• ×

الولايات المتحدة تهدد دولة جنوب السودان بوضعها تحت الوصاية الدولية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية _ متابعات يوم الثلاثاء الماضي أكملت الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان عامها الثاني وهي الآن في بدايات عامها الثالث وما زال الصراع المسلح دائراً والسلم عصي التحقيق والأزمة الاقتصادية تزداد حدة من يوم إلى يوم والاتفاقات التي رعتها منظمة الإيقاد وأجازها الاتحاد الإفريقي واعتمدها مجلس الأمن ما زالت حبراً على ورق فلم تدخل حيز التنفيذ وليس في الأفق ما يشير إلى انفراج قريب يؤدي إلى تنفيذها.
الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لانفصال جنوب السودان عن الدولة السودانية والتي راهنت على الدولة الوليدة ومستقبلها الواعد بدأت الآن تتجه إلى البحث عن مخرج من أزمة دولة الجنوب وارتفعت فيها الأصوات يائسة من حل سريع وتدعو إلى وضع دولة الجنوب تحت الوصاية الإقليمية والدولية وهذا تطور سيكون له ما بعده ما لم تحدث معجزه تيسر حلاً داخلياً عاجلاً وليس ثمة من مؤشرات على احتمال حدوث مثل هذه المعجزة قريباً!
إذاعة صوت أميركا في الأسبوع الماضي أذاعت تعليقاً يعبر عن وجهة النظر الرسمية ويستعرض ملامح الأزمة الراهنة وفشل الحل السلمي والتباطؤ في تنفيذ الاتفاق الموقع منذ شهور مشيرة إلى أن الحرب الأهلية الحالية حصدت أرواح عشرات الآلاف من المواطنين الجنوبيين وشردت أكثر من مليونين وأن أكثر من أربعة ملايين مواطن يواجهون الآن خطر المجاعة وأن الأموال المتاحة لمنظمات الإغاثة قد نفذت وأن الممولين أحجموا عن التبرع فلم تتحصل هيئات الإغاثة على سوى %20 من أصل 350 مليون دولار كانت تسعى لجمعها بينما أعلن الصليب الأحمر أن استمرار القتال يعيق جهودهم في الوصول إلى المتضررين.
ويبدو أن الحزب الحاكم في جنوب السودان -الحركة الشعبية لتحرير السودان- يواجه انقساماً حاداً حول اتفاقية السلام واقتسام السلطة مع المعارضة التي يقودها د.رياك مشار وقد فشلت المعارضة في الاتفاق مع الحكومة حول وصول وفد المقدمة الذي كانت تعتزم المعارضة إرساله إلى جوبا للإعداد لوصول قادة المعارضة إلى عاصمة الدولة للمشاركة في الحكومة المقترحة حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام وفي نفس الوقت أعلن الفريق سلفاكير تأجيل اجتماع للمجلس القيادي للحزب الحاكم كان مقرراً عقده هذا الأسبوع إلى أجل غير مسمى وسط أنباء عن صراع داخلي حاد واحتمال إجراء تغييرات في المناصب القيادية للحزب استعداداً للحرب المقبلة وتنفيذاً لاتفاق أروشا الذي رعته جنوب إفريقيا وتنزانيا لتوحيد الحزب وإعادة المفصولين، وقبل أن يتوقف الجدل حول تأجيل ذلك الاجتماع فاجأ وزير المالية مواطنيه بإعلان (تعويم) جنيه جنوب السودان وإلغاء سعر التبادل الرسمي وترك للبنوك التجارية الحق في أن تحدد سعر العملة حسب متطلبات السوق وفجأة قفز سعر الدولار مقابل الجنيه الجنوبي إلى حوالي السبعة عشر جنيهاً مما أربك حركة السوق وأثر فوراً على غلاء.
لكن التطورات الخارجية الأخطر كانت تتمثل في الأفكار التي طرحت في الكونجرس الأميركي مطلع هذا الأسبوع عندما عقدت لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ جلسة استماع حول الموقف في جنوب السودان وكان من المتحدثين فيها برنستون ليمان المبعوث الأميركي السابق للسودان الذي دعا لوضع جنوب السودان تحت الوصاية الدولية -أو كما أسماها ((الإدارة الدولية))- تفادياً لانهيار أحدث دولة في العالم ووصف الوضع في جنوب السودان بأنه أحد أعظم المآسي الدولية وأن الصراع فيه يقوض الأمن والاستقرار في منطقة هي من أشد مناطق العالم حساسية وأن قادة الجنوب قد خانوا شعبهم وأضاعوا فرصة الاستقلال الذهبية لبناء دولتهم ولا يمكن بعد هذا أن يثق بهم أحد، وتحدث أيضاً في جلسة الاستماع بوب كروكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي فقال إن رئيس جنوب السودان سلفاكير ومنافسة ريك مشار هما سبب هذه الفوضى في دولة جنوب السودان ويستحقان أن يوضعا في السجن.
وأضاف ليمان في شهادته أمام مجلس الشيوخ أن الجنوب قد عانى منذ استقلاله من فشل مؤسساته ومن فشل قياداته وهو الآن في أشد الحاجة إلى أياد خارجية تتولى أمره وأن الحزب الحاكم ضعيف ويسيطر عليه العسكريون ثم انطلق من ذلك ليقترح أن تتحول لجنة مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام التي شكلها الاتحاد الإفريقي بقيادة رئيس دولة بوستوانا السابق عيستوس موقى إلى سلطة انتقالية مؤقتة لجنوب السودان تدعمها الأمم المتحدة والولايات المتحدة وتتولى إدارة الجنوب مستمدة سلطتها من الاتحاد الإفريقي باعتبار رئيس الحكومة مندوباً سامياً له حتى يستطيع أن يفرض سلطته كحاكم في الفترة الانتقالية لتحقيق الاستقرار ويساعد المحكمة المختلطة التي يشكلها الاتحاد الإفريقي لملاحقة كل من ارتكبوا جرائم حرب في الجنوب، وأن توضع تحت تصرفه قوة حفظ سلام من الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي.
بالطبع هذا الاقتراح لا يمثل وجهة النظر الأميركية الرسمية في الوقت الحالي وربما كان بالون اختبار أو وسيلة ضغط لكن مجرد طرحه في الكونجرس ودعمه من جانب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ سيثير جدلاً داخلياً في أميركا وفي أروقة الاتحاد الإفريقي الذي لا يبدو أنه مستعد لمثل هذه الخطوة الكبيرة غير أن الواضح أن الوضع في جنوب السودان مرشح لأن يكون مصدر قلق كبير خلال الأيام القليلة القادمة ما لم تدرك قيادات الجنوب خطورة الموقف ومهددات الانهيار الوطني البادية في الأفق وأبعاد التدخل الدولي إذا حدث ذلك الانهيار.
محجوب محمد صالح


بواسطة : admin
 0  0  997
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:56 صباحًا الأربعاء 8 مايو 2024.