• ×

ابتعاد الأجيال الصاعدة عن الصناديق معناه أنها لا تعترف بها أو غير مقتنعة بجدواها كوسيلة لتحديد الشرعية.. أو لربما كانت زاهدة بالمجمل ما يشي بخطر على مستقبل التحول الديمقراطي في البلاد "التقييم السياسي للانتخابات"

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية نهايات الأسبوع الماضي نظمت المفوضية القومية للانتخابات بقاعة الشارقة للمؤتمرات بالخرطوم ورشة تقييم تجربة الانتخابات التي شهدتها البلاد أبريل 2015م، شارك فيها عدد من قيادات الأحزاب وتحالف منظمات المجتمع المدني، ونقابة المحامين قدمت من خلالها ثلاث أوراق.. الأولى بعنوان "التقييم السياسي للانتخابات" قدمها حسن الساعوري المراقب السياسي وأستاذ العلوم السياسية وهناك ورقتان أخريان لمنظمات المجتمع المدني ونقابة المحامين.
بحسب الورقه التي قدمها حسن الساعوري فإن الانتخابات التي شهدتها البلاد في أبريل الماضي لا معنى لها سياسياً، وأنها لم تثمر عن النتيجة المطلوبة المتمثلة في اعتراف الجميع بنتيجتها، وأرجع قوله إلى عدم مشاركة المعارضة وبعض الأحزاب السياسية في العملية الانتخابية، وأردف: "مجرد أن يكون هناك جزء مقدر لا يعترف بشرعية الحكومة فهذا يعني أن الانتخابات التي صرفنا عليها (150) مليون جنيه من ناحية سياسية انتخابات لا معنى لها"، وذهب متهما الحكومة بعدم الاهتمام وقتها والالتفات لاحتجاج المعارضه الرامي لعدم قيام الانتخابات إلا بعد أن تتوقف الحرب في النيل الأزرق ودارفور والتي ساندهم فيها الوسط الإقليمي والدولي (اتحاد أفريقي ـ إيقاد ــ الترويكا)، ولجأت لعمل مناورات بخصوص الحوار الوطني لكنها لم تكن جادة وقتها بالصورة المطلوبة سيما في الـ(6) أشهر الأولى"، مما جعل المعارضة ترى أن الحوار ما هو إلا شراء للوقت بوساطة الحكومة، لتقاطع الانتخابات في وقت استمرت خلاله الحكومة في الإعداد للانتخابات والتي كان أولها مراجعه قانون الانتخابات الذي بناء عليه تتنافس القوى السياسية.
وأشار الساعوري إلى أن عدم مشاركة الأحزاب المعارضة الأساسية التي قاطعت انتخابات 2010 و2015، أتاح الفرصة للأحزاب المؤتلفة للانفراد بتعديل قانون الانتخابات الأمر الذي يعد شرخا في العملية الانتخابية المعنية، وأضاف بقوله: قانون الانتخابات هو المعيار الذي وفقه تتنافس القوى السياسية المختلفة وهو الذي يحدد الشرعية الحقيقية للنظام السياسي لكن لم تتم أي مشاورات بين القوى بما فيها أحزاب المعارضة، وأن أي قانون يحدد الموازين المختلفة للقوى السياسية لا يمكن أن تحدده جهة ما لوحدها، وأضاف أنه داخل المجلس الوطني نفسه لم تكن هنالك فرصة كبيرة لمناقشة التعديلات المقدمة من الحكومة لأسباب أولها أنها لم تناقش بصورة عامة ثم بعد أن حولت للجان المختصة لم تعط الوقت الكافي للنقاش، وأشار أن أهم ما جاء في التعديل ارتفاع نسبة المرأة لـ(30%) والقوائم الحزبية لـ(20%) مما جعل نسبتها ترتفع لـ(50%).
وقال الساعوري إن الانتخابات قامت دون توافق سياسي حولها، ومن غير توافق حول قانون الانتخابات المعيار الذي يعني به التفرقة بين ذاك الحزب معيار مشكوك فيه، ولفت إلى أن مرحلة الإعداد للانتخابات من حيث الإجراءات الخاصة بمفوضية الانتخابات لم تكن هناك أي تعديلات وإن السجل الانتخابي هو ذات السجل الذي أجريت به انتخابات 2010م، وأن إعلانه ونشره تم دون أن تحرك أحزاب الحكومة ولا المعارضة ساكناً في أن تضيف أو تطعن في السجل، مع العلم بأنه ضم الجنوبيين قبل الانفصال وعدها مسؤولية القوى السياسية المختلفة وليس المفوضية، وأضاف، أنه "وبعد أن تمت عملية الاقتراع كانت هنالك ملاحظات منها ضعف نسبة المشاركة، وعزوف الشباب عن المشاركة في التصويت وكانت هذه من الملاحظات الواضحة وهذا يعني أن الجيل الصاعد لا يهتم بما يجري ولا ينفعل بما يدور في البلاد وهذه تمثل خطورة كبيره جدا"، واستطرد قائلا: عندما تبتعد الأجيال الصاعدة عن العمليات السياسية والانتخابية معناه إما أنها لا تعترف بها أو أنها غير مقتنعة بأنها الوسيلة التي يمكن أن تحدد الشرعية أو أنها لا تريد أن تتعامل بالعمليات الانتخابية على الإطلاق وذلك خطر جدا على مستقبل التحول الديمقراطي في البلاد، وعد اكتساح المستقلين لحزب المؤتمر الوطني في بعض الدوائر رغم الإمكانات المتوفرة له، من الظواهر التي يتوجب الوقوف عندها.
