• ×

ختان الإناث ..حكايات بلون الدم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية _ متابعات حنان الطيب
أثارت قضية ختان الإناث وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى (العنف ضد الأطفال)، جدلاً ولغطاً كبيرين، وما زال الشد والجذب مستمراً، ووردت فيه أقاويل عديدة ما بين أناس يعملون على محاربته بكافة أشكاله وآخرين يريدون تأصيله.. ومما زاد الطين بلة حذف المادة (13) من قانون الطفل لسنة (2010) في وقت سابق بمجلس الوزراء، وكانت قد أثارت توصية تجريم ختان الإناث وتحديد عقوبة تعزيرية جدلاً واسعاً بالبرلمان، جراء الممارسة الخاصة بتجريمه بمعاقبة الأمهات اللائي يختن بناتهن بالسجن لمدة سبعة أعوام.. إننا أمام قضية في غاية الخطورة، ولابد من التركيز والعمل لرفع الوعي بخطورة هذه العادة الضارة بصحة الطفلات، وطرح كافة الرؤى والأطروحات للحد من هذه الجريمة البشعة التي تخفيها الزغاريد.
أردنا من هذا التحقيق الجريء وضع ختان الإناث على منضدة كل من يهمهم الأمر، فكانت آراء أهل العلم والاختصاص واضحة وجريئة أمام القارئ الحصيف، ليرى بعد ذلك أي كفة راجحة.. فإلى مضابط التحقيق المثير..
بينما أوضح تقرير وزارة الصحة ولاية الخرطوم لعام 2010 ارتفاع نسبة ممارسة الختان خلال الأعوام الماضية إلى (70%) بالولاية، مشيراً لختان (70) طفلة وسط كل مائة طفلة، موضحاً أن نسبة الممارسة بكل ولايات السودان (69%)، اعتبرت هذه الزيادة سبباً رئيسياً في ارتفاع نسبة معدلات الوفيات وسط الأطفال والأمهات.
*هؤلاء كرسوا لها
من جانبه، قال الدكتور تاج السر دوليب أستاذ بمدرسة علم النفس ورياض الأطفال بجامعة الأحفاد للبنات، إن الدراسات التي أجريت بالجامعة أوضحت أن هناك فرقاً بين الفتيات السليمات والمختونات، وأكدت أن هناك فرقاً واضحاً بين المجموعتين، وأبانت أن المجموعة الأولى الطبيعة (غير المختونات)، كانت أكثر حركة وحيوية وتفتحاً وقدرة على التعبير والتفكير، بينما اتسمت تصرفات وأفعال المجموعة الثانية (المختونات) بالخجل وقلة الحركة والانكماش وعدم الثقة في النفس.
وقال إن المنادين بأنصاف الحلول الذين يسمونه (سنة)، هم الذين كرسوا لهذه الممارسة لقرن من الزمان، ومنهم المثقفون الذين نتوقع منهم قيادة المجتمع للأفضل، فيجب أن تخفض أصواتهم وإلا سنستمر نتحدث همساً عن الخفاض، إذ ليس للخفاض سوى الألم والأذى والأسى، موضحاً أنه لا يمكن أن يكون حامياً للعفة، مشيراً لتكسب بعض القابلات والطبيبات من هذه الممارسة الخادعة.
*30 حالة كل ساعة
قال الدكتور سعد عبدالرحمن زميل الكلية الملكية لأمراض النساء والتوليد، إن الاسم الحقيقي لختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى)، ويمارس وسط الطفلات من أربع إلى عشر سنوات، وأن عدد النساء اللائي شوهت أعضائهن التناسلية يقدر بـ(130,000,000) والسودان من ضمن الدول التي تمارس فيه هذه العادة بصورة كبيرة، وبأقسى وأبشع صورها، إضافة لثماني وعشرين دولة أفريقية.
وقال إن عدد النساء اللائي تم تشويه أعضائهن الجنسية يقدر بـ 2 مليون في السنة، بنسبة 600 حالة يومياً، والسودان جغرافياً وثقافياً يجاور 10 دول أفريقية كلها تمارس هذه العادة الذميمة، مشيراً لتشويه 9 ملايين فتاة.
