• ×

قلب الخرطوم ..هل تعود اليه الحياة؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية _ متابعات يحكي القدماء، أن الخرطوم كانت مدينة مرحة، تضج بالحياة والبرمج الترفيهية. إلا أن ذلك انحسر شيئاً فشيئاً، بفعل ضغط الحياة المتزايد عاما بعد عام. أصبحت الخرطوم مدينة للعمل والبحث عن لقمة العيش التي صار الحصول عليها صعباً مع مرور السنوات، ما جعل "حياة الخرطوم" القديمة تتراجع إلى قاع الأولويات، فلم يعد الترفيه ضمن أجندة الأسر السودانية ولا حتى الشباب. فماتت دور السينما، والمسارح، والمقاهي، والفعاليات الثقافية.
اليوم، أصبح وسط الخرطوم مهجوراً تماماً، حتى لا يكاد يصدق أحد أن ما يراه من سكون يشوبه الغبار؛ هو قلب مدينة هي الأكبر في السودان.
قبل أسابيع، أطلق الشاعر والناشط الثقافي، مأمون التلب، دعوة لإعادة الحياة إلى شوارع ومساحات العاصمة القديمة، وتحت وسم: "إحياء وسط الخرطوم"، طفق التلب يقدم الدعوات للالتقاء في وسط الخرطوم يومياً ولو لشرب كوب شاي والونسة فقط. هذه الدعوة تعد امتداداً لأنشطة وفعاليات سابقة عملت لنفس الهدف، مثل معرض (مفروش) للكتاب في ساحة مقهى أتينيه (تقاطع شارع الجمهورية مع شارع القصر)، وقراءات (الحركة الشعرية) في ذات المكان، واللقاءات في ما يسمى (الأنحاء وما جاورها) وهي المنطقة بالقرب من شارع المك نمر، حيث يتجمع صحفيون ومثقفون وغيرهم، يتناقشون في هموم الحياة والفن والسياسة. وغير بعيد من (الأنحاء) التجمعات المعروفة والمزدهرة في المعهد الفرنسي، ومعهد (جوته) وشباب مبادرة شارع الحوادث.
هذه الأفكار وإن توقفت الآن لتعقيدات رسمية؛ إلا أن اللقاءات والتجمعات العفوية والمقصودة لم تقف.
الموت من الوسط
يقول مأمون التلب لـ(اليوم التالي):" كنت لاحظت وكتبت من قبل، بصحيفة (الرأي العام)، عن هذا الموات المؤذي لوسط العاصمة الخرطوم، أو كما يسمى في جميع دول العالم (Downtown)، وذلك بقتل السوق العربي وتحويل مواقف المواصلات إلى جاكسون وشروني والإستاد.
هذه المنطقة كانت مزدهرة برأي التلب حتى قضى على ازدهارها نقل المواصلات بعيداً عنها. وفي حين وصفها بـ"المنطقة ذات التاريخ العريق في احتواء الثقافة والفنون بكل أشكالها"، نوَّه إلى أن جماعة عمل الثقافية أعادت لها الانتعاش بتنظيمها لمعرض (مفروش) الشهري لبيع وتبادل الكتاب المستعمل، قبل أن توقفه السلطات (مجلس المصنّفات الأدبية) لأسباب وصفها التلب بـ(الواهية)، وهي أن "المعرض يبيع كتباً ممنوعةً من قبل الدولة" على الرغم من أن ذات الكتب - حسب قوله - تباع يومياً في أزقة السوق العربي وأم درمان. وينوه التلب إلى أن أصحاب المحلات في ساحة (أتينيه) يتحدثون معه عن افتقادهم لمفروش. واستطرد: "قال لي أحدهم، اسمه هيثم (ياخي خلي الناس تجي تقعد تتونس ساي، تشرب قهوة وشاي، بس)، بعدها قدمنا دعوة لقراءة الشعر من خلال مبادرة (الحركة الشعريّة)، ثمّ نظمنا قراءات للأطفال في ذات الساحة، ثم من مجموعةٍ في فيسبوك بعنوان (الأنحاء وما جاورها)، أسسها صحفيّون ومثقفون أصدقاء، لَمَحت هذه الفكرة الجميلة؛ إنهم ينظّمون لقاءاتهم وحتّى وجبات الغداء والعشاء داخل هذه المجموعة الإلكترونية، حتّى إن الأستاذ فيصل محمد صالح علّق مرةً بأنه كان يعتقد أن المجموعة هي لحوار مثقفين وصحفيين ولكنه اكتشف في النهاية أنها مجرد مطعم!".
تحفيز على الفِعل
يستطرد التلب : الفكرة على بساطتها "توحي بقدرة وسائل التواصل الاجتماعي على خلق مجتمعات كاملة في الواقع الحي". ويخبرنا أن فكرة (إحياء وسط الخرطوم) ليست جديدة، ويوضح: "نحن نرى، يومياً، مجموعات من الشابات والشباب الذين لا نعرفهم يتحلّقون حول ستات الشاي في أتينيه، ويجلسون إلى المساء، ويخلقون المشاريع تلوَ المشاريع". قبل أن يذهب إلى أن "رواداً عرفناهم لهذه الساحة قد اختفوا، إما بسبب الهجرات، أو بسبب الانشغال وراء أكل العيش. فقمت بتقديم هذه الدعوة (القديمة/الجديدة) لمن أعرفهم من أصدقاء وصديقات لا زالوا يسكنون العاصمة، أو من جاء من مهجره ومغتربه، ليزوروا وسط الخرطوم يوميّاً، أو ليومٍ في الأسبوع، وأعتقد أنه مشروع له مستقبل فعّال، وسينتج ثماره بمشاركة الجميع، كما قد أنتجها من قبل؛ منذ أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وإلى اليوم". وعن نشاط تصوير وسط الخرطوم ونشرها إلكترونياً، يقول: "تصوير الأماكن بالموبايل ورفعها أونلاين هو لتحفيز الناس على الحضور".
عرفة وداعة الله _ اليوم التالي


بواسطة : admin
 0  0  2293
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:13 مساءً الثلاثاء 7 مايو 2024.