اتفق السفير رحمة الله عثمان الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية مع الساعوري في أن انتخابات 2015م لم تحقق الغاية المقصودة وهي التداول السلمي للسلطة، بدليل أن الأزمة السياسية ما زالت قائمة وأن الحوار موجود وهو عند إعلانه مطلع يناير 2014م كان اعترافا من الحزب الحاكم "المؤتمر الوطني" بأن هنالك أزمة في الحكم لابد من يجتمع السودانيون للتداول حولها، وقال رحمة الله إنه وبحكم تجربته الشخصية لاحظ أن الحوار الوطني وجد سندا إقليميا ودوليا كبيرا جدا وهو أمر مهم بالنسبة للعلاقات الخارجية سيما وأن جميع المنظمات الإقليمية التي يشارك فيها السودان رحبت بالحوار، إلا أنه عندما أصر المؤتمر الوطني على قيام الانتخابات بدأ المجتمع الدولي يأخذ موقفا مختلفا، وأضاف أن عدم قيام الحوار في وقته ساهم في عزوف الموطنين عن التصويت، وأقر رحمة الله بأن رأي بعض التنظيمات السياسية المعارضة أثر بصورة كبيرة جدا داخل البلاد على مشاركة المواطنين في الانتخابات ومشاركة المجتمع الدولي، ولفت إلى أن التقرير الأولي الصادر عن الاتحاد الأفريقي قبل الانتخابات حمل بعض السلبيات سميا وأنه أشار لعدم صلاحية المناخ السياسي لقيام انتخابات حرة وعدم إعطاء الأحزاب المنافسه للمؤتمر الوطني الحرية الكافية للمارسة نشاطها.
من جانبه اتهم محمد أحمد كوكو، الأمين العام لحزب (السودان أنا)، المفوضية القومية للانتخابات بعرقلة الناخبين وحرمانهم من التصويت بإرجاعها مبلغ (500) مليون جنيه من جملة (800) مليون جنيه لوزارة المالية، وقال كوكو، إن المفوضية أسهمت في فوز المؤتمر الوطني وأهلته للفوز على بقية الأحزاب بإرجاعها للمبلغ، وأردف: "كان ينبغي لها أن تدعم بها الأحزاب غير المقتدرة ماديا حتى تتمكن من ترحيل ناخبيها لمراكز الاقتراع".
بروفيسور مختار الأصم رئيس المفوضية القومية للانتخابات قال إن المفوضية نجحت في إدارة الانتخابات بـ(350) مليار جنيه من جمله (850) مليارا وفرتها الدولة للمفوضية لتسيير العملية الانتخابية، وأرجعت باقي المبلغ لخزانة الدولة، وأضاف أن المفوضية كانت شفافة في جميع مراحل العملية وأنها اقتصرت على عمل الانتخابات وتحويل الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، وأن العملية الانتخابية تمت بأيد سودانية خالصة.
البروفيسور حسن حاج علي عميد كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم اتفق هو الآخر مع البروفيسور حسن الساعوري في أن غياب التنافس الحزبي هو الذي أضعف مخرجات العملية الانتخابية، ولم يخف وجود إشكاليات قال إنها كانت مرتبطة بالممارسة السياسية خاصه الحكومية في ذلك الوقت سيما مصادرة بعض الصحف ومنع النشاط الحزبي العام خارج دور الأحزاب رغم أنها تعد من متطلبات الحملة الانتخابية، وأشار إلى أن عدم مشاركة الشباب في العملية الانتخابية سيما وأنهم يمثلون (40%) من سكان السودان يعني أن لديهم رأي ليس فقط في الانتخابات وإنما في العملية السياسية برمتها وفي التكوينات الحزبية الموجودة حاليا، ولفت لعدم مواكبة الأحزاب السياسية للتغييرات التي تتم خاصة وسط الشباب وطريقة مخاطبتهم، وأردف: البلاد مقبلة على مرحلة سيلعب فيها الشباب دورا أساسيا وإذا ما وصلت مخرجات الحوار إلى تفاهم حول انتخابات قادمة فربما الخريطة السياسية تكون مختلفة تماما عن ما يدور الآن.
تحالف منظمات المجتمع المدني أشار إلى أن العملية الانتخابية صاحبتها بعض السلبيات منها رصده لخلافات حول أسس وضوابط الرقابة بين بعض المراقبين وموظفي المفوضية نتيجة لعدم التدريب الكافي لبعض الموظفين بالمراكز، ومواصلة بعض الأحزاب لعملية الدعاية الانتخابية بعد حلول فترة الصمت الانتخابي بالقرب من بعض المراكز تم معالجتها نسبيا بعد إخطار سلطات المفوضية بذلك، بجانب حدوث بعض الإشكالات بسبب شهادات السكن كإثبات للهوية وعدم وجود عريفين معتمدين بواسطة اللجان، إضافة لتجاوزات أخرى متعلقة باستغلال الموارد العامة للدولة في الحملات الانتخابية من قبل منسوبي بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة..
فيما طالبت الورقة القانونية التي قدمتها المحامية آسيا سعيد نيابة عن نقابة المحامين بتعديل المادة (22) شروط التسجيل والمشاركة في الانتخابات والاستفتاء سيما الفقرة (ب) من البند (2)، بجانب المادة (22) تنظيم السجل الانتخابي وتعديل البند (ب) وإعطاء المفوضية السلطة في مراجعة السجل الانتخابي، والمادة (24) الاعتراض على بيانات السجل البند (1) وإعادة صياغة البند(2)، إضافة للمادة (27) تأجيل انتخابات رئيس الجمهورية بقرار من المفوضية، والمادة (69) حظر استعمال إمكانات الدولة والموارد العامة لأغراض الحملة.


بواسطة : admin
 0  0  1179
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:45 مساءً السبت 4 مايو 2024.