنده وسمعته؟
طبعي أن أسمع الكل، أنا لا شيعي ولا سني، أنا سوداني هناك أقليات كثيرة، ولكني تربيت في أماكن كثيرة، أنا سوداني ولكن والله العظيم ما يحدث في أي مكان أتابعه وكأنه في بلدي، أتابع ما يحدث بالعالم وكأنه في بيتنا، وكل تطورات العالم وتأتيني كتب كثيرة جدا، ولا أتعصب ولا أتحير، هذه طبيعتي أن أكون مفتوحا، وأشوف الكل، في الكرة لا أنظر للفائز، أنظر لطريقة اللعب، فساعات كثيرة يكون الفوز صدفة، أحدد ضوابطي باللاعبين العالميين، وبطريقة موضوعية.
* هل مازلت تسمع الموسيقى وتتابع مباريات الكرة الآن؟
- مشاغلي كثرت الآن، زمان كنت بسمع الكل وأشوف كل واحد امتيازه كيف؟ وفي أي مكان؟ كنت أتابع جيدا، كنت أسمع أم كلثوم، وكانت كل الموسيقى عندي، وكنت أتدخل للذين يعملون الأناشيد، وأقول لهم خفضوا الموسيقى شوية، حتى تعلو الأصوات على الموسيقى، ففي بعض الأغاني لا تفهمين شيئا موسيقى فقط، حتى في القرآن ما تعملي مقام ما أفهمه، فلابد أن يكون مفهوما، المقصود من الموسيقى أن تحمل المعنى وتغرسه في نفسي، لو تحدث الشخص بطريقة باردة الكلام لا يدخل.
* فنان سوداني أحببته؟
- عثمان حسين، محمد الأمين وسيد خليفة كان دارسا للموسيقى وكان يجدد وأي شخص يجدد وصاحب فكر أو رأي أحبه، حتى لو اختلفت معه في الرأي ولكنه مجدد، التقيت فنانين سودانيين كثرا في الاغتراب، في فرنسا وغيرها، وهناك ناس صوتهم قوي مثل الكاشف، وأبو داود كان صوته رخيما ويعجبني جدا، أحكم على الفنانين بأن يكون مافي رتابة، العرب قديما كتبوا موسيقى، حتى أصبح عندهم الغناء، وكذلك أوروبا والإنسان لو لم يكتب كثيرا فسيكون فيه رتابة، وطبعا إذا كررت الشيء كثيرا تكون هناك أيضا رتابة، فالإنسان يمل والسودانيون لم يقفزوا في ذلك كثيرا، نرى أن السيمفونيات جميعا لا يوجد بها تكرار، وأنا أستطيع أن أميز بين السيمفونيات لدى بتهوفن جميعا بين السادسة والسابعة وهكذا، وكان هناك شوبان وواحد روسي أيضا، وأنظر لكل شعاب الفن في المسرح والسينما، فهناك من يحب الآكشن عندما يكون أوفر، وأرى أنه لابد أن يكون فيه ذكاء والآكشن يكون معقولا.
* هل وقفت على تجربة السينما بإيران؟
- شفت بعض أفلام إيران، لكن الآن الذكاء أن تنقل هذه الأفلام باللغات، فالحركة هي تعبير عن الكلام، ترسل رسالة للعين تكون موافقة لما يرسل للأذن، حتى تؤثر على الإنسان بكل مداركه، وتكون متوافقة حتى تصل، وترجموها، نسبيا السينما في إيران تطورت أكثر مما كنت أتخيل، ولكنها بالطبع تحتاج أكثر، لابد أن تخرج السينما أكثر للعالم، مهم أن يترجموها، ويدخلوا بها في المسابقات العالمية حتى لو رأوا الصور فقط والإخراج والضوء، لكن لو لم يروا الكلمات بتكون ناقصة، إدراكهم للشيء الحاصل هذا، هناك كثيرون يحركون مع الحركات الكلام للتعبير، في السجود وأغلب الناس التقليديين لا يفهمون الحركات، أحاول أفسر لهم المعنى بالفعل الذي يؤكده اللسان.
