• ×

حاطب ليل

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
للفنان الشعبي القلع عبد الحفيظ أغنية يقول مطلعها (يا عناقيد العنب/ ليه الدلال من غير سبب/ يا اخي المساكين ليها رب) وجدت نفسي هذه الأيام أردد قولة (المساكين ليها رب) لأنني مستصحب في بالي مزارعي مشروع الجزيرة، ففي موسم الحصاد ثبت فعلا أن العناية الإلهية أدركتهم ففيما يتعلق بالقطن فعقدهم (الماكر) مع شركة الأقطان يقول إن ثمن القطن يحدد ساعة البيع بما يجري في البورصة العالمية والأسعار المحلية وهذه الأيام الأسعار العالمية (دقت الدلجة) ولكن ربنا سخر لهم الدولة فقررت دعم الأسعار برفع سعر دولار الشراء وتثبيت سعر دولار المدخلات و(عصر) أصحاب المعاصر فأصبح السعر معقولا رغم أن العشم كان أكبر بكثير والدولة هنا مشكورة لأنها قامت بواجبها بدعم المنتج ومن أجل المواسم القادمة أما سيئة الذكر الشركة السلعلع فلا فضل لها لأنها لم تطرح نفسها كنقابة إنما تاجر وطلعت سمسار (نفسه صغيرة ).
فعلا المساكين ليها رب، فإنتاجية الذرة في معظم الجزيرة هذه السنة مش ولابد نتيجة لانعدام الأمطار أو قلتها وتخلف التقنية تجاه الأرض المنهكة وسوء لا بل فوضى التقاوى فمتوسط الإنتاجية لا يتجاوز الخمسة جولات على أحسن الفروض ولكن ربك رب الخير ارتفعت أسعار القصب (سيقان الذرة) بصورة جنونية وبلغت في بعض المناطق أكثر من ألف جنيه للفدان كما أن أرض الحصاد بيعت بالشيء الفلاني فأصبح عائد زراعة الذرة معقولا لأن العام عام محل وكما قال لي أحدهم (نحن السنة دي زرعنا قصب) وهكذا حال الزراعة والرعي مصائب هؤلاء رحمة بأولئك.
والله تمام "المساكين ليها رب" بدليل أن الفول السوداني والمزروع بمساحات واسعة في الجزيرة أصبح نجم الموسم فإنتاجيته عالية وأسعاره في السماء ولا عزاء لبتوع الزيوت والأمباز، فالسنة سنة زراعة وهذا هو حال الدنيا يوم ليك ويوم عليك فجوال الفول (مدراه) وصل مائة جنيه أما (الأرضية) فقد وصل مائة وخمسين جنيه هذا في حالة العبوة النظيفة (نأسف لعدم الترجمة لضيق الشريط ).
في منطقة غرب الجزيرة يقال إن المزارعين اعتادوا أن يحشوا الجولات بأي مكون من مكونات الفول ويشترى منهم بواقع ستين جنيها وهناك في سوق المدينة يقوم المشتري بفرز المحتويات يأخذ الفول النقاوة للمعاصر للزيت والأمباز ثم أن (الضقل والتبن ) تباع كعلف لأصحاب السعية حتى الطين العالق يباع لأصحاب المشاتل وهذا يعني أن الفاقد صفر فأسمى الناس هذه العملية ببرشلونة ففدان الفول ببرشلونة هذه يمكن أن يصل إلى أكثر من مائة وخمسين جوالا. أما لماذا سميت برشلونة فهذا ربما يرجع إلى أن برشلونة فاز بكل المنافسات هذا العام (الدوري الأسباني والأوربي وكأس العالم للأندية) أو ربما يرجع إلى طريقة اللاعب الأسطوري ميسي في توزيع الكرة والخصوم أو ربما أن الذين زرعوا الفول هذا العام استطاعوا شراء الكماليات بما فيها بطاقة الدوري الأوربي والكاليشو الأسباني والذي منه.
ما ذكرناه أعلاه لا يعني أن المزارعين أصبحوا في بحبوحة من العيش ولكن المسألة نسبية فالمزارعون نسبيا أحسن من غيرهم فإن (طرشق) القطن فقد نجح الفول السوداني وإن طرشقت الذرة فقد صح القصب منه وهذا يؤكد أن الزراعة نعمة وأن تحرير المزارع بموجب قانون 2005 هو الآخر نعمة ونسأل الله (شوية برد) من أجل القمح ويزيح عنا جماعات المصلحة و"المساكين ليها رب".

 0  0  2032
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:59 مساءً السبت 4 مايو 2024.