وأوضح أن نسبة الممارسة في شمال السودان (89 %)، مشيراً لبدء ممارسة هذه العادة وسط القبائل النازحة للشمال. وكشف عن تشويه (300) ألف فتاة في السودان سنوياً، و800 حالة يومياً بمقدار 30 حالة كل ساعة قائلاً عادة ما تمارس بواسطة القابلات القانونيات وغير القانونيات، اللائي يسكن مع الأهالي. وأعرب عن أسفه الشديد لعدم تفعيل القانون الذي صدر في عام (1946)، لمنع هذه العادة، مشيراً لعدم ممارستها في السعودية والدول الإسلامية الأخرى.
وقال عندما ننظر لختان الإناث ننظر إليه من نواحٍ مختلفة، كمشكلة خاصة بالصحة العامة وكسبب لعدد من المضاعفات الصحية والمشاكل النفسية.
من ناحية أخلاقية ضار بصحة الإنسان وإهدار لحقوق الطفلات والإنسان وإهانة لكرامة المرأة (التمييز ضد الجنس)، ومن الناحية القانونية قال ان الطفلة التي نجت من الموت بعد اجراء هذه العملية سترافقها العديد من المشاكل الصحية في مراحل حياتها، موضحاً ان من أخطر المضاعفات التي قد تتعرض لها جراء هذه العملية هو التتانوس، عازية ذلك لإجراء الكثير من هذه العملية بواسطة قابلة المنطقة، وقد تكون الأدوات غير معقمة أو تلوث المكان الذي تجرى فيه، مما يتسبب ايضا في تلوث الجرح. ويؤدي لإصابة الطفلة بشلل الأمعاء ويؤدي لوفاتها، وأرجع تعثر الكثيرات في الولادة بسبب هذه العادة.
*لا علاقة له بالعفة
وعدد د. سعد المضاعفات المتعلقة بالطفلة الصغيرة نفسياً وجسدياً، نتيجة هذه الممارسة، مؤكداً أن الذين يطالبون بالختان بحجة حفظ عفة المرأة ليس له أساس من الصحة.
وطالب بحملات منظمة أو عبر جمعية تشمل القومية السودانية، تضم السياسيين ورجال الدين والأطباء وأعضاء المجتمع المدني لاقتلاع هذه العادة من جذورها، وشدد على ضرورة تفعيل القانون المسن سنة 1946 مع التعديل ليكون أقوى، بجانب الاستفادة من الخبرات السابقة والتعلم من الأخطاء وتنظيم برامج توعوية لكافة شرائح المجتمع عبر الأجهزة الإعلامية المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي والمسرح والأغاني والكاركتير والملصقات والندوات وغيرها، بجانب الاستماع للاستفادة من تجارب نساء خضعن لهذه الممارسة ومشاركة الدولة والمنظمات الطوعية لمكافحة هذه العادة ورجال الدين، بأن ليس هناك ما يبررها دينياً.
وحول مدى القبول أو الرفض للتسويق الاجتماعي لأدوات التواصل الاجتماعي لحملة سليمة، التي تهدف لمواصلة جهود محاربة الختان، قالت مديرة أمانة ملف الأعراف والممارسات الاجتماعية بالمجلس القومي لرعاية الطفولة، د.أميرة أزهري، إن الأدلة التي جمعت في ولاية الخرطوم فقط، تبين أن مبادرة سليمة أحدثت تأثيراً إيجابياً، فقد أنتج تنفيذ أسلوب التسويق الاجتماعي الذي تم تطويره لدعم مبادرة سليمة بعد مضي عام واحد على اتباعه، زيادة بنسبة (15 %) في استخدام كلمة (سليمة) في وصف الفتاة غير المختونة، وزيادة (سليمة 22%) في معرفة ألوانها بين السكان المستجوبين وزيادة بنسبة (9 إلى 37%) في معرفة شعار سليمة (كل بنت تولد سليمة.. دعوا كل بنت تنمو سليمة)، قالت ان النظرة المستقبلية للتسويق الاجتماعي لأدوات التواصل الاجتماعي لحملة سليمة (تقيم حملة التسويق الاجتماعي لزيادة نشر الحملة على مستوى السودان، إضافة لنشر حملة سفراء سليمة على مستوى المحليات والوحدات الإدارية والقرى، وأشارت لنماذج من العالم وأفريقيا لحملات تسويق اجتماعي مشابهة أو قريبة من أدوات التواصل الاجتماعي حول سليمة (حملة الحقيقة بالولايات المتحدة الأميركية حملة صحرلا بالصومال)
وأوضحت أن أبرز الفجوات (للتسويق الاجتماعي لأدوات التواصل حول سليمة)، أن الأدوات المستخدمة فيه تخاطب المناطق الحضرية وشبه الحضرية، وبالتالي توجد حاجة لأدوات جديدة للمناطق الريفية، حيث التمسك أكثر بالعادات والتقاليد، إضافة لعدم الاستمرارية في الحملة الإعلامية في نشر الأدوات ومعرفة المجتمع بسليمة، مؤكدة على أهمية الطرق المتواصل لتشجيع أكثر للأسر وفتح باب الحوار والنقاش حول سليمة، موضحة أن كل هذا التوقف لتقييم الحملة.