* ما هو الكاتب الذي تقرأ له؟
- كنت أبحث عن كتاب سودانيين لأرى معهم تاريخ البلد، لكن حتى الآن الأعراف والتاريخ تكاد تكون غير موجودة لـ 500 سنة للخلف، وبعدين تاريخ دخول الإسلام، قليلا لا أجد، وأعيب على الكتاب، أحيانا أنهم يترجمون كتب الإنجليز عنا، وهذا الإنجليزي المسكين الذي أتى ليكتب عنا مسطح لم يع تماما الحياة لدينا، ولم يعرف.. أنا أستفيد من التاريخ، ولم يعجبني من السودانيين ذلك، هناك بعض الكتابات عجبتني عن المهدية، أما من العهد الوطني هناك ناس كتبوا مذكراتهم الخاصة قرأت أغلبها، لكن طبعا لو لقيت واحد يكتب سيرتي الذاتية أراه أفضل لو كتبها شخص آخر، لأنه يعكس في شخصيتي أكثر مني وسيبحث عني أكثر للآخرين، فأنا يمكن فعلت حاجات سيئة لم أشعر بها، وأيضا حاجات حسنة، الآخر سيرصد ذلك أكثر مني، قرأت كتب ناس كثر فنتاجي من تجارب الآخرين، فالآخر الذي يكتب عني يرى كل الجوانب عكسي، فكثير من الناس يكتبون كثيرا ولكن ليس بها جديدا، أقرأ كثيرا وليس عندي مذهبية في أي فنون، فأرى كاتب ممكن يكون عنده ذكاء في جزء ومتأخر في آخر، فأقارن بهذه الطريقة.
* الصحيفة التي تقرأها؟
لا أقرأ واحدة، أقرأ عدد من الصحف، لأن الحاكم كبتها، وهي تطلع من نفس المصادر ونفس الكلام وهناك مراقبة عليها، والإعلانات متحكمة، لم يخرجوا طاقات الصحفيين وخيرهم، ولم يستفيدوا منها، العالم تقارب الآن من اتصالات وغيرها حتى في الكرة من جنسيات مختلفة، تكلمت معهم بأن عددوا اللغات في التعليم ويكتبوا التاريخ، فلابد من التعليم، ولو أن أموال الجامعة العربية تحولت للتعليم بدلا من الاجتماعات كنا فعلنا شيئا، وعلى المصريين أن يدخلوا جنوب السودان ويعلموهم العربية فعواطفهم تجاه العرب، وهم يريدون العرب، والجنوبيون اشتكوا لي بأن العرب لا يريدونهم، وتحدثت كثير مع العرب حتى لا ننسى الجنوب.
