• ×

زهير السراج: (سك الكضاب لي خشم الباب)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية * صوّب وزير الكهرباء ــ حسب زميلتنا القديرة مها التلب فى عدد الأمس ــ انتقادات عنيفة للصحفيين بسبب تناولهم لمشكلة برمجة قطوعات الكهرباء خلال فصل الشتاء، وقال ان الوزارة تدفع (قروش) للاعلان بالصحف عن برمجة القطوعات بسبب الصيانة، ورغم ذلك ينتقد الصحفيون القطوعات فى نفس العدد من الصحيفة الذى يُنشر فيه الاعلان، (وهو يقصد أن الصحفيين لا يقرأون الصحف، ولو فعلوا لعرفوا سبب برمجة القطوعات وما انتقدوها، الكاتب)، وعلّق أحد الصحفيين بأن المواطنين يشتكون اليهم، وأن الصحفى يمثل المواطن فيما يكتب، فرد عليه الوزير قائلا:" هل انتخبكم المواطن عشان تتكلموا بى إسمو؟"

* دار هذا الجدل فى المؤتمر الصحفى الذى أعقب انتهاء اجتماعات اللجنة السداسية لبحث أزمة سد النهضة الإثيوبى أول أمس الثلاثاء، ولا أريد هنا الخوض فى موضوع يعرفه الجميع، ولا يخفى على السيد الوزير، فالصحافة مرآة الحقيقة، وهى تعكس ما يدور فى المجتمع وتنقل آراء الناس بدون الحاجة الى أن تكون منتخبة من أحد، وعليها أن تمارس هذا الدور بكل مسؤولية ومهنية وشجاعة، وعلى الصحفى الحر ألا يخش شيئا فى الحق، ولا ينافق ولا يهادن ولا يسئ لأحد، ولكنه ــ مثل كل البشر ــ يمكن أن يخطئ، وأن يحاسب على الخطأ، حسب القانون الطبيعى العادل، وليس قوانين القمع والكبت والارهاب، او تقييد قلمه وفمه وحريته، وإذا لم يحتمل المسؤول أو الشخص العام الانتقاد والسؤال حتى ولو بُنيا على خطأ، فليترك المسؤولية العامة ويجلس فى منزله، او يؤسس عملا خاصا به يتصرف فيه كما يحلو له، ولن يجد من يسأله عنه مهما فعل الا إذا ارتبط بشأن عام، وما دام المهندس معتز موسى يتقلد منصبا عاما، ويتولى شأن وزارة الكهرباء فعليه أن يتوقع الكثير من الأسئلة والانتقادات، خاصة مع المشاكل التى يشهدها قطاع الكهرباء!!

* أسأل السيد الوزير الذى رد بغضب على انتقاد الصحفيين لبرمجة القطوعات خلال فصل الشتاء، "بأن العادة قد جرت على اجراء الصيانة فى قطاع الكهرباء فى فصل الشتاء منذ عام 1908"، وأتفق مع سيادته، فالاستهلاك ينخفض بشكل كبير فى هذا الفصل، مما يُمكّن من إيقاف بعض الماكينات لصيانتها حسب البرنامج المعد لذلك، ولكن بدون أن يتأثر الامداد الكهربائى وبدون قطوعات مبرمجة، أو حتى غير مبرمجة إلا ما ندر، ولقد شهدت السنوات السابقة استقرارا كبيرا فى انسياب التيار الكهربائى فى الشتاء وفى غير الشتاء، ولم تكن هنالك قطوعات مبرمجة، فهل كانت الصيانة متوقفة، أم ماذا؟!

* يعلم الجميع بالعجز الكبير فى الامداد الكهربائئ، فكل المحطات الكهربائية فى البلاد بدون استثناء عاجزة عن الوصول الى الانتاجية المطلوبة منها، فالطاقة التصميمية لسد مروى التى (فلقت) بها الحكومة دماغنا وبذلت لنا الكثير من الوعود بسببها 1250 ميجاوات، بينما لا ينتج السد فى أحسن حالاته أكثر من 800 ميجاوات، بالاضافة الى معاناته من بعض الأعطال الآن، والشعب يريد أن يعرف سبب هذه الانتاجية المنخفضة، وأين ذهبت الوعود التى بذلتها له الحكومة، وما هو سبب الاعطال الحالية؟!

* مثال آخر: محطة بحرى الحرارية بها 5 توربينات معطلة من 6، وهى لا تنتج سوى 50 ميجاوات، بينما من المفترض ان تنتج 300 ميجاوات، فما هو سبب توقف هذه الماكينات والأعطال التى أصابتها فى وقت واحد، وهل هو بالفعل ما ذكره زميلنا الكاتب الصحفى القدير (محمد وداعة) من قبل بأن العديد من محطات الكهرباء يديرها أشخاص ليس لهم علاقة بالكهرباء مثل خريجى الديكور والانتاج الحيوانى والبيطرة، أم ما هو السبب؟!

* مثال ثالث: خزان الرصيرص لا ينتج سوى 200 ميجاوات، بينما من المفترض أن ينتج 300 ميجاوات بعد التعلية، فأين ذهبت التعلية، وما هو الخلل؟!

* سيدى الوزير، لدى الكثير من الأمثلة، ولكن لا أريد أن ازعجك بالارقام التى تعرفها أكثر من أى شخص، وتعرف أن الامداد الكهربائى ضعيف لأسباب فنية وأعطال جوهرية، وهو سبب برمجة القطوعات، وليس الصيانة الدورية الشتوية، ولا يخفى عليك أن تذمر الناس سببه التعتيم المستمر الذى تمارسه أجهزة الدولة عليهم، والأحلام الوردية التى تزين بها الحكومة حياتهم بدون أن يكون لها أى أساس، ولدينا مثل شعبى يعرفه الجميع، ليس مقصوداً به اى شخص أو جهة، ولكنه يعبّر عن الحالة التى نعيشها والوعود التى تُبذل لنا بدون أن تتحقق وهو: (سُك الكضاب لى خشم الباب) .. ويبدو أننا قد وصلنا أخيرا إلى الباب !!


بواسطة : admin
 0  0  1348
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:56 مساءً الأحد 5 مايو 2024.