* رغم أهميته
تقول الخبيرة في مجال تشريعات الأسرة والمرأة والطفل والمستشارة بوزارة العدل، مولانا عواطف عبد الكريم عبدالرحمن، إن ختان الإناث من الموضوعات التي وجدت اهتماما كبيرا، باعتبارها من أكثر العادات إضراراً بالطفلة، وسعى المجلس القومي لرعاية الطفولة كآلية قومية معنية بالأطفال من خلال البرنامج القومي للقضاء على ختان الإناث منذ سنوات طويلة، بوضع استراتيجية قومية للقضاء عليه خلال جيل، كما سعى لإعداد مشروع قانون لمحاربة ختان الإناث، رغم ان المشروع استصحب عددا من الخبراء في مجال القانون والصحة وآراء رجال الدين، الا ان المناخ لم يكن مهيأ لإصدار مثل هذا القانون، لذلك سعى المجلس من خلال لجنة التشريعات لتضمين مادة لمنع ختان الإناث في قانون الطفل (2010)، ولكنها لم تتم إجازتها من مجلس الوزارء والبرلمان، وهي المادة (13) الشهيرة جداً، وصدر قانون الطفل الذي به الكثير من المكاسب، ولم يغطِ هذا الجانب رغم أهميته.
*فرصة للتشريع
وقالت لأن السودان حكمه لا مركزي، يعطي ذلك الولايات فرصة كبيرة للتشريع في المجالات الخاصة بها، وفق الجداول الواردة في الدستور، ولذلك نجد الكثير من الولايات وخاصة المتأثرة بهذه العادة سعت لإصدار قوانين كولاية جنوب كردفان التي أصدرت قانوناً متخصصاً، وهو متميز جداً لمنع ختان الإناث، ويعد من افضل القوانين، نأمل ان تحذو بقية الولايات حذوها، اضافة لتضمين بعض الولايات في القوانين الطفولة الخاصة مواد تتعلق بمنع ختان الإناث ووضع عقوبة وإنشاء آليات لتفعيل هذه المواد، ويعتبر تقدما كبيرا في مجال التشريعات. اما على المستوى القومي فللأسف لا يزال الموقف كما هو، لم يسبقه قانون او تشريع قومي، لكن ما زالت الجهود والمحاولات مستمرة لإصدار قانون على المستوى القومي يمنع هذه العادة، وان المناخ اصبح اكثر ملاءمة خاصة وان هناك مساعي لإصدار دستور جديد، فدستور 2005 به مكاسب تتحدث عن محاربة الدولة للعادات الضارة، نتمنى أن تكون هذه المسألة اكثر وضوحاً في الدستور القادم، وأن يسعى المستوى القومي لإصدار تشريع وبقية الولايات التي لم تشرع في هذا الأمر، للوصول لاندثار هذه العادة تماماً في السودان.
حنان الطيب _ اول النهار


بواسطة : admin
 0  0  2648
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:30 مساءً الثلاثاء 7 مايو 2024.