* انتشرت فكرتك لعقد زواج العريس والعروسة بالمسجد، ما هي رؤيتك في ذلك؟
- أريد أن أطور في البلد شيئا فشيئا في الحياة الاجتماعية، وأذكر مؤخرا أنه كان هناك عريس أمريكي وعروس سودانية، والعادات أن العروسين يكونان مختفيين تماما في العقد، بيظهروا في الكوشة فقط، هذه هي العادات، والعروسة تكون مخفية وراء حجاب، قلت لهم العالم أصبح قريبا، والمجتمعات تتحارب وتتآلف وتقترب من بعضها البعض، وهذا أمريكي وهذه سودانية، ونريد أن نسمع بعض، ونربط الخيوط بيننا، فهم سيتزوجون وسوف يأتون لنا بجيل مختلف، لا يوجد شيء اسمه سوداني وأمريكي، وأخذت العروسين لأول مرة في السودان للمسجد، وكانت صدمة لأهل العروس وأتيت بعمها وأخيها وأهلها، وكانت العروس في فندق ولم تكن مستعدة وأرسلت عربتي لتحضرها، ودخلت المسجد، وأتيت بكراسي للأمريكي والعروسة وأخيها حتى يكون وكيلا، وتكلمت بالعربي لهم، يمكن أن نتزوج في أي موضع في بيتنا أو في مسجد، وتحدثوا عن الأمريكية الصهيونية، لكن في النهاية هم بشر، كان أول مرة يحدث ذلك بالسودان وتحدثت بعدها بالإنجليزي في خطبة النكاح فالعريس حديث عهد بالإسلام، وأتينا للعقد وصاح أحد أقارب العروس لابد أن يكون عقد شرعي، فرددت عليه وقلت له يا أخي أنا قرأت شريعة وأفهمها تماما وأبوي كان قاضيا شرعيا، وقلت للعروسة قولي نعم أم لا، عرضت عليها الزواج من العريس، فقالت نعم، وبعدها سألت أخاها فقال نعم، وسألت العريس وقال يس ونعم، والشباب كلهم انشرحت صدورهم وكانوا يصفقون، والكبار قالوا علمتنا شيئا، فموسى لم يعرفوا زوجته ولا أهلها، ولا سنة كام ولا أبوها مين، صحيح أبو مدين لكن كان غير معروف، فقبلوها وأصبح حديثا للناس، وقلت لهم بعد ذلك أي أحد يريد أن نعقد له بهذه الطريقة أنا سآتي له، وأنا سوف أمشي وأقنع الناس وأنا زول كبير وسوف يسمعني الناس، حتى تكون عادة، فلابد أن نغير العرف، ونغير في المجتمع حتى ينشط أكثر في العمل ويتقبل الفنون، وهذه الحركة تحتية، وعلى الحكومة أن ترعى من فوق، وزير الثقافة ليس فنانا، لكنه يرعى الفنون ويمولها.
* الصادق المهدي دعا في عيد ميلاده الأخير إلى التنحي عن القيادة ما رأيك في هذه الفكرة؟
- لا توجد حريات، ولو كانت موجودة لكانت هناك كوادر خلفنا معروفة للناس، في أي حزب كان سيكون فيه 20 معروفين قوميا على الأقل، وبعدين القيادات ليست دائما فردا، فهناك منظم ومفكر أكثر من القائد، لابد من فريق من القيادات، أنا لا أعرف إلا الله الواحد، فلابد أن تظهر مجموعة، أبو حنيفة كان عنده مجلس كامل لكنه اشتهر باسمه فقط، زمان كنت أقول لهم المفروض ألا يكون هناك واحد بعد الستين يظل وزيرا في السودان، هنا مثلث كل واحد عنده أولاد، فيجب ألا تكون الأجيال في مفاصلة، الكبار لا يقولون الشباب شفع، ولا يقول الشباب على الكبار خرفوا، فلنعمل جميعا في فريق من لديه العلم ومن لديه الحكمة والنشاط كله مع بعضه وهكذا، حتى نستفيد، كلنا فوق الثمانين، الصادق المهدي قبلنا بثلاث سنوات، والميرغني في نفس المنطقة ونقد رحمه الله أيضا، هناك كبت للحريات وهذه هي المشكلة حتى نحن القيادات كبتنا وتوفانا الله، لسنا كاملين ولا يوجد تجدد ولا تطور، والكل يهلل لشخص واحد من الممكن أن يكون هذا الشخص مختلا عقليا، الله خلق الناس أحرارا، لابد من إطلاق الحريات وهذا مبدأ أساسي، نرد اللسان على اللسان فطالما لا توجد جريمة محددة، نترك الآراء تتصارع في التجارة والفن وكل شيء في حرية
اليوم التالي


بواسطة : admin
 0  0  1740
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:48 صباحًا الثلاثاء 30 أبريل 2024.